المغرب ورهان تعزيز أسلحته لمواجهة التهديدات الجوية.. 600 صاروخ أمريكي في الأفق

الكاتب : انس شريد

22 أبريل 2025 - 10:00
الخط :

يشهد المغرب تحولاً لافتاً في استراتيجيته الدفاعية، معزِّزاً موقعه الإقليمي كلاعب رئيسي في موازين الأمن بمنطقة شمال إفريقيا.

فالسنوات الأخيرة شهدت طفرة نوعية في التسليح المغربي، حيث عززت المملكة شراكاتها مع قوى عالمية مثل الولايات المتحدة، فرنسا، البرازيل، والهند، لتزويد قواتها المسلحة بأحدث الأنظمة القتالية والتكنولوجيات المتطورة.

ففي خطوة تحمل أبعاداً استراتيجية واضحة، طلبت الرباط من الولايات المتحدة الأمريكية شراء 600 صاروخ من طراز FIM-92K Stinger Block I، في صفقة محتملة تُقدّر قيمتها بنحو 825 مليون دولار أمريكي، وفقاً لما كشفته بوابة “ديفنس ويب” المتخصصة في الشؤون العسكرية.

هذه الصفقة، حسب التقرير ذاته، حظيت بموافقة مبدئية من وزارة الخارجية الأمريكية وأُخطر بها الكونغرس عبر وكالة التعاون الأمني الدفاعي (DSCA)، تشكّل مؤشراً جديداً على تصاعد وتيرة التحديث العسكري المغربي.

وتتضمن الصفقة، إلى جانب الصواريخ المتطورة، وفقا لذات التقرير، خدمات لوجستية وفنية وهندسية ستُشرف عليها شركتا “لوكهيد مارتن” و”آر تي إكس كوربوريشن”، ما يعكس حرص الرباط على الاستفادة من الخبرات الصناعية الأمريكية في تعزيز كفاءة منظومتها الدفاعية.

ويُعدّ الصاروخ المطلوب من أحدث إصدارات سلسلة “ستينغر”، ويتميّز بقدرته على الاشتباك من كافة الاتجاهات، فضلاً عن نظام الإقفال على الهدف بعد الإطلاق، مما يتيح له التعامل بفعالية مع الأهداف ذات المناورة العالية، خصوصاً المسيّرات والطائرات منخفضة الارتفاع.

الصاروخ مزود أيضاً بصاعق تقاربي يتيح تفجير الهدف بمجرد الاقتراب منه دون الحاجة للإصابة المباشرة، ما يجعله مثالياً لمواجهة التهديدات الجوية غير التقليدية، وهو ما يندرج ضمن الأولويات الدفاعية للمغرب في ظل التطورات التي باتت تفرضها طبيعة الصراعات الحديثة.

ومن المرتقب أن يُدمج هذا الطراز ضمن منصات دفاعية ذاتية الحركة، في تحول نوعي عن الأنظمة المحمولة على الكتف التقليدية.

تأتي هذه الخطوة في سياق خطة موسعة لتحديث قدرات الدفاع الجوي المغربي، والتي تشمل حالياً أنظمة فرنسية مثل ASTER 15 وCrotale، وإيطالية مثل Aspide، وأمريكية مثل Hawk وChaparral، إلى جانب الأنظمة السوفييتية مثل SA-7.

وتسعى الرباط من خلال هذه الاستراتيجية إلى تحقيق تغطية متكاملة لمجالها الجوي، مع التركيز على سد الثغرات في الدفاع القصير المدى، في ظل تزايد التهديدات المرتبطة بالطائرات بدون طيار والهجمات الجوية المفاجئة.

ويمثّل التعاون العسكري المتنامي بين المغرب والولايات المتحدة ركيزة أساسية في استراتيجية الرباط الأمنية، حيث تواصل واشنطن تزويد حليفتها في شمال إفريقيا بأحدث المعدات، ما يعكس ثقة متبادلة ومكانة المغرب كشريك موثوق في محيطه الإقليمي.

وتعزز هذه الصفقة مكانة المغرب كقوة صاعدة تتبنّى نهجاً استباقياً في التعامل مع التحديات الأمنية المستجدة.

وبعيداً عن الاستيراد، يعمل المغرب أيضاً على توطين الصناعات الدفاعية من خلال شراكات دولية تروم نقل التكنولوجيا وتعزيز القدرات الذاتية.

وتشير المعطيات إلى أن المملكة شرعت بالفعل في إنشاء بنية تحتية صناعية دفاعية، بما يتيح لها الانتقال من موقع المستورد إلى المنتج والمصنّع، في خطوة تستهدف تقوية استقلاليتها الاستراتيجية على المدى المتوسط والبعيد.

وسبق أن خصصت الحكومة المغربية ميزانية قياسية للقطاع الدفاعي ضمن قانون المالية لسنة 2025 بلغت 133 مليار درهم، ما يعكس إدراكاً رسمياً لأهمية امتلاك قدرات عسكرية متطورة تُواكب التحديات الإقليمية والدولية.

وتُعد هذه الميزانية الأكبر من نوعها في تاريخ المؤسسة العسكرية المغربية، وتأتي في وقت تتصاعد فيه وتيرة التسلح بالمنطقة وسط متغيرات متسارعة.

وأصبح المغرب يرسّخ موقعه كفاعل محوري في معادلة الردع الإقليمي، عبر مزيج من التحديث التكنولوجي، الشراكات الدولية، والتصنيع المحلي.

ويعكس ذلك توجهاً واضحاً نحو بناء قوة متماسكة قادرة على الاستجابة للتحديات الراهنة، وضمان أمن واستقرار البلاد في ظل بيئة أمنية لا تخلو من التهديدات.

ويُنتظر أن يُحدث اقتناء هذه الصواريخ نقلة نوعية في قدرات الدفاع الجوي المغربي، خصوصاً إذا ما أُقرّت الصفقة بشكل نهائي من الكونغرس الأمريكي.

وفي حال تحقق ذلك، ستكون من أكبر الصفقات من نوعها ضمن فئة الدفاع الجوي المحمول القصير المدى، وتشكل دلالة على أن المملكة تُراكم أوراق قوة جديدة على طريق بناء منظومة أمنية متكاملة.

آخر الأخبار