موجة الحر تدفع الشباب للسباحة في أماكن غير محروسة وسط خطر الغرق

في وقت تزداد فيه درجات الحرارة مع حلول فصل الصيف، تتزايد بشكل ملحوظ حوادث الغرق في مختلف المناطق المغربية، ما يثير قلق المجتمع المدني والهيئات الحقوقية.
فقد أصبح غرق الشباب والأطفال في الصهاريج المائية غير المحروسة والشواطئ التي تفتقر إلى المراقبة، مصدرًا رئيسيًا للمآسي التي تتكرر كل سنة، بسبب غياب المسابح العامة والفضاءات الترفيهية الآمنة.
وتضطر العديد من العائلات إلى السماح لأطفالهم بالسباحة في أماكن غير محروسة، مما يعرضهم لمخاطر جسيمة.
وعاينت "الجريدة 24"، على مستوى المريبعة قرب مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، توافدًا كثيفًا من قبل الشباب والأطفال الذين قصدوا المكان للسباحة هربًا من حرارة الصيف، وسط انتشار الأزبال والنفايات التي قد تشكل تهديدًا لصحتهم.
فضلاً عن أن هذه المنطقة ليست محروسة، ما يجعل السباحة فيها مخالفة للقوانين، ويعرض روادها لخطر الغرق.
وتحولت نزهة صيفية كانت تعدّ هادئة إلى مأساة مؤلمة، أمس الاثنين، في بحر مريزيكة بالدار البيضاء، عندما لقي شابان مصرعهما غرقًا بعدما جرفتهما التيارات القوية التي اجتاحت الشاطئ.
ورغم محاولات الإنقاذ والبحث المتواصلة، ما زالت جثتيهما مفقودتين حتى لحظة كتابة هذه السطور، ليترك الحادث أثرًا عميقًا في نفوس العائلات والأهالي، ويُذكّر الجميع بخطورة السباحة في الأماكن غير المحروسة.
ورغم التحذيرات المستمرة من خطورة السباحة في هذه الأماكن غير المخصصة، يظل الوضع على حاله، حيث شهدت العديد من القرى والمدن حوادث غرق مأساوية، كان أبرزها في دوار المرادسة قرب تامنصورت، ودوار فورني بجماعة سعادة، حيث لقي خمسة أطفال مصرعهم في حادث غرق واحد، ما أثار موجة من الاستنكار والقلق في صفوف المواطنين والجمعيات الحقوقية.
وتُعزى هذه الحوادث إلى غياب البنية التحتية الأساسية المخصصة للترفيه في العديد من المناطق القروية، وكذلك إلى غلاء أسعار المسابح الخاصة، مما يدفع الأطفال والشباب إلى البحث عن بدائل غير آمنة.
ويؤكد الفاعلون الجمعويون أن ترك الأطفال يواجهون هذه المخاطر يعد تقصيرًا واضحًا من السلطات المحلية والجماعات الترابية في تأمين حياة الناشئة.
مبرزين أن الصهاريج البلاستيكية المخصصة لأغراض فلاحية تتحول بفعل الإهمال إلى مصائد قاتلة للأطفال، حيث لا يتم تأمينها ولا وضع لافتات تحذيرية، مما يعرض هؤلاء الأطفال للخطر.
كما دعا النشطاء المدنيون إلى ضرورة تدخل السلطات العمومية بشكل عاجل لتسييج هذه الصهاريج المائية المنتشرة في الضيعات الفلاحية وتنظيم حملات توعوية للأهالي حول مخاطر السباحة في مثل هذه الأماكن.
فيما طالب جمعيات حماية المستهلك بإعادة تنظيم عدة حملات تحسيسية لتوعية الشباب المغاربة بضرورة تفادي السباحة في الشواطئ غير المرخصة، لتفادي وقوع كوارث جديدة.
البرلمان أيضًا دخل على خط هذه الأزمة، حيث وجهت النائبة البرلمانية عزيزة بوجريدة عن حزب الحركة الشعبية سؤالًا كتابيًا إلى وزير الداخلية، طالبت فيه الحكومة باتخاذ تدابير عاجلة لحماية الأطفال من حوادث الغرق، مشيرة إلى أهمية إشراك جميع الجهات المعنية من أجل توفير فضاءات ترفيهية آمنة في المناطق القروية والأحياء الشعبية.
وأكدت بوجريدة في سؤالها البرلماني أن موجات الحر التي تشهدها البلاد أصبحت ظاهرة دورية، ما يفرض ضرورة تكثيف الجهود لتوفير بدائل آمنة تتيح للأطفال والشباب فرصة للترفيه دون تعرضهم للمخاطر.