حقد أعمى يتجاوز الرياضة.. الكاف يفتح تحقيقا في استفزازات الجزائر للمغرب

أعلن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم عن فتح تحقيق رسمي بشأن المنتخب الجزائري النسوي، على خلفية ما وصفه بـ"خروقات محتملة" للوائح التنظيمية خلال مشاركته في نهائيات كأس أمم إفريقيا للسيدات المقامة حالياً في المملكة المغربية.
وجاء في بلاغ مقتضب أصدره "الكاف"، أن فتح هذا التحقيق يستند إلى معطيات أولية تشير إلى احتمال وقوع تجاوزات من طرف المنتخب الجزائري، دون أن يكشف البيان عن طبيعة هذه الخروقات أو مضمونها، مكتفياً بالتأكيد على أن الجهاز القاري لن يدلي بأي تفاصيل إضافية إلى حين انتهاء المسار الكامل للإجراءات القانونية والتحقيقية المرتبطة بالقضية.
ويأتي هذا المستجد في وقت تعيش فيه البطولة القارية أجواء تنافسية لافتة، وسط سعي الاتحاد الإفريقي إلى إنجاح دورة استثنائية تعزز مكانة الكرة النسوية في القارة وتكرّس المسار التصاعدي الذي تعرفه على مستوى التنظيم والمواكبة الجماهيرية والإعلامية.
غير أن مشاركة المنتخب الجزائري في هذه النسخة طغى عليها جدل خارج سياق المستطيل الأخضر، بعدما تفجّرت ممارسات اعتُبرت مستفزة ولا تمت بصلة لأجواء البطولة ولا للحد الأدنى من قواعد اللياقة واحترام البلد المستضيف.
وقد التقطت عدسات الصحافة ومستخدمي مواقع التواصل صوراً توثق إقدام لاعبات وأفراد من الطاقم التقني للمنتخب الجزائري على تغطية شعار الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بشريط لاصق أسود فوق شارات الاعتماد الرسمية المخصصة للدخول إلى الملاعب.
وجرت الواقعة تحديداً خلال المباراة التي جمعت الجزائر ببوتسوانا على أرضية ملعب "الأب جيكو" بمدينة الدار البيضاء، وأثارت ردود فعل غاضبة من الجمهور المغربي وعدد من المتابعين، الذين اعتبروا التصرف محاولة صريحة لمحو الرموز المغربية من وثائق رسمية مصادق عليها من طرف الاتحاد القاري، وفي بلد يُنظم البطولة تحت إشرافه الكامل.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تثير فيها بعثة رياضية جزائرية الجدل في محفل دولي يُقام في المغرب، حيث سبقتها سلوكيات مماثلة في مناسبات سابقة، أبرزها خلال كأس العالم بقطر سنة 2022، حين التزم الإعلام الرسمي الجزائري صمتاً غير مبرر تجاه الإنجاز التاريخي لمنتخب "أسود الأطلس"، رافضاً الإشارة إلى اسم المغرب أو استعراض العلم الوطني المغربي في نشراته وتقاريره الإخبارية.
ومجدداً، تجد البعثة الجزائرية نفسها في قلب انتقادات لاذعة، بعدما اختارت التعبير عن مواقف سياسية بطرق غير لائقة، وفي فضاء رياضي يفترض فيه أن يكون منصة للتقارب لا للخلاف.
ولم يمر السلوك الذي أقدمت عليه مكونات المنتخب الجزائري دون حملة سخرية واستهجان واسعة، إذ عبّر مئات النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عن امتعاضهم مما وصفوه بالعبث، مشددين على أن اللجوء إلى حجب الشعار المغربي بهذه الطريقة يكشف عن عقلية لا تزال حبيسة حسابات سياسوية لا مكان لها في الرياضة.
كما تساءل عدد من المهتمين بالشأن الرياضي عن موقف الاتحاد الجزائري من هذه التصرفات، وما إذا كان يزكيها أم أنها قرارات فردية من داخل النظام الحاكم، مع الإشارة إلى أن مثل هذه السلوكيات قد تضع الجزائر في موقف حرج أمام أجهزة التأديب التابعة للكاف.
من جهة أخرى، تعالت الأصوات المطالبة من داخل الأوساط الكروية باتخاذ مواقف واضحة وصارمة من طرف الاتحاد الإفريقي، دفاعاً عن مبادئ المنافسة النزيهة واحترام الدولة المنظمة، والتصدي لأي سلوك يستغل الملاعب لتصفية مواقف سياسية أو استهداف رمزي غير مقبول.
ويرى كثيرون أن تهاون الهيئات القارية في مثل هذه الأحداث يفتح الباب لتكرارها، ويُفرغ الرياضة من مضمونها كجسر للتلاقي بدل أن تصبح ساحة للتوتر والإقصاء.