أجندة مثقلة وانتظارات شعبية.. دورة الربيع تنذر بصدامات سياسية حاسمة – الجريدة 24

أجندة مثقلة وانتظارات شعبية.. دورة الربيع تنذر بصدامات سياسية حاسمة

الكاتب : انس شريد

06 أبريل 2025 - 08:30
الخط :

تتجه أنظار الفاعلين السياسيين والمهتمين بالشأن العام نحو البرلمان، مع اقتراب انطلاق دورة الربيع التي يُرتقب أن تشهد صدامات سياسية حاسمة، في ظل تزايد منسوب التوتر بين مكونات المعارضة والحكومة.

ويعقد مجلس النواب جلسة عمومية يوم الجمعة 11 أبريل 2025، إيذانًا بانطلاق الدورة التشريعية الثانية من السنة البرلمانية 2024-2025، وذلك طبقًا لمقتضيات الفصل 65 من الدستور.

هذه الجلسة المنتظرة تمثل عودة المؤسسة التشريعية إلى نشاطها بعد شهور من التوقف، وتُعدّ محطة أساسية في خريطة العمل السياسي والتشريعي الوطني، خاصة في ظل السياق الاقتصادي والاجتماعي الحرج الذي تمر به البلاد.

وتدخل الدورة الربيعية في ظل انتظارات واسعة من الشارع المغربي، المحمّل بأسئلة مؤجلة حول واقع المعيشة، ومآلات الإصلاحات الهيكلية التي وعدت بها الحكومة، في وقت تتصاعد فيه التحديات المرتبطة بغلاء الأسعار وتآكل القدرة الشرائية لشريحة واسعة من المواطنين، خصوصًا الفئات المتوسطة والفقيرة.

وتُراهن المعارضة على استثمار هذه الدورة لتصعيد لهجتها، عبر توجيه سهام النقد إلى الأداء الحكومي، وكشف ما تعتبره اختلالات في تدبير عدد من الملفات الحساسة التي تهم الشأن الاقتصادي والاجتماعي، مع المطالبة بتسريع وتيرة المصادقة على مشاريع القوانين المعروضة، وإدخال التعديلات التي سبق أن اقترحتها في إطار تعزيز الشفافية وضمان العدالة الاجتماعية.

من أبرز القضايا المطروحة في هذه الدورة ملف الحوار الاجتماعي، الذي يمثل ركيزة أساسية للاستقرار الاجتماعي في المغرب، وسط توقعات بجولات حاسمة بين الحكومة والنقابات.

هذا الملف يُعاد طرحه بقوة في ظل تصاعد المطالب بتحسين الأجور ومراجعة منظومة العمل، خاصة في القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم والإدارة العمومية.

وتُطرح الأسئلة مجددًا حول مدى التزام الحكومة بمضامين الاتفاقات السابقة، وقدرتها على تقديم حلول ملموسة تُرضي الشغيلة وتُراعي التوازنات المالية للدولة.

كما يبرز ملف إصلاح أنظمة التقاعد بوصفه واحدًا من الأوراش الكبرى التي تفرضها الضرورة، بالنظر إلى الوضعية الحرجة التي تعرفها صناديق التقاعد في المغرب، وهو إصلاح يتطلب توافقًا واسعًا، نظرًا لحساسيته الاجتماعية، ولارتباطه بحقوق ومكتسبات شريحة عريضة من الموظفين والعمال.

الإصلاح المرتقب يضع الحكومة أمام امتحان التوفيق بين متطلبات الاستدامة المالية وضمان الإنصاف الاجتماعي، في ظل تخوفات من أن تميل الكفة نحو تحميل التكاليف للفئات الأضعف.

في موازاة هذه القضايا الاجتماعية والاقتصادية، تواصل أجندة البرلمان انشغالها بمشاريع قوانين محورية على رأسها مشروع المسطرة الجنائية، الذي وصل إلى مرحلة حساسة من النقاش بعد أن قطع أشواطًا طويلة في التداول داخل اللجنة المختصة.

هذا المشروع، الذي يُرتقب أن يُحدث تحولًا نوعيًا في المنظومة الجنائية، يحظى باهتمام خاص من مختلف الفاعلين القانونيين والحقوقيين، لما يحمله من تعديلات جوهرية تتعلق بضمانات المحاكمة العادلة، وتقوية حقوق الدفاع، وتحديث أساليب التحري والتحقيق، في أفق إرساء عدالة أكثر نجاعة وإنصافًا.

ولا يقلّ أهمية عن ذلك ورش إصلاح منظومة العدالة، الذي تواصل الحكومة والبرلمان الاشتغال عليه بتدرج، من خلال الدفع بمجموعة من النصوص التأسيسية التي تناقَش حاليًا على مستوى لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان.

النصوص المرتقبة في هذا السياق لا تقتصر على تقنيات التشريع، بل تتجاوزها إلى إعادة طرح سؤال الثقة في العدالة، ومدى استقلالها وفعاليتها، خاصة في ظل مطالب اجتماعية واسعة بتقريب القضاء من المواطن وضمان عدالته وسرعته.

وفي قلب هذه الدينامية التشريعية، تعود مدونة الأسرة إلى واجهة النقاش، باعتبارها أحد الملفات الأكثر حساسية وتطلبًا لإجماع وطني واسع.

الدعوات المتزايدة إلى مراجعة هذا النص، تأتي في سياق التحولات المجتمعية التي يعرفها المغرب، والتطلعات إلى نظام أسري أكثر عدالة ومساواة بين الجنسين، دون الإخلال بثوابت الهوية الوطنية. النقاش حول هذه المدونة يتجاوز البعد القانوني، ليلامس قضايا القيم والمجتمع والدين، مما يجعل أي تعديل محتمل خاضعًا لحسابات دقيقة تتقاطع فيها السياسة بالدين، والاجتماع بالتشريع.

ويتوقع أن يشهد البرلمان نقاشًا محتدمًا حول تدابير الحكومة في مواجهة التضخم، والسياسات العمومية ذات الصلة بالتنمية، والتشغيل، والتعليم، والصحة، وهي مواضيع تمس مباشرة مصالح المواطنين وتستأثر باهتمامهم.

ومع استئناف أشغال البرلمان، يتجدد الأمل في أن يشكل العمل التشريعي أداة حقيقية لخدمة المواطن، لا مجرد واجهة شكلية. فالمغاربة يتطلعون إلى نقاشات جادة، وتشريعات نابعة من واقعهم، وأجوبة مقنعة عن الأسئلة التي تؤرقهم.

آخر الأخبار