اليسار الراديكالي بالمغرب يلملم ذاته في جبهة اجتماعية

فاس: رضا حمد الله
تحاول مكونات اليسار الراديكالي، الانبعاث من جديد وتكوين قوة سياسية تكفل له احتلال مرتبة مشرفة في الانتخابات المقبلة بعد سنتين، من خلال طرق الباب الاجتماعي بوابة رئيسية لكسب ثقة الناخب رغم ما قد يعاب على الطريقة المنتهجة والضعف التنظيمي كما لا نوعا، المسجل بمختلف أحزابه.
تكوين جبهة اجتماعية بمكونات اليسار المعروفة، اختيار جديد لجأت إليه لتجاوز ضعفها واقعا في التأثير مجتمعيا على الكتلة الناخبة، رغم الوجود السياسي المحتشم كما تمثيليتها وفعالياتها في مختلف النقابات والمجتمع المدني، أمام تراجع الإشعاع النقابي وتأثيره ولو في الفئة المستهدفة بالتأطير.
العمل الميداني والركوب على المآسي والقضايا والملفات الاجتماعية الكبرى المستأثرة بالاهتمام، طريق تلجأ إليه كثير الأحزاب لتكون أقرب من المواطن الذي يشكل القاعدة الأساسية في كل انتخابات برلمانية كانت أو مهنية أو جماعية، وغالبا ما يكون سلما تصعده للوصول إلى مراكز المسؤولية.
هذه الطريق شبه سالكة مع الأحزاب الإسلامية خاصة العدالة والتنمية وقبلها أحزاب وطنية عتيدة خاصة الاتحاد الاشتراكي والاستقلال اللذين وصلا لمراكز المسؤولية وحصدا عددا هائلا من الأصوات بفضل التغلغل وسط الأحياء خاصة الهامشية منها ولو اقتضى الأمر استغلال تلك العشوائية.
لكن الطريق الاجتماعية للوصول إلى المركز السياسي الوازن، قد لا ينفع في حالة اليسار الأقل تأثيرا مجتمعيا رغم التعاطف الظاهر مع بعض مكوناته، لكن ليس بالشكل الذي يكفل حصاد عدد كبير من المقاعد، وبالتالي الوصول إلى حيث الهدف متوخى ومحدد في الانتخابات.
كل أحزاب اليسار المكونة للجبهة الاجتماعية الجديدة، فشلت في حصد عدد من المقاعد إن في البرلمان أو الجماعات، رغم تكوينها فيدرالية دخلت غمار الانتخابات الأخيرة بلائحة مشتركة بين الطليعة واليسار والمؤتمر الوطني الاتحاد، في انتظار تفعيل مطلب الجبهة الذي طالما توخته الطليعة.
ما يؤكد أن السلاح الاجتماعي قد لا ينفع لاحتلال مراتب متقدمة في الانتخابات، ضعف تأثير مناضلي الأحزاب المكونة للجبهة، في الوسط الاجتماعي، وقلة عددهم وضعف تنظيماتهم المحتاجة إلى تثبيت الموقع والتغلغل وسط الفئات البسيطة والفقيرة، قبل السعي لاستغلال أصواتها للرقي سياسيا.
منذ دخلت غالبية تلك الأحزاب، الانتخابات بعد فترة طويلة من المقاطعة، لم تحصد ما طمحت إليه من مكاسب سياسية، رغم تجاوب فئة من الناخبين مع برنامجها السياسي الظاهر بمكتسبات قد لا تتوفر في أحزاب أخرى، في غياب الخطاب السياسي الأكثر تواضعا، والكفيل بكسب ود وتعاطف الناخب.
يبدو الخطاب السياسي لمكونات اليسار، غليظا في لغته، لكنه هش في تبسيطه للمواطن البسيط الذي قد لا يفهم شعارات وكلمات فضفاضة لا يجد فيها الناخب شيئا مقنعا وهو الفاتح عينيه على أشكال مختلفة من الاستقطاب التقليدي عن طريق المال او القبلية أو الإغراء والوعود ولو كانت كاذبة.
إن التغلغل وسط المجتمع، شيء مستحب في كسب سمعة طيبة وبالتالي إيجاد موطأ قدم وسط الكتلة الناخبة، لكنه غير ميسر لكل الأحزاب، خاصة تلك اليسارية التي ألفت طرقا في الاستقطاب ركزت في فترات سابقة على الطلبة والتلاميذ والفئة المثقفة والنقابيين، ناسية الفئات الهشة أكبر كتلة ناخبة.
قد تكون الجبهة فكرة صالحة، لكنها قد لا تكون ناجعة لتحقيق المراد، بل تحتاج إلى وقت وعمل كبير يبدأ صغيرا وسط الأزقة والأحياء ويتوسع تدريجيا بكسب ثقة المستهدفين، بالقرب منهم وتلبية احتياجاتهم ولو كانت بسيطة والتواضع في التعامل معهم بلغة بسيطة وليست فضفاضة قد تنفرهم منها.