مؤسس سابق للبوليساريو: الكيان الانفصالي لا يمثل الصحراويين الحقيقيين

الكاتب : انس شريد

14 يونيو 2025 - 02:30
الخط :

اتهم البشير الدخيل، أحد مؤسسي جبهة البوليساريو سابقًا، الجزائر باستغلال ملف الصحراء المغربية خدمة لأجندات جيوسياسية تتجاوز مصلحة الصحراويين وتتناقض مع منطق التسوية الواقعية للنزاع، معتبرًا أن الكيان المسمى بـ"الجمهورية الصحراوية" لا يعكس حقيقة الانتماء السكاني للأقاليم الجنوبية، بل تم تشييده من عناصر متعددة الجنسيات لا تمثل الساكنة الصحراوية الأصلية.

جاء ذلك خلال مشاركته في مائدة مستديرة نظمتها مؤسسة علي يعته، بحضور نخبة من الباحثين والسياسيين، حيث قدم الدخيل شهادته باعتباره شاهدًا على مرحلة التأسيس الأولى للبوليساريو، وما رافقها من تدخلات خارجية، كانت الجزائر أبرز أطرافها.

وأكد الدخيل أن إحصاءات رسمية صادرة عن الأمم المتحدة عام 1988 بيّنت بوضوح أن الغالبية الساحقة من الأشخاص المعنيين بالنزاع حول الصحراء يقيمون داخل التراب المغربي، وتحديدًا في الأقاليم الجنوبية، ما يدل، بحسب قوله، على أن المغرب يحتضن فعليًا أغلب الصحراويين، ويؤمّن لهم بيئة اجتماعية ومدنية تتيح المشاركة السياسية والتنموية، في مقابل وضع غير إنساني تعانيه أقلية تم احتجازها في مخيمات تندوف، دون تمثيلية ديمقراطية حقيقية أو حق في تقرير مصير فردي.

وفي معرض تحليله للخلط المفاهيمي القائم بين الهوية الصحراوية والانتماء الانفصالي، شدد المتحدث على أن هذه الثنائية مغلوطة ومضرة بالنقاش السياسي، لأن الانتماء الصحراوي لا يعني بالضرورة تأييد الطرح الانفصالي، بل إن أغلب الصحراويين يعتبرون الصحراء جزءًا لا يتجزأ من السيادة المغربية، في امتداد تاريخي تؤكده وقائع مقاومة الاستعمار.

وأضاف أن الحكم الذاتي، الذي يقترحه المغرب كحل سياسي للنزاع، لا يتنافى مع مبدأ السيادة الوطنية، بل يمثل صيغة ديمقراطية معمولًا بها في عدد من الدول الغربية المتقدمة، حيث يتم الاعتراف بالتنوع الجهوي والثقافي، في إطار الوحدة القانونية والسياسية للدولة.

واعتبر أن هذا النموذج، في حال تبنيه فعليًا، من شأنه أن يعزز مسار التنمية ويُمكّن ساكنة الصحراء من تسيير شؤونهم بشكل مباشر، ضمن رؤية تشاركية لا تمس بالوحدة الترابية.

 

ورفض البشير الدخيل أي تصور للحل يقوم على العاطفة أو الشعارات الأيديولوجية، مشيرًا إلى أن الأساس لا بد أن يكون مواطنة حديثة قائمة على خضوع الجميع للقانون، دون استثناء ولا امتياز، مؤكدًا أن أي صيغة للحل، سواء كانت حكمًا ذاتيًا أو جهوية موسعة أو حتى فيدرالية، ستظل بلا جدوى إذا لم تكن مرتكزة على احترام الحقوق والواجبات وضمان العدالة والمساواة داخل إطار الدولة.

 

ودعا إلى ضرورة القطع مع الخطاب الانفعالي الذي يربط بين الصحراوي والانفصال، موضحًا أن الصحراء، باعتبارها رقعة جغرافية مغربية، تحتضن مواطنين مغاربة، سواء كانوا من أصول صحراوية أو غيرها، وأن الانتماء الترابي لا يمكن أن يُختزل في موقف سياسي متطرف.

واختتم المتحدث مداخلته بدعوة القوى السياسية والمدنية إلى إعادة قراءة قضية الصحراء بمنطق المصالحة التاريخية والتنمية المستدامة، بعيدًا عن الاصطفاف الإيديولوجي، معتبرًا أن المستقبل لا يمكن أن يُبنى إلا على تعاقد وطني شامل يُعلي من شأن المواطن، ويجعل من السيادة والتنمية والكرامة أركانًا لأي حل دائم وشامل للنزاع.

آخر الأخبار