حماس والجزيرة: فرقة الدعم اللوجستي لحكومة نتنياهو

الكاتب : الجريدة24

24 مايو 2025 - 07:00
الخط :

بين تعنّت “حماس "وحماسة البث الإخواني، تواصل غزة دفع ثمن حرب تخدم أكثر من يقصفها ويفنيها.

منذ أكتوبر الماضي أو طوفان الكارثة، لم تهدأ غزة، ولم تتقدّم القضية الفلسطينية خطوة واحدة إلى الأمام. حرب مفتوحة، آلاف القتلى، دمار شامل، ومشهد سياسي يتكرّر: حماس ترفض، تتعنت وتتبجح وتستغيث بإخوانها في العالم للتظاهر ضد الحكام لزرع الفتنة وسط الشعوب عملا بمقولة علي وعلى اعدائي ،إسرائيل تقصف، وتدمر وتفني والجزيرة تغطي هنا وهناك ،وكأنها ثلاثية مقدّسة لا يمكن كسرها.

وسط هذا الجحيم، يتقدّم نتنياهو كأكبر الرابحين، مستندًا إلى ما يمكن وصفه بأغرب تحالف غير معلن في تاريخ الصراع: عدوّان يتبادلان إطلاق النار، لكنهما يمدّان بعضهما بأسباب الحياة السياسية

لا يحتاج بنيامين نتنياهو إلى كثير من الحيلة للبقاء في السلطة، طالما أن حركة حماس الإخوانجية تقوم بالمهمة مجانًا، بل بحماسة لا مثيل لها. فبينما يُحاصر الرجل بالفساد، وتنقلب عليه أصوات في الداخل الإسرائيلي، تأتيه “هدايا المقاومة” من غزة على طبق من نار، ترفع شعبيته وتطيل عمر ائتلافه المتطرف… ويا للمفارقة، باسم تحرير فلسطين!

حماس، التي لم تنتصر يومًا في معركة سوى في “سردياتها الإعلامية”، تتصرف وكأنها جيش دولة عظمى. لا حساب للكلفة، لا مراجعة للاستراتيجية، لا اكتراث بمصير مليون طفل في غزة. كل ما يهم هو أن “لا تهدئة بلا شروط”، ولو تحول القطاع إلى مقبرة مفتوحة. مشكلتها ليست في إسرائيل… بل لخدمة الاخوان وايران.

منذ أسابيع وحماس ترفض عروضًا متتالية لوقف إطلاق النار، ليس لأنها فخّ إسرائيلي، بل لأنها… لا تعجبها الصياغة! والسبب المعلن: الاحتفاظ بورقة الأسرى. لوهلة، يبدو الأمر نبيلاً. لكن حين تدفع آلاف العائلات حياتها ثمناً لبقاء “أوراق تفاوض” لدى كتائب القسام، يصبح من المشروع التساؤل: هل تحوّلت حماس من حركة مقاومة إلى شركة مفاوضات موسمية؟ هل الأسرى أكثر أهمية من مئات الأطفال الذين تُنتشل أشلاؤهم من تحت الركام يوميًا؟هل اصبحت هذه المقامة من اجل الكاميرات ؟

ثمّة شيء أكثر خطورة: كلما ارتفعت أصوات داخل إسرائيل تطالب بوقف الحرب، تتكفل حماس—من حيث لا تدري، أو تدري جيدًا—بخنقها بصاروخ، أو بعملية جديدة، تُعيد نتنياهو إلى الواجهة بطلاً ملاحقًا لـ”الإرهاب”. بهذا المعنى، تشكّل حماس أحد أهم مصادر الشرعية السياسية لنتنياهو في اللحظة الراهنة، سواء اعترفت أم كابرت.

أما قناة الجزيرة منبر الاخوان لا منبر الشعوب فحدث ولا حرج. تغطية متواصلة، صور دامعة، قصص مأساوية تروى بأسلوب ميلودرامي، لكن ضمن قالب لا يتغير: “المقاومة بخير، العدو متخبط، والنصر آتٍ لا محالة”. كأنهم يغطّون حربًا تجريبية في لعبة فيديو، لا مأساة إنسانية يعيشها ملايين.

الجزيرة لا تطرح الأسئلة الحقيقية: ما فائدة استمرار الحرب؟ من يقرر مصير الغزّاوِيّين؟ هل هناك بديل سياسي عن حماس؟ ما مصير القطاع بعد “الانتصار الموعود”؟ ببساطة، هذه أسئلة لا تليق بـ”الرؤية التحررية” للإعلام الإخواني، الذي يقدّم الدم كقربان مقدّس للكاميرا، لا للمصلحة الوطنية.

لنفترض، فقط لنفترض، أن نتنياهو الشريك الغير المعلن جلس في غرفة تخطيط وقال: “ما الذي أحتاجه لأبقى في الحكم؟” ستكون إجابته:

-عدو مستمر.

-مقاومة متهورة.

-تغطية إعلامية تحرف الأنظار عن هزيمة المقامة

وحين ينظر حوله، يجد حماس والجزيرة تقومان بذلك باجتهاد لا تحققه حتى الأجهزة الرسمية. وهنا تكتمل دائرة العبث: مقاومة تقتل نفسها، إعلام يبرر، ويمين إسرائيلي يربح

الخاسر الوحيد في هذه الحرب ليس إسرائيل ولا حتى حماس ولا الجزيرة. الخاسر هو الشعب الفلسطيني، الذي أصبح رهينة بين مشروع استيطاني يريد محو وجوده، ومشروع مقاومة إخواني يريد تأبيد معاناته لتوظيفها في الخطاب والمفاوضات.

ما الفرق بين من يقصفك بحجة الأمن، ومن يرفض وقف القصف بحجة الكرامة؟ كلاهما يشكل معادلة ،نتيجتها تخدم مصلحة الطرفين ،ولو فكرت حماس قليلا في هزيمة نتنياهو وبن غفير وسموتريتش لأطلقت سراح المخطوفين.

آخر الأخبار