المغرب في مقدمة الدول التي تستقبل السجناء الإسبان ومدريد تبحث سبل نقلهم

الكاتب : انس شريد

14 يونيو 2025 - 10:00
الخط :

أظهر تقرير رسمي حديث صادر عن وزارة الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون في إسبانيا أن المغرب يتصدر إلى جانب فرنسا وألمانيا قائمة الدول التي تحتضن أكبر عدد من السجناء الإسبان خارج التراب الوطني.

في وقت تسعى فيه الحكومة الإسبانية إلى تعزيز آليات نقل هؤلاء المحكومين إلى السجون الإسبانية لقضاء بقية فترات عقوبتهم داخل البلاد، ضمن مساعٍ دبلوماسية وقانونية تعكس تزايد انشغال مدريد بملف مواطنيها المعتقلين بالخارج.

وبحسب معطيات تقرير النشاط القنصلي، حسب ما تناقلته المنابر الاسبانية، فقد بلغ عدد الإسبان القابعين في سجون دولية مع نهاية العام 1053 سجيناً، بينهم 920 رجلاً و133 امرأة، في ارتفاع ملحوظ مقارنة بالسنوات الماضية.

ويوضح التقرير أن هذا الارتفاع يأتي بعد فترة من التراجع النسبي الذي سجل خلال أزمة جائحة كوفيد-19، بسبب إغلاق الحدود وتعليق حركة السفر، إذ كان العدد في نهاية عام 2023 مستقراً عند 940 سجيناً، مقابل 894 في عام 2022 و777 في 2021.

ويؤكد التقرير أن المغرب يعد من الدول التي تستضيف عدداً كبيراً من هؤلاء السجناء، خصوصاً في قضايا تتعلق بالتهريب الدولي للمخدرات، والتزوير، وجرائم مالية عابرة للحدود.

وتُبرز الوثيقة الدور الذي تلعبه القنصليات الإسبانية بالمملكة، إلى جانب نظيراتها في باقي الدول، في تتبع أوضاع النزلاء، وتقديم الدعم القنصلي والإداري اللازم، سواء من حيث التواصل مع العائلات أو التوسط لدى السلطات السجنية لضمان ظروف اعتقال إنسانية تتماشى مع المواثيق الدولية.

ويتيح الإطار القانوني الذي تعمل وفقه وزارة الخارجية الإسبانية، حسب ما تناقلته الصحافة، إمكانية نقل هؤلاء السجناء إلى إسبانيا، شريطة موافقة مجلس الوزراء الإسباني وتوقيع الدولة التي تحتضن السجين على اتفاقية تعاون قضائي تسمح بهذا النوع من الترحيل.

وتشير الأرقام المعلنة إلى أن مدريد تتوفر حالياً على اتفاقيات ثنائية في هذا الصدد مع 38 دولة، مما مكنها خلال سنة 2024 من فتح 16 ملفاً جديداً، انتهى بعضها بنقل 65 سجيناً، غالبيتهم من بلدان أمريكا الجنوبية وأعضاء الاتحاد الأوروبي. أما خلال عام 2023، فقد تم فتح 55 ملفاً مكن من ترحيل 82 سجيناً نحو إسبانيا.

كما توضح المصادر ذاتها، أن السلطات القنصلية تسهر على تقديم مساعدات مالية محدودة للسجناء الذين لا تسمح لهم أوضاعهم المعيشية بالحصول على تغذية أو رعاية صحية ملائمة، حيث تبلغ قيمة هذه الإعانة 120 يورو شهرياً، وقد تصل إلى أكثر من ذلك في حالات استثنائية، لا سيما إذا كان السجين مسؤولاً عن طفل يقيم معه داخل السجن.

ووفقا للمصادر ذاتها، فقد بلغت قيمة هذه المساعدات خلال العام الجاري 209 آلاف يورو، مقابل 260 ألفاً خلال عام 2023، مما يعكس انخفاضاً في حجم المخصصات رغم ارتفاع عدد المعتقلين.

ويلعب الطاقم القنصلي أيضاً دور الوسيط بين النزلاء وعائلاتهم، عبر تسهيل تبادل المراسلات والوثائق، وتنسيق الزيارات، إلى جانب تنفيذ زيارات دورية إلى السجون من أجل رصد أوضاعهم الاجتماعية والنفسية ومدى تمتعهم بالحقوق الأساسية.

وحسب المصادر ذاتها، فإن الأولوية تمنح للسجناء الذين يوجدون في مؤسسات عقابية لا تفي بمعايير السلامة الصحية أو تفتقر إلى التغذية المناسبة والرعاية الطبية، وهو ما يشكل أحد أبرز دوافع السلطات الإسبانية لتسريع إجراءات نقلهم إلى الداخل.

ويُطرح هذا الملف في سياق حقوقي ودبلوماسي معقد، يفرض على الحكومة الإسبانية التعامل بحذر مع سيادة الدول التي تحتضن هؤلاء السجناء، خصوصاً في ما يتعلق باحترام قراراتها القضائية وشروط تنفيذ الأحكام داخل أراضيها.

كما يثير استمرار ارتفاع عدد المعتقلين الإسبان في الخارج تساؤلات حول فعالية السياسات الوقائية والأمنية الإسبانية في التصدي للجرائم العابرة للحدود، ومدى نجاعة الحملات التحسيسية التي تستهدف مواطنيها المسافرين إلى الخارج.

آخر الأخبار