بعد تصاعد الغضب.. عمدة الدار البيضاء تتحرك لحل أزمة الأسواق المهدومة بالحي الحسني

لا يزال قرار هدم سوق "دلاس"، أحد أقدم وأكبر الأسواق الشعبية في الدار البيضاء، يثير موجة من الغضب والاحتجاجات في صفوف التجار والمواطنين في الحي الحسني.
الأزمة التي اندلعت بعد الهدم المفاجئ للسوق وبعض الأسواق الأخرى في المنطقة، خلقت حالة من الاستياء الواسع بين المهنيين والمجتمع المدني، الذين أبدوا قلقهم الشديد من تأثير هذه القرارات على مئات الأسر التي كانت تعتمد بشكل كامل على هذه الأسواق في تأمين قوتها اليومي.
ووفقا لمصادر "الجريدة 24"، فإن عمدة مدينة الدار البيضاء، نبيلة الرميلي، سارعت إلى التدخل لحل الأزمة التي تفجرت في الحي الحسني بعد الهدم، حيث عقدت اجتماعا طارئا مع رئيس المقاطعة، الطاهر اليوسفي، في محاولة لوضع حد للتوترات التي اشتعلت في المنطقة.
وشهد الاجتماع الذي جرى هذا الأسبوع بمقر مجلس المدينة، مناقشة عدد من الملفات الساخنة، وعلى رأسها قضية سوق دلاس، الذي يعتبر من أقدم الأسواق في المدينة.
كما تم التطرق لملفات أخرى تتعلق بالأسواق التي تم هدمها مؤخرا في مناطق ليساسفة والألفة، وسط مطالبات بحلول سريعة وفعالة للمتضررين.
وأكدت المصادر ذاتها أنه تم التأكيد على ضرورة إيجاد حلول عملية تضمن تعويضا منصفا للتجار المتضررين، ومساعدتهم في التكيف مع الوضع الجديد.
وتعكس هذه الخطوة من جانب عمدة المدينة بداية لمسار طويل من الحوار والمشاورات التي ستشمل مختلف الأطراف المعنية، وذلك بهدف إيجاد رؤية مشتركة لتدبير الأسواق الشعبية في الدار البيضاء.
هذا الحوار يهدف إلى إيجاد توازن بين متطلبات التهيئة العمرانية ومتطلبات حماية حقوق الفئات المهنية الهشة، وهو ما يراه الجميع خطوة ضرورية لضمان استدامة الحياة الاقتصادية والاجتماعية في العاصمة الاقتصادية.
وكانت الدورة العادية لمجلس مقاطعة الحي الحسني، التي انعقدت في يونيو الماضي، قد شهدت توترا ملحوظا في صفوف التجار، حيث شهدت الجلسة احتجاجات حادة تزامنت مع إدراج ملف هدم الأسواق الشعبية ضمن جدول الأعمال، دون أن يتم تقديم تصور واضح أو بدائل عملية للمتضررين.
وقام عدد من التجار والتاجرات برفع لافتات تندد بما وصفوه بـ"الإقصاء والتهميش"، مطالبين بتوفير حلول واقعية وعادلة بعد هدم محلاتهم.
وقد اتسمت الجلسة بشعارات حادة على غرار "الهدم دون تعويض ظلم" و"لسنا ضد التطوير لكن أين الاستفادة؟"، في إشارة إلى غياب خطة شاملة تراعي الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لقرار الهدم.
في ذات السياق، دعا العديد من السياسيين على مستوى المنطقة إلى ضرورة مساءلة الجهات المسؤولة عن غياب البدائل، محذرين من تنامي حالة الاحتقان الاجتماعي التي قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية الصعبة في المنطقة، خاصة في ظل ارتفاع معدلات البطالة والفقر.
وتعكس هذه الأزمة التحديات التي تواجه المدن الكبرى في المغرب في مجال التنمية الحضرية، حيث من الضروري الموازنة بين تحديث البنية التحتية وتحقيق العدالة الاجتماعية للفئات الأكثر تضررا.
وتظل الأسئلة مفتوحة حول كيفية إدارة هذا الصراع بين التطوير العمراني وحقوق التجار، في ظل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة.