هل بدأت حديقة الحيوانات عين السبع تتخلص من غبار التعثر؟

بعد سنوات من التأجيلات والتعثرات، بدأت بوادر الأمل تلوح في أفق مشروع إعادة تأهيل حديقة الحيوانات عين السبع بالدار البيضاء، إذ توصلت الحديقة مؤخرًا بأولى دفعات الحيوانات، في خطوة طال انتظارها أعادت الروح إلى هذا الورش الذي شغل الرأي العام المحلي طويلاً.
وقد جرى نقل هذه الدفعة في ظروف تحترم المعايير الدولية المعتمدة في نقل الحيوانات، بما يضمن سلامتها وراحتها، ضمن تصور متكامل لإعادة الحياة إلى هذا الفضاء البيئي العريق.
وتعد هذه الخطوة مجرد بداية لسلسلة من عمليات التزويد المرتقبة خلال الأسابيع المقبلة، إذ ينتظر أن تستقبل الحديقة أنواعًا أخرى من الحيوانات، من أجل استعادة التنوع البيولوجي الذي كانت تُعرف به لعقود. القائمون على المشروع يراهنون على تقديم نسخة عصرية من الحديقة، تجمع بين البعد البيئي والتربوي، وتستجيب في الآن ذاته لتطلعات ساكنة الدار البيضاء وزوارها من داخل وخارج المملكة.
وتُتوج هذه المرحلة مسارًا طويلاً من الأشغال التي انطلقت قبل سنوات بهدف إعادة تأهيل بنية الحديقة التحتية، وتوفير بيئة ملائمة تضمن راحة الحيوانات وسلامة الزوار على حد سواء.
المشروع، الذي تم وضع حجر أساسه في سنة 2014 أمام أنظار الملك محمد السادس، عرف في بداياته عراقيل متعددة، شملت الجوانب التقنية والمالية، ما تسبب في تأخر تسليمه وتزايد الشكوك حول مآله النهائي.
وفي هذا السياق، أكد كريم الكلايبي، النائب الأول لرئيس مقاطعة عين السبع المفوض له الأشغال والشؤون البيئية، أن وصول أول دفعة من الحيوانات يُعد خطوة مفصلية في اتجاه إعادة افتتاح هذا الفضاء البيئي الذي يشكل ذاكرة مشتركة لدى أجيال من سكان المدينة.
وأضاف، في تصريح صحفي توصلت به "الجريدة 24 "، أن المشروع في مراحله الأخيرة، وأن الحديقة ستحتضن أصنافًا متنوعة من الحيوانات ضمن فضاءات تحاكي بيئتها الأصلية، في انسجام مع أحدث المعايير العالمية.
تاريخيًا، كانت حديقة عين السبع أكثر من مجرد مكان لعرض الحيوانات؛ لقد شكلت نقطة التقاء بين الثقافة والطبيعة، ومتنفسًا بيئيًا للأطفال والعائلات، وفضاءً تعليميًا يستمد أهميته من تنوعه البيولوجي وثرائه الطبيعي.
ومع إعادة تأهيلها، تطمح السلطات المحلية إلى إعادة الاعتبار لهذا التراث البيئي، وتحويله إلى وجهة ترفيهية وتعليمية بمعايير حديثة.
ويبدو أن المدينة قررت تجاوز مرحلة التعثر، حيث تم توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية لتسريع وتيرة الأشغال وتأمين فضاءات إيواء الحيوانات، في أفق فتح الحديقة أبوابها أمام العموم خلال الأشهر المقبلة.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن الحديقة ستضم أكثر من 300 حيوان من 75 نوعًا مختلفًا، موزعين داخل فضاءات صُمّمت لتُحاكي بيئتهم الأصلية، بالإضافة إلى مسارات تعليمية ومرافق خدمية ومناطق ترفيهية مخصصة للعائلات.
في المقابل، طفت على السطح بعض الانتقادات بشأن الجانب الاجتماعي للمشروع، خاصة بعدما أعلنت عمدة الدار البيضاء، نبيلة الرميلي، أن تسعيرة الدخول ستُحدد في 80 درهمًا للبالغين و50 درهمًا للأطفال.
هذه الأرقام أثارت موجة من الجدل، إذ اعتبرها عدد من المواطنين مرتفعة مقارنة بالقدرة الشرائية لعدد كبير من الأسر، ما قد يهدد بتحويل الحديقة إلى وجهة حصرية لفئة محدودة دون أخرى.
ورغم هذه التحفظات، فإن الأمل ما يزال قائمًا في أن تنجح النسخة الجديدة من الحديقة في استعادة إشعاعها، وتقديم نموذج متناغم بين الحفاظ على البيئة وتوفير ترفيه هادف ومتاح.
فالمشروع لا يُراهن فقط على الجانب الترفيهي، بل يُعتبر ركيزة في التربية البيئية وتثقيف الأجيال الصاعدة، في زمن تزداد فيه الحاجة إلى نشر الوعي بقضايا الطبيعة وحماية الحياة البرية.