مخاوف برلمانية من شلل المشاريع التنموية بسبب أزمة العقار العمومي

الكاتب : انس شريد

12 أبريل 2025 - 10:00
الخط :

في ظل تصاعد التحديات التنموية واتساع الهوة المجالية بين الجهات، عاد ملف العقار العمومي ليطفو على سطح النقاش البرلماني، باعتباره أحد أبرز العقبات التي تُكبّل انطلاقة المشاريع الاستثمارية وتُعيق تحقيق العدالة المجالية المنشودة.

وفي هذا الصدد، وجه النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة محمد حماني سؤالاً شفهياً إلى الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، نبه فيه إلى الاختلالات التي تشوب عملية تعبئة العقارات، والتي تؤدي في كثير من الحالات إلى تعثر تنفيذ البرامج التنموية رغم جاهزية التصاميم والدراسات.

وأوضح حماني في معرض سؤاله أن غياب رؤية واضحة بشأن الأوعية العقارية المطلوبة لإنجاز المشاريع، يُفرغ البرمجة العمومية من مضمونها ويجعلها رهينة عراقيل بيروقراطية وتأخرات متتالية تفقدها فعاليتها.

وأكد أن عدداً من المشاريع الكبرى تتم المصادقة عليها دون التأكد من توافر العقارات اللازمة، أو من ملاءمتها للغرض المخصص لها، ما يطرح علامات استفهام حول نجاعة التخطيط التنموي ومدى التناسق بين المؤسسات المتدخلة.

وفي ظل تسارع وتيرة المتطلبات التنموية وارتفاع سقف الانتظارات لدى المواطنين، دعا النائب البرلماني إلى ضرورة إرساء تنسيق محكم بين مختلف المتدخلين، خصوصاً في ما يتعلق بتدبير العقار العمومي، من أجل تجاوز العراقيل الحالية وضمان انطلاق المشاريع في آجالها المحددة، حتى تؤتي أكلها على المستويين الاجتماعي والاقتصادي.

من جهتها، دخلت النائبة البرلمانية عن الحركة الشعبية فاطمة الكشوتي على الخط من زاوية مختلفة، لكنها مرتبطة جوهرياً بالمشكل ذاته، من خلال مساءلتها الحكومة عن نواياها الحقيقية في تحفيز الاستثمار داخل الأقاليم المهمشة.

في سؤال كتابي وجهته إلى الحكومة، دعت الكشوتي إلى اعتماد إجراءات ضريبية وعقارية جريئة من شأنها تحفيز المستثمرين على التوجه نحو المناطق التي تعاني من تهميش مزمن وافتقار لمقومات البنية التحتية الحديثة.

وشددت الكشوتي على ضرورة إعادة ربط هذه المناطق بالمراكز الاقتصادية الكبرى من خلال شبكات طرق مزدوجة وخطوط سكك حديدية، مؤكدة أن فك العزلة الجغرافية عن هذه الأقاليم سيكون بمثابة مدخل حقيقي لتحقيق الإقلاع التنموي الموعود.

واعتبرت أن الاستثمار في البنية التحتية بهذه الجهات لا يجب أن يُنظر إليه كعبء مالي، بل كرافعة اقتصادية واجتماعية من شأنها خلق فرص شغل، وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي، والحد من الهجرة القروية.

في ظل هذا التفاوت الصارخ في توزيع الاستثمارات، يُطرح سؤال العدالة المجالية بإلحاح أكبر، لا سيما وأن غيابها يُفضي إلى فجوات تنموية بين الجهات، تُعيق مسار بناء وطن مندمج ومتوازن.

ومن هذا المنطلق، تتساءل الأحزاب السياسية عن جدية الحكومة في تفعيل نموذج تنموي شامل، يُخرج الأقاليم المهمشة من دائرة الانتظار، ويجعل منها مراكز جذب اقتصادي، خاصة في ظل الرهانات الوطنية الكبرى المرتبطة بالتحضير لاحتضان كأس العالم 2030.

ورغم تأكيد رئيس الحكومة عزيز أخنوش في كلمة سابقة على أن ميثاق الاستثمار الجديد يضع العدالة المجالية ضمن أولوياته، من خلال دعم الاستثمارات الصناعية في المناطق النائية وتوفير 3500 هكتار من الأراضي لفائدة هذه المشاريع، إلا أن ذلك لا يُخفي استمرار التوجس من بطء التنفيذ، وتحوّل الشعارات إلى وعود غير قابلة للصرف في الواقع اليومي للمواطنين.

وقد أشارت الحكومة إلى إطلاق منصات رقمية تتيح للمستثمرين الولوج إلى معطيات شفافة حول العقارات المتاحة، في محاولة لتبسيط الإجراءات وجعل السوق العقارية أكثر انفتاحاً وفعالية.

آخر الأخبار