هل تُنهي التعديلات التشريعية أزمة الشيكات بدون رصيد؟

الكاتب : انس شريد

28 أبريل 2025 - 10:30
الخط :

أثار ملف الشيكات نقاشا ساخنا تحت قبة البرلمان، بعدما تطرق النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة عبد الرحيم بوعزة إلى الإشكالات الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن قضايا الشيكات، والتي خلفت آثارًا سلبية على العديد من الأسر والمتعاملين بهذه الوثيقة البنكية الحساسة.

وخلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، المنعقدة اليوم الإثنين 28 أبريل الجاري، دعا النائب عبد الرحيم بوعزة إلى إلغاء الدعوى العمومية في بعض قضايا الشيكات التي لا تتجاوز مبالغها حدودًا معقولة، مؤكدًا أن هذه الخطوة ستشكل رافعة أساسية للثورة التشريعية التي تشهدها المملكة.

واعتبر بوعزة أن مراجعة النصوص الجامدة وتحيين قوانين المسطرتين الجنائية والمدنية، إلى جانب إصلاح منظومة التعاملات البنكية، يمثل مسارًا حتميًا لضمان حماية حقوق جميع الأطراف وتعزيز الثقة في المعاملات المالية.

في رده على هذه الاشكالية، شدد وزير العدل عبد اللطيف وهبي، على أهمية الحفاظ على الشيك كوسيلة أساسية لتنشيط المعاملات التجارية، محذرًا مما سماه "قتل الشيك"، لما قد يخلفه من تداعيات خطيرة على الاقتصاد الوطني.

وأوضح الوزير أن الحكومة تشتغل على مقاربة تدريجية لمعالجة هذه الظاهرة، تقوم على منح المخالفين فرصة تصحيح أوضاعهم المالية، وذلك عبر أداء مبلغ الشيك وإسقاط المتابعة القضائية تلقائيًا، مع إلغاء الطابع الجنائي للشيكات المتبادلة بين الأزواج وتحويلها إلى نزاعات مدنية حفاظًا على الروابط الأسرية.

وكشف وهبي أن التعديلات الجارية بخصوص قانون الشيكات وصلت إلى مراحلها النهائية داخل الأمانة العامة للحكومة، مشيرًا إلى أنه لم يتبق سوى جلسة وحيدة قبل عرض مشروع القانون على المجلس الحكومي للمصادقة.

وأكد أن الإشكالية الأساسية تكمن في التوفيق بين حماية المحفظة النقدية للمواطنين وضمان سرية معطياتهم الشخصية، مشددًا على أن القانون الجديد يتجه نحو اعتماد عقوبات بديلة مثل السوار الإلكتروني بدلًا من الاعتقال المباشر في قضايا الشيك بدون رصيد، مع تمكين المخالفين من مهلة تمتد لشهر قابل للتمديد لتسوية الوضعية دون اللجوء إلى الزجر الجنائي الفوري.

وأضاف الوزير أن النص التشريعي الجديد يتضمن حلاً عمليًا عبر تحديد سقف مالي معين لا تستدعي تحته قضايا الشيكات المتعثرة المتابعة الجنائية، حيث أشار إلى احتمال تثبيت هذا السقف ما بين عشرين وخمسة وعشرين ألف درهم، انسجامًا مع الممارسات المعمول بها في عدد من الدول التي رفعت الطابع الجنائي عن هذا النوع من القضايا.

ولم يخف وهبي انتقاده الضمني للإيقاع البطيء في معالجة هذا الملف، قائلا بسخرية إن المغرب قد يحتاج إلى خمسة عقود أخرى للوصول إلى مرحلة تصبح فيها قضايا الشيكات نزاعات مدنية خالصة.

وفي معرض حديثه عن ضرورة الحفاظ على التعامل بالشيك، أكد وهبي أن الشيك يعد من الدعائم الأساسية لدينامية السوق والمعاملات المالية، مشددًا على أهمية عدم إفراغه من مضمونه القانوني والاقتصادي.

وكشف الوزير أن مشروع القانون الجديد يمنح المخالفين فرصة إضافية لتصحيح أوضاعهم قبل اللجوء إلى العقوبات المشددة، عبر اعتماد نظام تدريجي يمنع إصدار الشيكات عن كل من يكرر المخالفة ثلاث مرات متتالية.

وشدد على أن هذه الإصلاحات المرتقبة تسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين حماية دينامية الاقتصاد الوطني وضمان احترام الحقوق الفردية دون مساس أو تعسف.

وفي ظل تصاعد الجدل حول التعاطي القانوني مع قضايا الشيكات، يبدو أن المغرب يتجه بخطى حذرة نحو إعادة صياغة توازن جديد بين مقتضيات الأمن الاقتصادي ومتطلبات العدالة الاجتماعية، في محاولة لإيجاد حلول واقعية تواكب تطورات السوق وتحمي في الآن نفسه الحقوق المشروعة للأفراد.

آخر الأخبار