بين تراجع الأداء ومقاطعة المدرجات.. ديربي بلا طعم في قلب دونور

بينما يستعد عشاق كرة القدم في المغرب لمتابعة ديربي الدار البيضاء المرتقب بين الرجاء والوداد، تأتي هذه المواجهة في سياق استثنائي لا يشبه سابقاته، بعدما تحوّل هذا الحدث الرياضي البارز من معركة على الألقاب إلى صراع رمزي من أجل الكرامة.
موسم شاحب يطبع مسار قطبي الكرة الوطنية، خرج فيه الفريقان خاليي الوفاض من جميع المنافسات، ليصبح الديربي بمثابة طوق نجاة أخير في موسم للنسيان.
وتأتي المباراة، التي ستقام مساء السبت على أرضية مركب محمد الخامس، بعد سلسلة من الانتكاسات التي أفرغت الموسم من كل رهاناته الكبرى. الرجاء والوداد ودّعا كأس العرش من دور الثمن، في خسارتين صادمتين أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي والمغرب التطواني على التوالي، لترتفع وتيرة الغضب في صفوف الجماهير، وتعلو الأصوات المطالِبة بمحاسبة المسؤولين عن هذا التراجع الحاد في الأداء والنتائج.
وفي خطوة تصعيدية غير مسبوقة، أعلنت فصائل الألتراس المساندة للفريقين مقاطعتها للديربي، احتجاجًا على ما اعتبرته تجاهلاً لمطالبها وتهميشًا لدورها داخل المنظومة الكروية.
ويعكس قرار المقاطعة حجم الهوة التي اتسعت بين المدرجات وإدارات الأندية، ويُجسّد فقدانًا متزايدًا للثقة في خيارات التسيير الرياضي، بعد موسم وُصف بأنه "الأضعف" خلال العقد الأخير.
وخرج الرجاء الرياضي، الذي عاش موسمه على وقع خيبات متتالية، مبكرًا من دوري أبطال إفريقيا، ثم فقد حظوظه في المنافسة على لقب الدوري، قبل أن يُقصى من كأس العرش بطريقة مهينة أمام فريق من القسم الثاني.
هذا المسار المُحبط فجّر غضب الجماهير، التي لم تتردد في توجيه انتقادات لاذعة إلى المكتب المسير، مطالبة برحيل الرئيس عبد الله بيراوين وتحميله مسؤولية "السقوط الحر" الذي يعيشه النادي.
الوضع في الوداد الرياضي لا يبدو أفضل حالًا، الفريق الأحمر، الذي دخل الموسم بطموحات كبيرة، اصطدم بسلسلة من الهزائم المفاجئة، وخروج مبكر من المسابقات القارية، ما أدى إلى تآكل رصيده من الثقة لدى الجماهير.
وأصبح المدرب الجنوب إفريقي رولاني موكوينا، الذي جاء برؤية تطويرية للفريق، موضع انتقاد واسع بعد عجزه عن تحقيق أي نتائج توازي طموحات الأنصار.
وتحوّلت صفحات التواصل الاجتماعي إلى فضاء احتجاجي صاخب، يطالب بالتغيير ويُحمّل الإدارة مسؤولية الأزمة.
في ظل هذه الأجواء، تتوجه الأنظار إلى ملعب محمد الخامس، الذي أعيد افتتاحه مؤخرًا بعد فترة إغلاق للصيانة، حيث من المرتقب أن يحتضن الديربي في ظروف تقنية جيدة.
الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، عبر رئيسها فوزي لقجع، أكدت جاهزية الملعب، واعتبرته رمزًا للعودة القوية للملاعب الوطنية إلى المشهد الكروي القاري والعربي.
من الناحية التقنية، يحاول الطاقم الفني للفريقين تحضير اللاعبين في أجواء مشحونة، وسط ضغوط جماهيرية متزايدة.
وأكد مدرب الرجاء، التونسي لسعد جردة الشابي، في تصريحات صحفية أن الاستعدادات تجري بوتيرة عادية، مشددًا على أهمية المباراة في ترميم العلاقة مع الجمهور ومحاولة تحسين ترتيب الفريق، الذي يحتل المركز الثامن بـ37 نقطة.
وقال الشابي إن المجموعة تسعى لتحقيق الفوز، رغم مرارة الخروج من كأس العرش، مضيفًا أن اللاعبين يدركون جيدًا ما تمثّله هذه المباراة لأنصارهم.
أما الوداد، الذي يحتل المركز الثالث برصيد 43 نقطة، فسيخوض اللقاء بطموح الحفاظ على موقعه ضمن الثلاثة الأوائل، في انتظار أي تعثر من الفرق المنافسة، لكن دون طموحات واقعية للمنافسة على اللقب، في ظل التفاوت الكبير في النسق مع المتصدر.
هكذا، يتحوّل ديربي هذا الموسم إلى محطة لاختبار قدرة الفريقين على تجاوز أزمة الثقة، ومصالحة الجماهير التي ملّت التبريرات.