اتهامات بـ "البوز السياسي" تفجّر سجالا جديدا بين المعارضة وأخنوش

يتصاعد التوتر السياسي في المغرب بين الحكومة التي يقودها عزيز أخنوش والمعارضة البرلمانية، التي رفعت من لهجتها النقدية تجاه السياسات العمومية، وسط اتهامات متبادلة بـ"البوز السياسي" واستغلال القضايا الاجتماعية لأغراض انتخابية ضيقة.
في خضم هذا السجال، برزت تصريحات الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبد الله، التي حملت نبرة قوية في مواجهة ما اعتبره "تلميعًا سياسويًا" لصورة الحكومة من خلال وسائل غير نزيهة.
ولم يتردد بنعبد الله، الذي كان يتحدث خلال اجتماع فريق حزبه بمجلس النواب، في تحميل الحكومة مسؤولية ما وصفه بـ"الإخلال بالتزاماتها" تجاه المواطنين، مؤكدًا أن الواقع المعيشي المتأزم يتناقض بشكل صارخ مع الوعود التي حملها البرنامج الحكومي.
كما شدد على أن المعارضة، بمختلف أطيافها، تمارس أدوارها الدستورية في الدفاع عن مصالح الوطن والمواطنين، ضمن أطر الاحترام والمسؤولية، وليس بدافع الإثارة أو الاصطياد في المياه العكرة كما تلمّح الحكومة.
الجدل بلغ ذروته مع تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الدعم الموجه لمستوردي اللحوم، وهي مبادرة دفعت رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى وصفها بـ"البوز السياسي"، وهو توصيف لم يمر مرور الكرام لدى بنعبد الله، الذي رد عليه بحدة، معتبراً أن من يسعى خلف البوز هو من يوظف إمكانيات مالية وإعلامية ضخمة لتجميل صورة الحكومة، بدل الانكباب على معالجة هموم المواطن المغربي.
الاتهامات لم تقف عند حدود الخطاب السياسي، بل تجاوزته لتطال ممارسات ميدانية، حين كشف بنعبد الله عن ضبط شاحنة محمّلة بمواد غذائية داخل منزل وزير في الحكومة، في الليلة ذاتها التي صدر فيها مرسوم يتعلق بالإحسان العمومي.
هذا الحادث، حسب قوله، يكشف عن استغلال مفضوح للأنشطة الإحسانية في سياق حزبي وانتخابي يخدم حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقوده رئيس الحكومة نفسه.
وأشار بنعبد الله إلى أن عمليات توزيع المساعدات تتم في مناطق ودوائر انتخابية بعينها، يهيمن عليها برلمانيو الحزب الحاكم، في مشهد يعكس ما وصفه بـ"الاستمالة غير الأخلاقية للناخبين"، في تعارض صريح مع المبادئ الديمقراطية ومع فلسفة العمل الاجتماعي النزيه.
وأضاف أن الإحسان العمومي، إذا أريد له أن يكون فعلًا مواطنًا ونبيلًا، فينبغي أن يُمارس في شفافية تامة، بعيدًا عن أي شبهة سياسوية أو انتخابية.
في المقابل، كان رئيس الحكومة عزيز أخنوش قد وجّه خلال لقاء حزبي مع أعضاء التجمع الوطني للأحرار، دعوة إلى "التحلي بالمسؤولية السياسية" و"تبني خطاب عقلاني ومتزن"، منتقدًا لجوء المعارضة إلى ما اعتبره إثارة مفتعلة لقضايا حساسة بهدف زعزعة ثقة المواطن في المؤسسات، وخلق نوع من البلبلة داخل الرأي العام، قصد خلق البوز السياسي.
هذا السجال بين الأغلبية والمعارضة يعكس حالة من الاحتقان السياسي قبيل استحقاقات مرتقبة، ويعيد إلى الواجهة النقاش حول حدود العمل الخيري في الفضاء العام، ودوره في تعزيز التضامن الاجتماعي من جهة، أو تحريفه نحو مآرب حزبية من جهة أخرى.
كما يُبرز التحديات التي تواجه الأحزاب السياسية في ضبط العلاقة بين المسؤولية الاجتماعية والعمل السياسي، في ظل تصاعد انتظارات المواطنين واستمرار الضغط على الحكومة من أجل تقديم حلول واقعية وفعالة.