خبير دستوري: الملك محمد السادس فرض "سرعة" دستورية فاقت قدرة الطبقة السياسية

هشام رماح
منذ تولي الملك محمد السادس عرش المغرب، حث السعي على تجويد الحياة السياسية لكن البون الشاسع بين رغبة الملك ووهن السياسيين جعل المملكة تسير دستوريا بسرعتين مختلفتين"، هكذا قال رشيد لزرق الخبير في القانون الدستوري.
وقال المتحدث مع "الجريدة 24" إن دستور 2011، وجد نخبة سياسية عاجزة عن مجاراة الزمن الدستوري بما أفرغ العملية السياسية من مدلولها وأفقدها مضامينها النبيلة، مؤكدا على أن الفارق بين الرغبة الملكية وواقع الحال السياسي الذي تؤثثه نخبة تزن الأمور بمصالحها الذاتية، وتفتقد الوعي المسؤولية، جعل الملك يهب لتصويب الوضع غير ما مرة.
ووفق الخبير الدستوري فإن الملك سبق ونبه الطبقة السياسية لهذا الوضع في خطاب للعرش قائلا "هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، لأن الأمر يتعلق بمصالح الوطن والمواطنين. وأنا أزن كلامي، وأعرف ما أقول... لأنه نابع من تفكير عميق".
وأفاد الدكتور في العلوم السياسية بأن الوضع المتحدث عنه أفرز حالة من الركود السياسي في مقابل اختناق اجتماعي بفعل الإجراءات التي اتخذتها الحكومتان تحت رئاسة العدالة والتنمية دون أن تدرك حجم تكاليفها الاجتماعية، مما رفع منسوب الاحتقان وفاقم حالتي "القلق" و"الإرهاق" المجمعيين.
وحسب لزرق فإن ما يذكي أيضا الإحباط الذي يستبد بالمغاربة ويكشف سير المغرب بسرعتين متفاوتتين هو ارتفاع التراشقات السياسيوية بين الأغلبية الحكومية وقراراتها الارتجالية، التي تعطل الإصلاحات الضرورية، وعدم جدية المعارضة في إعطاء البدائل و تفعيل اختصاصاتها الدستورية.
"كل هذا يؤكد على أن الطبقة السياسية تفتقد الجدية، اللازمة والوعي بدقة المرحلة التي تستدعي مراجعة الذات وتأمل الوضع، بحس وطني والسعي إلى خلق التضامن، لتجاوز عوائق المرحلة بعيد عن الصراعات السياسوية، التي غايتها تقسيم المغانم"، كما أردف المتحدث مع "الجريدة 24".
وبخصوص لسان حال السياسة حاليا قال رشيد لزرق، إننا أمام حكومة سياسية ملزمة بتنزيل مشروعها عن طريق سياسية عمومية فضلا عن تحمل مسؤوليتها السياسية وأن تأخذ بعين الاعتبار تداخل المصالح وتشابكاتها وطنيا وإقليميا ودوليا، كما ينبغي القطع مع المرحلة الشعبوية التي أفرزت واقع "التصحر السياسي".
واستنادا إلى لزرق فإن "التصحر السياسي" أفقد المنظومة الحزبية للكفاءات ذات مصداقية وأبعد المنظومة الحزبية عن أهدافها الدستورية و السياسية بان تكون فضاء لصراع الأفكار وطرح البدائل، كضرورة سياسية وأخلاقية لمواجهة التحديات التي تواجه البلاد بعيدا عن عقلية التنافي والإقصاء، مشيرا إلى أن هذا ما جعل الملك يوجه كلمة إلى هذه الطبقة في خطاب للعرش جاء فيه "كفى، واتقوا الله في وطنكم... إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا. فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون".
أفاد الخبير الدستوري بأن الملك لطالما وجه اللوم للطبقة السياسية لأن الفعل السياسي ليس مجرد "نشاط أعمى" بل هو صدق مع الذات قبل الآخر، و العمق السياسي لا يتأتى بتنظيم الملتقيات وجمع الحشود، الذي لا يخرج عن رفع شعارات سطحية تعبر عن معتقدات جامدة.. وإنما هو مجال للخلق والإبداع، من خلال وطنيين صادقين يعيدون الاعتبار للكفاءات ويولون الأهمية للخبراء و المثقفين في تأصيل التفكير بغية الإجابة على الإشكاليات الكبرى، في مختلف المجالات، من أجل تكريس الخيار الديمقراطي وحمايته من كل ارتدادات عبر الوعي بتعقيدات المرحلة.