مجلس الدار البيضاء يصادق والمعارضة تصعد.. خلاف سياسي حاد بسبب "فيلا تاريخية"

الكاتب : انس شريد

10 يونيو 2025 - 09:30
الخط :

سادت أجواء من التوتر والجدل الحاد أشغال الدورة الاستثنائية التي عقدها مجلس مدينة الدار البيضاء، يوم الثلاثاء 10 يونيو 2025، بسبب نقطة مثيرة للجدل تتعلق بإعلان المنفعة العامة ونزع ملكية قطعة أرضية توجد عند ملتقى شارعي أنفا والزرقطوني بمقاطعة سيدي بليوط، وهي نفس البقعة التي كانت تضم في السابق فيلا "موفيليي" التاريخية، والتي جرى هدمها في ظروف وصفت بـ"المريبة".

وتسبب هذا الملف، في انقسام حاد داخل المجلس الجماعي بين الأغلبية والمعارضة.

وجاءت الدورة الاستثنائية، التي ترأسها الحسين نصر الله، النائب الأول لعمدة الدار البيضاء، عقب اجتماع سابق للجنة التعمير وإعداد التراب والممتلكات والبيئة، خُصص لدراسة النقطة المتعلقة بالإعلان عن المنفعة العامة ونزع الملكية العقارية.

وأكد نصر الله، في بداية الجلسة، أن نزع الملكية إجراء قانوني محض يستند إلى مبدأ المصلحة العامة، مشددًا على أن العقار موضوع القرار هو المحور وليس المالك، وأن السلطة الإدارية هي الجهة الوحيدة التي تملك صلاحية إعلان صفة المنفعة العامة وفقًا للمساطر القانونية المعمول بها.

وأوضح نصر الله أن الملف تمت إحالته إلى مجلس المدينة من طرف عامل عمالة الدار البيضاء-أنفا، وأن المجلس كان ملزمًا بإدراجه في جدول الأعمال بناءً على طلب العامل، مضيفًا أن عملية المصادقة على إعلان المنفعة العامة لا تعني الشروع الفوري في التنفيذ، بل تفتح مسارًا إجرائيًا طويلاً يمر من الوالي إلى وزارة إعداد التراب الوطني والإسكان، ثم إلى الأمانة العامة للحكومة.

وأشار نائب العمدة إلى أن الأرض المعنية تعرف مشاكل تتعلق بركود المياه، وهو ما يشكل تهديدًا بيئيًا محتملاً ويُفترض أن يعزز دوافع تخصيصها لإنشاء مرفق عمومي يخدم الساكنة.

من جهتهم، عبّر أعضاء من المعارضة، خاصة ممثلي حزب العدالة والتنمية، عن اعتراضهم الشديد على القرار، واعتبروه غير مبرر، بل ومشوبًا بشبهات استهداف غير مبرر لمستثمر عقاري اقتنى الأرض بشكل قانوني، وحصل على رخصتي الهدم والبناء، وشرع في الأشغال قبل أن يتم توقيفها بشكل مفاجئ.

وأوضح المستشار مصطفى الحايا أن صاحب المشروع لجأ إلى القضاء وحصل على حكم لصالحه، إلا أنه تفاجأ بإعلان المنفعة العامة الذي وصفه بـ"الضربة الاستثمارية"، مشيرًا إلى وجود قطع أرضية أخرى قريبة من الموقع ذاته كان بالإمكان استغلالها لإنجاز المشروع العمومي المنشود.

وشدد الحايا، على أن هذا القرار من شأنه التأثير سلبًا على مناخ الأعمال والثقة في المؤسسات، داعيًا وزارة الداخلية إلى التدخل لوقف ما وصفه بـ"النزيف"، ومطالبًا المجلس بتوخي الشفافية والعدالة في اختيار العقارات التي تُعلن ذات نفع عام.

كما أشار إلى أن المشروع المثير للجدل لا يمكن تنفيذه في الأجل المنظور بالنظر إلى العراقيل التقنية والإدارية، مما يطرح تساؤلات حول التوقيت والدوافع الحقيقية الكامنة وراء هذه الخطوة.

ورغم الأصوات المعارضة، صوت أغلب أعضاء المجلس لصالح القرار، وسط استياء واضح من جمعيات مدنية وفاعلين في مجال حماية التراث، الذين اعتبروا أن ما جرى بموقع "فيلا موفيليي" يُعد جزءًا من مسلسل التنازل عن الإرث المعماري للدار البيضاء، خاصة أن الفيلا التي تعود إلى الحقبة الكولونيالية كانت تشكل أحد المعالم العمرانية البارزة، قبل أن يتم هدمها دون أي توضيحات للرأي العام، ودون محاسبة الجهات التي سمحت بذلك.

وقد سبق لهذا الملف أن تسبب في إعفاء عامل عمالة أنفا السابق رغم عدم مسؤوليته المباشرة عن القرار، بينما ظل مسؤولون آخرون، من بينهم مدير الوكالة الحضرية، خارج دائرة المساءلة.

واعتبر عدد من المتتبعين للشأن المجتمعي في تدويناتهم أن مجلس المدينة تأخر في التدخل لاسترجاع هذه الأرض ذات القيمة الاستراتيجية، داعين إلى إعادة الاعتبار للموقع من خلال بناء مرفق عمومي أو منشأة ثقافية تليق بمكانة الحي وبذاكرة المدينة.

آخر الأخبار