ارتفاع الحرارة يرفع خطر التسمم الغذائي بالمغرب وسط تحذيرات من غياب الرقابة

الكاتب : انس شريد

14 يونيو 2025 - 03:30
الخط :

في ظل ارتفاع درجات الحرارة الذي يشهده المغرب مع بداية فصل الصيف، تتصاعد المخاوف من تنامي حالات التسمم الغذائي، خصوصاً مع تزايد استهلاك المنتجات سريعة التلف، وضعف المراقبة الصحية في عدد من الأسواق.

حادثة التسمم الجماعي الأخيرة التي سُجلت بدوار تابع لجماعة مشرع العين في إقليم تارودانت أعادت هذا القلق إلى الواجهة، بعد إصابة عدد من السكان، معظمهم أطفال، بأعراض حادة إثر تناولهم فاكهة البطيخ الأحمر، ما استدعى نقل 12 حالة إلى المستشفى الإقليمي للعلاج،.

ويُعد البطيخ الأحمر من أكثر الفواكه استهلاكاً خلال فصل الصيف، نظراً لطراوته وسعره المتاح، ما يجعله متواجداً بكثافة في الأسواق الشعبية وعربات الباعة المتجولين.

غير أن طريقة عرض هذه الفاكهة وتخزينها، خاصة تحت أشعة الشمس المباشرة، إلى جانب غياب شروط النقل السليم، تطرح تساؤلات جادة حول سلامتها، خصوصاً مع الارتفاع المتزايد في درجات الحرارة الذي يسرّع من نمو البكتيريا ويضاعف احتمالات تلف الفواكه والمنتجات الغذائية الأخرى.

وتحولت الحادثة إلى موضوع نقاش واسع على منصات التواصل الاجتماعي، حيث طالب نشطاء ومستهلكون السلطات المختصة بتكثيف عمليات المراقبة على سلاسل التوزيع، ومحاسبة المتورطين في خرق معايير السلامة الصحية.

وفي السياق ذاته، تشهد مختلف المدن المغربية خلال الأيام الأخيرة تكثيفاً للتدخلات الميدانية التي تستهدف شبكات توزيع المواد الفاسدة أو مجهولة المصدر، خصوصاً اللحوم ومشتقاتها.

فقد أسفرت عدد من عمليات التفتيش التي قامت بها المصالح المختصة عن حجز أطنان من المنتجات غير الصالحة للاستهلاك، وسط تزايد المؤشرات على انتشار الذبيحة السرية وترويج لحوم مغشوشة داخل الأسواق الشعبية، التي تفتقر في الغالب إلى الرقابة المنظمة، ما يضع صحة المستهلك في مهبّ الخطر.

وسجلت مقاطعة مولاي رشيد بمدينة الدار البيضاء مؤخراً حادثاً صادماً، تمثل في العثور على رؤوس حمير ولحوم مجهولة المصدر ملقاة قرب حاويات النفايات بحي المسيرة 3، ما خلف صدمة واسعة لدى الساكنة، ودفع بالسلطات إلى التدخل الفوري رفقة المصالح البيطرية من أجل تطويق المكان وإتلاف المخلفات، وفتح تحقيق موسّع لتحديد الجهة المسؤولة عن الواقعة.

وتشير المعطيات الأولية إلى وجود شبهة قوية حول توجيه هذه اللحوم إلى السوق السوداء، بهدف تسويقها بأسعار منخفضة في أوساط اجتماعية تبحث عن البدائل الأرخص، في غياب شروط السلامة الصحية والمراقبة البيطرية.

وتُعد هذه الممارسات، بحسب متابعين، تهديداً مباشراً للسلامة العامة، وتنذر بانتكاسات صحية في حال عدم التصدي لها بحزم.

المرصد المغربي لحماية المستهلك عبّر بدوره عن قلقه من تكرار هذه الخروقات، داعياً إلى تكثيف حملات التفتيش، وتطبيق القانون بحزم في حق المخالفين، كما شدد على ضرورة إعادة النظر في منظومة المراقبة، وتعزيز الموارد البشرية واللوجستية لمصالح المراقبة البيطرية، بما يضمن تغطية حقيقية لنقاط البيع والأسواق بمختلف أصنافها.

من جانبها، دعت جمعيات حماية المستهلك إلى التحرك العاجل لمواجهة ما وصفته بـ"الاستهانة الخطيرة بصحة المواطن"، مطالبة برفع منسوب اليقظة خلال فصل الصيف، الذي يشهد إقبالاً كبيراً على المواد الغذائية السريعة والوجبات الجاهزة، ما يضاعف من حجم التهديدات المحتملة في حال غياب الشروط الصحية الأساسية.

وتزايدت خلال الأسابيع الماضية التقارير حول ضبط لحوم فاسدة ومنتجات منتهية الصلاحية في ضواحي مدن كبرى كطنجة، فاس، والدار البيضاء، وهو ما يعكس اختلالات عميقة في منظومة تتبع السلع والمواد الغذائية، ويدعو، بحسب فاعلين مدنيين، إلى تحرك مؤسساتي شامل، لا يقتصر على المعالجة الظرفية، بل يشمل إصلاحاً هيكلياً شاملاً لقطاع المراقبة والتوزيع.

ويرى متابعون أن المرحلة الراهنة تتطلب إرساء خطة وطنية متكاملة لمواجهة ظاهرة التسمم الغذائي، ترتكز على التتبع الذكي لمسالك التوزيع، وتفعيل العدالة الزجرية بحق المتلاعبين بصحة المواطنين، إلى جانب إطلاق برامج توعوية تُشرك المواطن في عملية الرقابة المجتمعية، وتحفّزه على التبليغ عن المخالفات والامتناع عن اقتناء السلع المشبوهة.

ويبدو أن الرهان اليوم بات أكثر من أي وقت مضى مرتبطاً بضمان الحق الدستوري في الغذاء السليم، وتعزيز ثقة المواطن في الأسواق الوطنية، وقطع الطريق على كل الممارسات التي تسيء إلى صورة المؤسسات، وتُهدد استقرار المجتمع في واحدة من أكثر حقوقه الأساسية: الحق في سلامة الغذاء.

آخر الأخبار