موسم الاستجمام يتحول إلى عبء مالي.. وتحذيرات من ضرب السياحة الداخلية

الكاتب : انس شريد

30 يونيو 2025 - 10:00
الخط :

بدأ فصل الصيف في المغرب على وقع موجة من التذمر الشعبي إزاء الارتفاع المهول في أسعار الخدمات السياحية، التي تحوّلت إلى مصدر قلق كبير للأسر المغربية، خاصة متوسطة ومحدودة الدخل.

ففي الوقت الذي يُفترض أن تكون العطلة الصيفية مناسبة للراحة والاستجمام، يجد المواطن نفسه في مواجهة أسعار ملتهبة للفنادق، المطاعم، المقاهي، وحتى كراء الشقق والمظلات على الشواطئ، في ظل غياب آليات رقابية فعالة تردع المضاربة وتحد من تغول بعض الفاعلين في القطاع.

فمع انطلاق العطلة الصيفية، تشهد الشواطئ المغربية ظاهرة الاستيلاء على المساحات العمومية من قبل سماسرة يقومون بكراء المظلات والكراسي بأسعار غير مبررة تصل 40 درهما بدون وجه قانون.

هذه الممارسات تُعتبر، في نظر العديد من الحقوقيين، اعتداء على الملك العمومي، وتستدعي تدخلًا عاجلًا من السلطات لتأمين حق المواطنين في الترفيه المجاني والمفتوح.

وتشهد العديد من الوجهات السياحية المعروفة، مثل طنجة ومراكش وأكادير ومدن الشمال، ارتفاعًا حادًا في كلفة الإقامة، حيث تجاوزت أسعار الليلة الواحدة في بعض الفنادق عتبة ألف درهم، دون احتساب خدمات إضافية.

كما تراوحت أسعار كراء الشقق المفروشة بين 300 و1000 درهم، بينما وصلت أسعار الفيلات إلى ما بين 1500 و3000 درهم لليلة، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت جودة الخدمات المقدمة تتناسب فعلًا مع هذه التكلفة المرتفعة.

هذه الوضعية أعادت إلى الواجهة النقاش حول فعالية القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، في ضبط ممارسات لا تستند إلى قواعد السوق ولا إلى عدالة اقتصادية.

ويعتبر فاعلون جمعويون أن هذا القانون يبقى في كثير من الأحيان حبرًا على ورق، خاصة خلال موسم الصيف، حيث تتحول مناطق الاصطياف إلى فضاءات مفتوحة لاستغلال المواطنين، دون رقيب أو محاسبة.

ويخشى عدد من المتتبعين أن تؤثر هذه الاختلالات سلبًا على صورة السياحة الداخلية، في وقت تستعد فيه المملكة لاحتضان تظاهرات عالمية كبرى، أبرزها كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.

فالرهان اليوم، بحسب تعبيرهم، ليس فقط على استقطاب الزوار، بل على توفير عرض سياحي متوازن يضمن الجودة والسعر العادل.

وفي هذا الصدد، أكد أحمد بيوض، رئيس جمعية "مع المستهلكين"، في حديثه للجريدة 24 أن هناك ممارسات شبه ممنهجة يقوم بها بعض السماسرة والمضاربين كل صيف، تزامنًا مع ارتفاع الطلب على الخدمات السياحية.

وأوضح أن الزيادات المسجلة في أسعار المقاهي والمطاعم والفنادق لا تعكس أي تحسن في الجودة، بل هي استغلال صريح للطلب الموسمي من أجل تحقيق أرباح سريعة، داعيًا إلى تفعيل مساطر المراقبة وتطبيق القانون بصرامة في حق المخالفين.

وأضاف بيوض أن الاستغلال لا يقتصر فقط على أسعار الإقامة أو الطعام، بل يتعداه إلى مظاهر أخرى مثل فرض تسعيرات عشوائية من قبل حراس السيارات، أو كراء المظلات على الشواطئ بأسعار تفوق القدرة الشرائية للعديد من الأسر.

هذه الممارسات، حسب قوله، تقيد حق المواطن في الاستفادة العادلة من الممتلكات العمومية وتضرب مبدأ الإنصاف في عرض الخدمات السياحية.

وسجل المتحدث ذاته أن بعض الفنادق المصنفة تتقاضى أسعارًا قد تصل إلى خمسة آلاف درهم لليلة الواحدة، دون أن تُقابل هذه التكلفة بخدمات تليق بالمستوى المطلوب.

فحسب تعبيره، تشتكي العديد من العائلات من غياب النظافة، رداءة الطعام، وسوء الاستقبال، مما يطرح علامات استفهام حول معايير التصنيف والرقابة داخل هذا القطاع.

وفي سياق متصل، فإن مصادر مهنية في قطاع المقاهي والمطاعم، أكدت للجريدة 24، أن أسعار القهوة والعصائر، مرشحة للارتفاع مجددًا ابتداء من شهر يوليوز، وذلك في أعقاب زيادات سابقة شهدها القطاع خلال شهر أبريل الماضي.

ويأتي هذا في وقت تعرف فيه الأسواق العالمية تراجعًا في أسعار البن، ما يثير تساؤلات حول مدى ارتباط الأسعار في السوق المحلي بالتقلبات الدولية، وعن حقيقة وجود مضاربات تُثقل كاهل المستهلك المغربي.

أمام هذه المعطيات، تتعالى الدعوات إلى تدخل الجهات الوصية، وفي مقدمتها وزارتي الداخلية والسياحة، لوضع حد لهذا الانفلات السعري الموسمي الذي يهدد بإفراغ السياحة الداخلية من مضمونها الاجتماعي.

وطالبت الفعاليات المهتمة بحماية المستهلك، بإطلاق حملات توعية وتحسيس موجهة للمواطنين، لتعريفهم بحقوقهم وكيفية التصدي لعمليات الاستغلال، سواء عبر الشكاوى المباشرة للسلطات أو عبر بوابات جمعيات حماية المستهلك.

ومن جانب آخر، يطرح الملف تحديات على مستوى السياسات العمومية، خاصة ما يتعلق بتوفير بدائل سياحية لائقة وبأسعار معقولة، تستجيب لانتظارات مختلف شرائح المجتمع.

فالمطلوب، بحسب فاعلين في الميدان السياحي، هو توسيع العرض السياحي الداخلي ليشمل مناطق جديدة، وتوفير بنية تحتية متطورة، وتشجيع الفاعلين على تقديم عروض تنافسية، مع فرض رقابة صارمة على الأسعار والجودة.

فمع انطلاق العطلة الصيفية، تشهد الشواطئ المغربية ظاهرة الاستيلاء على المساحات العمومية من قبل سماسرة يقومون بكراء المظلات والكراسي بأسعار غير مبررة.

هذه الممارسات تُعتبر، في نظر العديد من الحقوقيين، اعتداء على الملك العمومي، وتستدعي تدخلًا عاجلًا من السلطات لتأمين حق المواطنين في الترفيه المجاني والمفتوح.

ويخلص المتابعون إلى أن نجاح الموسم السياحي الداخلي، لا يمر فقط عبر أرقام الزوار وعدد ليالي المبيت، بل من خلال ضمان عدالة سعرية، وجودة خدماتية، وبيئة ترفيهية تضمن للمواطن المغربي كرامته وحقه في الاصطياف دون استنزاف دخله أو شعوره بأنه ضحية لممارسات عشوائية لا تجد من يردعها.

آخر الأخبار