مسؤولون وخبراء يُشخصون واقع ورش الدولة الاجتماعية.. الحماية والكرامة أولوية وطنية

قارب المشاركون في ندوة وطنية، اليوم الثلاثاء بالرباط، ورش الدولة الاجتماعية ورهاناتها من زوايا مختلفة.
وأكدوا خلال هذه الندوة، التي ينظمها المرصد الوطني للتنمية البشرية، على الحاجة المتزايدة إلى تجديد وظائف الدولة، وإعادة بناء التعاقد الوطني على أسس من الكرامة، والعدالة، والتماسك.
واعتبروا أن ورش الدولة الاجتماعية أضحى أحد الأوراش الوطنية الهيكلية، وركيزة محورية في تصور الدولة الحديثة، مضيفين أن هذا الورش يعيد الاعتبار لمبدأ الدولة الحامية للحقوق الأساسية، كفاعل مركزي في تحقيق التوازنات الاجتماعية، وتقليص الفوارق، وصيانة التماسك ومحاربة الفقر والهشاشة والرقي بالمجتمع المغربي إلى مستويات أفضل.
وبهذه المناسبة، توقف عبد الجبار الراشدي، كاتب الدولة المكلف بالإدماج الاجتماعي في وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عند الواقع الاجتماعي في المغرب.
واستعرض، كاتب الدولة في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية، مختلف الأوراش الإصلاحية ومبادرات تثبيت ركائز الدولة الاجتماعية كما يرعاها صاحب الجلالة الملك محمد السادس على مستوى تعميم التغطية الصحية والحماية الاجتماعية والإنصاف الاجتماعي والمجالي والنهوض بالطبقة المتوسطة وبشرائح اجتماعية كبيرة جدا.
وأبرز أن المغرب انطلق اليوم في تتبيث نموذجه الاجتماعي وركائز الدولة الاجتماعية في سياق متغيرات دولية، مضيفا أن المملكة تمضي اليوم في تعزيز السيادة الغذائية والطاقية والدوائية.
وبحسب السيد الراشدي، فإن المغرب اختار هذا النهج بقيادة جلالة الملك لتركيز أسس الدولة الاجتماعية مع العمل، بالخصوص، على دعم الاستثمار والمقاولات.
من جهته، أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، عبد القادر اعمارة، أن المغرب ماض بخطى ثابتة في جعل الحماية الاجتماعية التزاما راسخا، وحقا فعليا، مكفولا لكل فرد، طيلة حياته، بغض النظر عن وضعه المهني أو الاجتماعي.
وأضاف اعمارة، في كلمة ألقاها بالنيابة عنه عبد الصادق السعيدي، رئيس لجنة الجهوية المتقدمة والتنمية الترابية بالمجلس، أنه انطلاقا من الرؤية والتوجيهات الملكية السامية، ومنذ اعتماد القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية سنة 2021، خطت المملكة خطوات مهمة نحو تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي، مسجلة نتائج ملموسة، لاسيما على مستوى برامج التغطية الصحية والدعم الاجتماعي المباشر.
وأشار إلى أنه ومن أجل استكمال التنزيل الأمثل لهذا الورش المجتمعي وتحقيق غاياته الإنسانية الطموحة، يقترح المجلس عددا من التوصيات تهم، على الخصوص، الركائز الأساسية لمنظومة الحماية الاجتماعية.
من جانبه، قال نائب رئيس جامعة محمد الخامس- الرباط، عمر حنيش، إنه إذا كانت الدولة الاجتماعية تُحيل في أحد أوجهها على البعد التوزيعي للثروة والفرص، فإنها، في السياق المغربي، تستبطن أيضا بعدا مؤسساتيا عميقا، يتمثل في إعادة هيكلة العلاقة بين المواطن والدولة، وتعزيز الثقة في السياسات العمومية، وربط قوة السياسات الاجتماعية للدولة بمدى قدرتها على تحقيق الرفاه المشترك والاستجابة للحاجات المتجددة للمجتمع.
وأوضح حنيش، وهو أيضا رئيس المركز متعدد التخصصات في حسن الأداء والتنافسية، أن هذه الندوة لا تقتصر على مساءلة الإطار النظري للدولة الاجتماعية، بل تسعى إلى تفكيك محدداتها السياسية والدستورية، واستشراف إمكانيات تفعيلها الميداني، في مجالات شديدة الحساسية، من قبيل التعليم، الصحة والتشغيل، والحماية الاجتماعية، مع التوقف عند رهانات التمويل، ومكانة الجماعات الترابية، وتقاطعات الأداء المؤسساتي.
وأكد على أن الجامعة المغربية اليوم، وبشكل خاص جامعة محمد الخامس، مدعوة إلى تجاوز دورها التقليدي في التعليم والتكوين، لتضطلع بدورها كمحرك للفكر النقدي، ومصدر للخبرة العلمية، وشريك موثوق في رسم السياسات.
وتتواصل أشغال هذه الندوة، التي يشارك فيها أكاديميون ومسؤولون حكوميون وعموميون وخبراء، بمناقشة مواضيع تهم أساسا "السياسات الاجتماعية بين الضرورة الاقتصادية والعدالة المجتمعية"، و"واقع تعميم الحماية الاجتماعية"، و"الدولة الاجتماعية بين التحديات والرهانات"، وكذا "الأدوار الاجتماعية للجماعات الترابية في ظل الدولة الاجتماعية".