بنسعيد: صمت الشباب يوهم المسؤولين بأن كل شيء بخير

شهدت العاصمة المغربية الرباط يوم الخميس 10 يوليوز 2025 نقاشاً وطنياً موسعاً حول العلاقة بين الشباب والمؤسسات، بمشاركة عدد من الخبراء والفاعلين السياسيين، وذلك في إطار ندوة وطنية نظمتها حركة "المواطنون" تحت عنوان “رؤى متقاطعة حول المشاركة المواطنة”.
وقد تمحورت الجلسة حول موضوع “المؤسسات والشباب نحو حوار فعّال”، حيث طُرحت إشكالية الثقة المهزوزة بين الشباب والمجال السياسي، وسط دعوات لخلق آليات جديدة تضمن انخراطاً فعلياً للفئة الشبابية في الحياة المؤسساتية.
المشاركون في الندوة توقفوا عند غياب التواصل الفعّال والوضوح في السياسات العمومية الموجهة للشباب، واعتبروا أن تعزيز العلاقة بين المؤسسات والشباب لا يمر فقط عبر الخطابات، بل من خلال خطوات ملموسة تجعل الشباب شريكاً فعلياً في صنع القرار.
هذا الطرح وجد صداه في مداخلة وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، الذي أقرّ بصعوبة المرحلة، مؤكدا أن وزارته تعمل بشكل تدريجي على استعادة هذه الثقة عبر الحضور الميداني والإنصات المباشر وتقديم مبادرات ذات بعد عملي.
واعتبر الوزير بنسعيد أن غياب انخراط الشباب في النقاش العمومي يفتح المجال لما سماه بـ"فراغ الرقابة المجتمعية"، مشيرًا إلى أن المسؤول، في ظل هذا الغياب، قد يعتقد خطأً أن الوضع مستقر ولا يحتاج إلى تغيير.
وشدد على أن الديمقراطية الحقيقية لا تُبنى فقط عبر المؤسسات، بل من خلال وعي شبابي حيّ يُمارس الضغط والمساءلة ويطالب بنتائج ملموسة على أرض الواقع.
ومن هذا المنطلق، شدد على ضرورة الربط بين الخدمات الموجهة للشباب والمسار السياسي العام، لأن الاستفادة من هذه الخدمات تجعل المواطن يطرح أسئلة حول مصدرها، ويبدأ في الاهتمام بالبرامج الانتخابية، ويتحول لاحقاً إلى فاعل مدني أو سياسي من موقعه الخاص.
ومن بين النماذج العملية التي استعرضها الوزير لتعزيز ثقة الشباب في الدولة، توقف عند تجربة “جواز الشباب”، التي أطلقتها الوزارة، والتي اعتبرها واحدة من المبادرات التي تهدف إلى إظهار اهتمام الدولة الحقيقي بالشباب المغربي.
وقال بنسعيد إن هذه المبادرة جاءت لتوحيد مختلف الخدمات العمومية الموجهة للشباب، وتطويرها، عبر منصة رقمية تجمع بين الثقافة والرياضة والسفر والتكوين المهني، بما يستجيب لاهتمامات الفئات الشابة المختلفة.
ورغم ذلك، أقرّ الوزير بوجود تحديات مرتبطة بإيصال هذه الخدمات إلى المناطق القروية والجبلية، لكنه شدد على أن المقاربة المعتمدة تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الجهوية.
وأكد النقاش الذي شهدته الندوة، أن مستقبل العلاقة بين المؤسسات والشباب يتوقف على مدى قدرة الدولة، في مستوياتها المركزية والجهوية، على بناء جسور من الثقة والتفاعل الحقيقي مع هذه الفئة، التي تمثل أكثر من ثلث سكان المغرب.
كما برز وعي جماعي بضرورة إشراك الشباب ليس فقط كمستفيدين من السياسات العمومية، بل كفاعلين مؤثرين في صياغتها، ومراقبين لجودتها، ومساهمين في تحسين مردوديتها داخل المجتمع.