20 عاما من حكم محمد السادس.. ما الذي تغير؟

مرت عشرون سنة من حكم الملك محمد السادس المغرب. هذه المرحلة من الحكم اتسمت بالكثير من التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديبولماسية، يكاد يجمع مختلف الفاعلون السياسيون والأكاديميون على أنها مرحلة طبعها التطور والتقدم على مختلف المستويات والأصعدة بالرغم من استمرار بعض مظاهر القلق، لاسيما على المستوى الداخلي وتدبير عدد من الملفات التي يتداخل ويشترك فيها الكثير من الفاعلين وليس المؤسسة الملكية وحدها.
وفي هذا السياق، اعتبر الأستاذ والباحث في الشؤون السياسية، محمد شقير، أنه على المستوى الحقوقي، تميز عهد الملك محمد السادس، طيلة عشرين سنة من حكمه، ولاسيما في المراحل الأولى من جلوسه على العرش "بمحاولة تخفيفه من التركة الثقيلة التي خلفها الراحل الحسن في مجال حقوق الانسان".
وتتمثل أبز معالم هذا التوجه، هو إنشاء الملك "للجنة الانصاف والمصالحة، التي كانت آلية من آليات محم السادس في معالجة الوضع الحقوقي الموروث من العهد السابق، وكان من نتائجه تعويض مجموعة من المعتقلين وتسوية أوضاعهم الاجتماعية وتحويل مجلس حقوق الإسنان من مجلس استشاري إلى مجلس وطني، مما يعكس رغبة الملك في تمتين ومعالجة واقع حقوق الانسان بالمغرب"، يضيف المتحدث "للجريدة24".
أما على المستوى السياسي، يرى شقير أن أبرز ما ميز هذه المرحلة من حكم محمد السادس، هو ظهور ما سمي بحراك عشرين فبراير، سنة 2011، وهو الحراك الذي أعقبه إصدار أول دستور في عهد الملك الحالي، وهو الدستور الذي حمل الكثير من المستجدات على المستوى السياسي والمؤسساتي والقانوني.
واقتصاديا، لفت الأستاذ الباحث إلى أن مرحلة محمد السادس تميزت بتدشين أوراش كبرى، أبرزها إطلاق ميناء طنجة المتوسط الذي أصبح أكبر ميناء في افريقيا والبحث الابيض المتوسط، كما تميزت المرحلة بتوسيع شبكة الطرق السيارة، بالاضافة إلى محطتي توليد الطاقة الكهربائية.
أما على المستوى العسكري، فإن الملك منذ توليه الحكم، حسب شقير، حاول تجديد الترسانة العسكرية بالمغرب، خاصة بعد أزمة جزيرة ليلى التي عرفت مواجهة بين الجيشين المغربي والاسباني، وتم العمل على تحديث الأسطول الجوي من خلال اقتناء طائرة من نوع "إف 16"، واقتناء قمري التجسس من فرنسا فضلا عن الغواصات وغيرها من العتاد العسكري.
أما على المستوى الديبلوماسي، فإن قررات الملك اتسمت بالجرأة في الانفتاح على الدول الافريقية، حتى تلك التي تعترف "بالجمهورية الصحراوية" الوهمية، فضلا عن قرار المغرب بالانضمام الى الاتحاد الافريقي.
هذه الجرأة في التعاطي مع الملف الديبلوماسي، وفق خالد شيات، الأستاذ والباحث في العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، مرده إلى أنه حصل هناك "تحول في الفهم والتعاطي مع الملف الديبلوماسي، فضلا عن الخلفية التي تحكم الملك من الناحية المعرفية، وهو كونه دكتور في العلاقات الدولية".
هذه المعطيات، حسب خالد الشيات، "أثرت في تدبير الملف الديبلوماسي"، إذ أن "أهم شيء هو أنه تم التفكير وإعادة التفكير بجدية في المحيط الاقليمي، لاسيما في الانفتاح على افريقيا".
ولفت الشيات إلى أنه في عهد الملك محمد السادس حصل نوع من "تسييس واعاة تقييم الانضمام إلى المنظمة الافريقية"، قبل أن تتحول إلى الاتحاد الافريقي فيما بعد.
وأوضح أن المغرب منذ جلس الملك محمد السادس على العرش شرع في التفكير في موضوع الانضمام من جديد إلى الاتحاد الافريقي، وانتهى باعادة الانخراط من جديد في هذه المنظمة الافريقية مؤخرا، مما يعكس التوجه الجديد للمغرب افريقيا واقليميا، مقابل ترهل العالم العربي"، حسب الباحث في العلاقات الدولية.
ونبه الأستاذ الجامعي إلى أن الرجوع إلى الاتحاد الافريقي حقق نجاحا وكان مرتبطا بمستويات أخرى ثنائية واقليمية أخرى يسعى المغرب الى الانضام إليها، أو انضم إليها، مما عزز المغرب وحوده في المحافل والمنتظم الدولية، ولذلك لم يترك المجال لخصومه لتحديد عدد من المقررات المعادية للمغرب"، يقول شيات.
وفي ملف الصحراء، استطاع الملك، يشير شيات، أن يضع إطارا لمعالجته، وهو أن يبقى البت في النزاع المفتعل حولها في حضن الامم المتحدة، دون أن تضع أي منظمة أخرى يدها فيه، بما فيه الاتحاد الافريقي.
وما ميز هذه المرحلة من حكم الملك محمد السادس، يتابع خالد الشيات، تقدم الملك بكل جرأة بمقترح الحكم الذاتي بالصحراء في عام 2007، مما يعبر عن شجاعة الملك في طرح هذا المقترح بعدما كان هذا الملف شبه جامدة، قبل أن يحركه هذا المقترح وعاد إلى مواجهة البت فيه من قبل الأمم المتحدة من خلال قرارات ولقاءات رسمية وأخرى غير رسمية.
واستدرك شيات بالقول إن بالرغم من هذا المقترح الجريء، فإن خصوم المغرب حاولوا بكل الطرق بعثرة أوراقه، ولكن بالرغم من ذلك، فإن المقترح عرف نجاحا نظريا وتصوريا.