هل المعارضة على بُعد خطوة من تفعيل ملتمس الرقابة؟ – الجريدة 24

هل المعارضة على بُعد خطوة من تفعيل ملتمس الرقابة؟

الكاتب : انس شريد

14 أبريل 2025 - 10:00
الخط :

عاد النقاش حول ملتمس الرقابة ليحتل واجهة المشهد السياسي المغربي مع تجدد مواقف المعارضة وارتفاع منسوب الانتقادات الموجهة إلى الحكومة، خاصة في ظل اقتراب الاستحقاقات الانتخابية وتزايد المطالب بمحاسبة الأداء التنفيذي.

في هذا السياق، ترأس إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الاجتماع الأسبوعي للفريق النيابي للحزب، حيث أكد خلاله أن مقترح ملتمس الرقابة بات خطوة واقعية قابلة للتنفيذ، وليست مجرد ورقة ضغط رمزية كما كان يُنظر إليها في مراحل سابقة.

واعتبر لشكر أن تقديم هذا الملتمس سيشكل لحظة سياسية مفصلية، تتيح للمعارضة التعبير عن تصوراتها أمام الرأي العام وفتح نقاش عمومي يتماشى مع منطق المؤسسات وروح الدستور.

وأوضح لشكر أن موقف الاتحاد الاشتراكي لا يتأسس فقط على اعتبارات سياسية ظرفية، بل ينطلق من تقييم واقعي لإمكانات التأثير داخل المؤسسة التشريعية، وهو ما دفعه إلى اقتراح الملتمس كبديل عملي عن لجنة تقصي الحقائق بخصوص ملف "الفراقشية"، التي لم يُبلغ الحزب بتفاصيلها إلا قبل وقت قصير لا يتجاوز 48 ساعة، رغم إبداء رئيس الفريق موافقة مبدئية سابقة.

ومع ذلك، عبّر الحزب عن انخراطه في هذه المبادرة البرلمانية، داعيًا إلى استكمال التوقيعات، ومؤكدًا على أهمية تصدر الاتحاد للنقاش العمومي المتعلق بالقضية التي أثارت جدلًا سياسيًا وإعلاميًا واسعًا.

في الوقت ذاته، أشار الكاتب الأول إلى أن تفعيل لجنة تقصي الحقائق يظل أمرًا معقدًا إجرائيًا، بالنظر إلى الشروط والآجال المرتبطة بها، ما يجعل من ملتمس الرقابة مدخلًا أكثر نجاعة لتقييم الأداء الحكومي.

واعتبر أن التعويل على تباينات الأغلبية أو الرهان على توقيعات غير مضمونة هو تضييع لفرصة دستورية ثمينة، ينبغي استثمارها بشكل منسق ومبني على قرار سياسي واضح داخل المعارضة.

ومع عودة الجدل حول ملتمس الرقابة، تعود معه أيضًا الإشكالات القانونية والسياسية التي تطرح في كل مرة، إذ يتطلب تقديمه توقيع ما لا يقل عن خُمس أعضاء مجلس النواب، أي 79 نائباً على الأقل، ليُباشر بعد ذلك رئيس المجلس المسطرة القانونية بإشعار رئيس الحكومة، الذي يملك بدوره أجلًا لا يتجاوز خمسة عشر يومًا لتحديد موعد الجلسة المخصصة لمناقشة الملتمس والتصويت عليه.

هذه الدينامية السياسية الجديدة حظيت بدعم من قيادات معارضة أخرى، وعلى رأسهم الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، الذي أعاد التأكيد على استعداد المعارضة لتقديم ملتمس الرقابة رغم فشل المحاولة السابقة السنة الماضية.

وسبق أن أكد بنعبد الله، في كلمة له خلال ندوة سياسية بالدار البيضاء، اعتبر أن اللحظة السياسية الراهنة تمنح المعارضة فرصة سانحة لإعادة المحاولة، وتحويلها إلى محطة بارزة تسبق الانتخابات التشريعية لعام 2026، موضحًا أن عدم التمكن من طرح الملتمس خلال دورة أبريل السابقة لا يعني التخلي عنه، بل على العكس، قد يشكل تجديد المحاولة خطوة نوعية في مسار الرقابة البرلمانية وخلق دينامية نقاش سياسي عمومي يعيد للمؤسسة التشريعية بريقها ويقوي إشعاعها وسط المجتمع.

وبين تأكيدات الاتحاد الاشتراكي على ضرورة التحرك، ودعوة التقدم والاشتراكية إلى تحويل الملتمس إلى رافعة للمساءلة، تقف المعارضة أمام اختبار جديد يضع وحدتها وصلابة مواقفها على المحك، خاصة أن تفعيل هذه الآلية يتطلب تنسيقاً فعلياً مع أطراف أخرى كالعدالة والتنمية الذي ظل غائباً عن المشاورات في المحاولة السابقة.

وبين من يعتبر توقيت الخطوة متأخراً لكون الحكومة دخلت سنتها الأخيرة، ومن يرى في المبادرة تعبيراً سياسياً ضرورياً يسبق المعارك الانتخابية، يبقى السؤال مطروحاً: هل ستنجح المعارضة أخيراً في بلوغ النصاب وتقديم ملتمس رقابة حقيقي قادر على إرباك توازنات الأغلبية، أم أن المبادرة ستبقى حبيسة التصريحات كما في تجارب سابقة؟

آخر الأخبار