المعارضة: غياب الإنصاف يهدد ورش الحماية الاجتماعية و"مدخول الكرامة" تحول إلى وعد معلق

في جلسة عامة ساخنة بمجلس المستشارين، وجهت فرق ومجموعات المعارضة انتقادات لاذعة للحكومة بشأن ما اعتبرته اختلالات بنيوية في تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، متهمة إياها بتغييب العدالة في الخدمات العمومية، والتقاعس عن الوفاء بالتزاماتها تجاه الفئات الهشة، وسط تحذيرات من مخاطر المساس بمصداقية منظومة الدعم الاجتماعي المباشر.
ودعت المعارضة، التي تحدثت خلال جلسة خصصت لمساءلة رئيس الحكومة عزيز أخنوش حول السياسة العامة المرتبطة بالإنصاف والحماية الاجتماعية، إلى وقف ما وصفته بـ"تسليع الخدمات العمومية"، مشددة على ضرورة مراجعة المؤشرات المعتمدة لتحديد الاستحقاق في الاستفادة من الدعم.
في هذا السياق، طالب امبارك السباعي، رئيس فريق الحركة الشعبية، الحكومة بتوضيح مصير عدد من الوعود التي أعلنتها في بداية ولايتها، وعلى رأسها "مدخول الكرامة"، الذي كان يُفترض أن يضمن 1000 درهم شهرياً لكل مسن مغربي.
كما تساءل عن مآل "بطاقة الرعاية الذكية"، التي كان يُفترض أن تتيح الولوج المجاني إلى العلاج، وهو ما يثبت أن ورش الحماية لا زال متأخرا.
وأشار السباعي إلى أن تمويل ورش الحماية الاجتماعية يعتمد بشكل كبير على مساهمات المواطنين، بينما تسهم الدولة بنسبة محدودة، وهو ما يطرح، بحسبه، تساؤلات مشروعة حول استدامة النظام في ظل ارتفاع البطالة، وتردد العاملين في القطاع غير المهيكل عن الانخراط، واتساع رقعة الفقر والهشاشة الاجتماعية.
القلق نفسه عبّر عنه لحسن نازهي، منسق مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الذي أكد أن الإنصاف الاجتماعي لا يمكن اختزاله في التدابير والموازنات، بل يجب أن يُترجم عبر اختيارات سياسية واضحة تعلي من شأن الإنسان.
وأشار إلى أن واقع الفقر والبطالة والهدر المدرسي وغياب التغطية الصحية يكشف تناقضاً بين الشعارات الرسمية والمعيش اليومي للمواطنين، محمّلاً الحكومة مسؤولية الفشل في ترجمة مشروع الحماية الاجتماعية إلى واقع ملموس.
وفي ما يخص المنظومة الصحية، اعتبر نازهي أن الولوج إلى العلاج أصبح امتيازاً طبقيًا، وأن أسعار الأدوية تجاوزت قدرة المواطنين، في وقت تحقق فيه شركات الأدوية أرباحاً خيالية.
وأكد أن أداء اشتراكات التأمين لا يقابله تحسن في الخدمات، محذرا من اختلالات تمويل المنظومة.
في السياق ذاته، نبه الفريق الاشتراكي ـ المعارضة الاتحادية إلى تنامي ظاهرة الاحتيال في الاستفادة من الدعم الاجتماعي، مؤكداً أن اختراقات ممنهجة تستهدف الالتفاف على شروط الاستحقاق، حيث يمتنع بعض العمال عن التصريح بأنفسهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من أجل الاستفادة من الدعم العمومي، بل ويشترطون على مشغليهم ذلك، مما يتيح لهم الجمع بين الأجر والدعم في وقت واحد.
وشدد رئيس الفريق، يوسف أيدي، على أن استمرار هذه الممارسات يقوّض فلسفة التضامن الاجتماعي التي يقوم عليها المشروع، ويعرّض منظومة الدعم لفقدان مصداقيتها وفعاليتها في الوصول إلى الفئات المحتاجة فعلاً، مطالباً الحكومة بتفعيل آليات صارمة للرقابة، وضمان توزيع عادل ومنصف للدعم العمومي.