اختلالات رقمية تشعل فتيل الغضب في سوق الجملة بالدار البيضاء

الكاتب : انس شريد

06 أبريل 2025 - 10:00
الخط :

اهتزّ سوق الجملة للخضر والفواكه بمدينة الدار البيضاء على وقع أزمة متصاعدة تهدد مصداقية واحد من أهم المرافق الاقتصادية بالعاصمة الاقتصادية، بعد أن فجّرت أعطال النظام المعلوماتي غضب التجار والمهنيين.

فبين شكاوى حول التلاعب بالمعطيات الرقمية وارتفاع الرسوم المفروضة، وُضع هذا المرفق تحت مجهر الاتهام، وسط دعوات متزايدة بفتح تحقيق شفاف لكشف المستور.

تجار السوق الذين لم يجدوا سبيلاً سوى التظاهر والاحتجاج، عبّروا عن غضبهم الشديد تجاه ما وصفوه بـ"الانحدار الخطير في نزاهة تدبير النظام الآلي" الذي يُفترض أن يكون أداة للرقابة والشفافية، لا وسيلة للغموض والتلاعب.

التحركات التصعيدية لم تأتِ من فراغ، بل جاءت تتويجًا لتراكم من الاختلالات التي دفعت بالمكتب النقابي لتجار ومستعملي السوق إلى مراسلة رئيسة جماعة الدار البيضاء، نبيلة الرميلي، بمطلب واضح وصريح: فتح تحقيق معمق بشأن ما يحدث داخل الحاسوب المركزي للسوق.

وأكد المكتب النقابي، المنضوي تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل، أن بحوزته أدلة دامغة تشير إلى وجود اختلالات متكررة في النظام المعلوماتي، بعضها سبق أن تم توثيقه ضمن تحقيقات قضائية سابقة أفضت إلى محاكمة وإدانة مسؤولين عن محاولات تخريب وتلاعب بالمعطيات الرقمية الحساسة.

المراسلة النقابية لم تكتف بسرد الماضي، بل سلّطت الضوء على وقائع حديثة لا تقل خطورة، أبرزها تعطيل النظام الآلي بدعوى إجراء تجارب تقنية، وهو ما أثار الريبة في صفوف المهنيين، خاصة في ظل استمرار التحقيقات التي تباشرها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.

وتتجاوز المطالب مجرد إصلاح تقني، بل تنادي بإعادة تشغيل النظام وفق معايير صارمة تضمن الشفافية وتحمي حقوق التجار من أي تدخلات غير مشروعة، وتقطع الطريق أمام أي محاولة لتهريب المعطيات أو استغلال الثغرات التقنية للتهرب من المحاسبة.

فالسوق، كما عبّر المهنيون، لم يعد يحتمل المزيد من التجاوزات، ولا يمكن أن يظل رهينة قرارات تقنية غير مفسَّرة، قد تحمل في طياتها نوايا تضرب في عمق العدالة الاقتصادية.

في قلب هذه الأزمة، يبرز عنصر آخر لا يقل أهمية، وهو الرسوم الجديدة المفروضة على دخول الشاحنات للسوق، والتي يصفها التجار بـ"الابتزاز المقنن"، إذ أصبحت كل شاحنة مجبرة على أداء سلسلة من الضرائب والرسوم تبدأ من 6% عند البوابة، تليها 6% أخرى عند الميزان، ثم 0.20% يؤديها الوكيل، بالإضافة إلى 1% ضريبة على القيمة المضافة.

أرقام قد تبدو مجرد نسب، لكنها في الواقع تمثل عبئًا ثقيلًا يُضاف إلى كاهل التجار ويُترجم مباشرة في ارتفاع أسعار المنتجات الموجهة للمستهلك النهائي.

الاحتجاجات، التي لم تعد مقتصرة على داخل السوق، بدأت تمتد إلى الرأي العام، بعد أن أصبحت جودة وسعر الخضر والفواكه مسألة تمس الحياة اليومية للمغاربة.

ففي ظل وضع اقتصادي هشّ، تصبح كل زيادة في الأسعار مصدر قلق واسع، ما يضع ملف سوق الجملة في صدارة القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تستحق فتح تحقيق لا يُجامل ولا يُؤجَّل.

وسط هذه العاصفة، يترقّب الجميع موقف جماعة الدار البيضاء، وعلى رأسها العمدة نبيلة الرميلي، التي أصبحت مطالبة بإعطاء إشارات قوية على نيتها في ترسيخ مبادئ الحكامة الرشيدة، والقطع مع كل أشكال الغموض أو المحاباة.

آخر الأخبار