من دياز إلى الصيباري.. كيف نجح المغرب في إقناع المواهب بارتداء القميص الوطني؟

في السنوات الأخيرة، فرض المغرب نفسه كوجهة مفضلة للمواهب الكروية مزدوجة الجنسية، متجاوزًا العديد من المنتخبات الأوروبية التي كانت تعتمد على هذه المواهب لتعزيز صفوفها.
هذا النجاح لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة استراتيجية محكمة تبنتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، التي نجحت في استقطاب العديد من اللاعبين الذين كان بإمكانهم تمثيل منتخبات أخرى.
هذه الاستراتيجية تقوم على نهج متكامل يجمع بين التطوير الرياضي، والاهتمام بالجانب النفسي والإنساني للاعبين وعائلاتهم.
ويرى فان بويفيلد أن السر وراء هذا النجاح يكمن في النهج الذي تتبعه الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، والذي لا يعتمد فقط على استقطاب المواهب الكروية، بل على مرافقتها منذ مرحلة مبكرة بطريقة تضمن شعورها بالانتماء للمشروع الرياضي الوطني.
وأوضح في تصريحاته لصحيفة "ليكيب" الفرنسية أن المغرب يولي اهتمامًا خاصًا باللاعبين وأسرهم، حيث يتم استقبالهم بحفاوة وتوضيح المشروع الرياضي لهم بشكل احترافي، ما يجعلهم يشعرون بالأمان والاستقرار النفسي، وهو عامل حاسم في اتخاذ قراراتهم المصيرية بشأن المنتخب الذي سيمثلونه.
إحدى أهم نقاط القوة التي يعتمد عليها المغرب في استقطاب هؤلاء اللاعبين، حسب المتحدث ذاته، هي توفير بيئة رياضية متكاملة، تشمل بنية تحتية حديثة، مثل مركز محمد السادس لكرة القدم، الذي يعد من بين الأفضل عالميًا.
كما يتم منح اللاعبين الشباب، وفقا لذات المتحدث، فرصًا حقيقية للظهور على الساحة الدولية عبر المشاركة في بطولات كبرى، مما يعزز ثقتهم في المشروع الرياضي المغربي، إضافة إلى ذلك، فإن الجامعة المغربية تعمل على التواصل المستمر مع هؤلاء اللاعبين، ليس فقط من الجانب الرياضي، ولكن أيضًا من الجانب الاجتماعي والإنساني، حيث تحرص على خلق روابط عائلية وثقافية قوية بينهم وبين بلدهم الأم.
النجاح المغربي في هذا الملف لم يكن مجرد اجتهاد فردي، حسب فان بويفيلد بل جاء ضمن رؤية إستراتيجية واضحة، حيث تم تشكيل لجان تقنية مختصة لمتابعة المواهب في مختلف الدوريات الأوروبية، والتواصل مع اللاعبين وعائلاتهم بشكل مباشر.
هذا النهج جعل المغرب ينجح في إقناع عدد من المواهب الصاعدة بتمثيله، مثل إبراهيم دياز نجم ريال مدريد، وأسامة الصحراوي لاعب ليل الفرنسي، وأدم أزنو لاعب بلد الوليد الإسباني، وبلال ندير لاعب مارسيليا الفرنسي، وإسماعيل الصيباري لاعب إيندهوفن الهولندي، وإلياس بن صغير لاعب موناكو الفرنسي، وغيرهم من اللاعبين الذين فضلوا حمل قميص "أسود الأطلس" بدلًا من منتخبات أوروبية أخرى.
وأثار النجاح المغربي قلق عدد من الاتحادات الأوروبية، خصوصًا الاتحاد البلجيكي لكرة القدم، الذي خسر موهبة جديدة بعد قرار شمس الدين طالبي، اللاعب ذو الأصول المغربية، تمثيل المنتخب المغربي بدلًا من منتخب بلجيكا.
وهو ما يعكس قوة المشروع الكروي المغربي، الذي لم يعد مجرد خيار ثانوي بالنسبة للمواهب مزدوجة الجنسية، بل أصبح وجهة مفضلة نظرًا لما يوفره من استقرار وفرص تطور كبيرة.
التجربة المغربية في هذا المجال أصبحت نموذجًا يُحتذى به، حيث أثبتت أن كرة القدم الحديثة لا تقتصر فقط على الجانب الفني، بل تحتاج إلى رؤية شاملة تأخذ بعين الاعتبار العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية للاعبين.