المغالطات الست المتعلقة بالتبرع بالدم

الكاتب : الجريدة24

16 ديسمبر 2019 - 09:30
الخط :

في المغرب، لا يثير التبرع بالدم الكثير من الاهتمام. إذ تساعد الأمية وغياب التواصل على انتشار العديد من الصور النمطية السلبية حول مسألة التبرع بالدم. وتبقى هذه المغالطات المنتشرة على نطاق واسع تشكل عائقا نفسيا أمام الترويج للتبرع بالدم.

"سيغمى علي"، "أخشى الإصابة بفقر الدم"، "سأشعر بالألم"... قائمة الأحكام المسبقة المتجذرة بعمق ومنعدمة الأساس طبعا، حول التبرع بالدم طويلة جداً. والكثير من هذه المغالطات لها علاقة بالحالة الصحية للمتبرع. إذ أن الكثير من الناس لا يترددون في فعل الخير والتبرع بسخاء عندما يتعلق الأمر بمساعدة الفقراء ماديا، ولكن بمجرد دعوتهم للتبرع بدمائهم، فإنهم يتراجعون إلى الوراء، ليس بدافع الأنانية أو عدم الإحساس بمحن الآخرين، ولكن خوفا من "المضاعفات" المحتملة التي قد يلحقها هذا الفعل بصحتهم البدنية.

1- التضحية بـ"جزء من الذات"!

إن استخراج عنصر حيوي من الجسم، حتى ولو تعلق الأمر ببضع قطرات من الدم، أمر يثير الرعب لدى الكثير من الناس. ففي نظرهم، التبرع بالدم يعني التبرع بالنفس، أي التضحية بـ"جزء من ذواتهم" لتتدفق في عروق شخص آخر، ولن يتمكنوا من استرجاعها أبدا. يا لها من فكرة!

ولطرد هذا الخوف من مخيلتهم ومن اللاوعي، يكفي أن يعرف هؤلاء أن ذلك السائل الأحمر المفقود سيتم تعويضه في أقل من ربع اليوم. إذ يتم إعادة تصنيع البروتينات والأجسام المضادة الموجودة في الدم بسرعة كبيرة (من بضع ساعات إلى بضعة أيام)، بينما يتم استبدال خلايا الدم في غضون بضعة أسابيع. وقد يتساءل البعض بقلق عن كمية الدم التي يتم أخذها عند التبرع (450 مل). "أليست كثيرة؟" فليعلم كل متبرع محتمل أنه لدينا جميعا ما بين 4 و6 لترات من الدم، وذلك حسب وزن كل واحد منا. أما عينة الدم، التي يتم سحبها حسب وزن المتبرع، فلا تشكل أية متاعب بالنسبة لشخص بالغ يتمتع بصحة جيدة ولا يقل وزنه عن 50 كيلوغراما. وبالتالي، كونوا مطمئنين: التبرع ببضع قطرات من دمكم لا يعني أنكم ستصابون بفقر الدم!

2- ماذا عن الآثار الجانبية؟

الآثار الجانبية لسحب الدم نادرة وحميدة وسريعة الزوال، تتمثل عادة في شحوب أو إرهاق أو صداع طفيف (مبهمي) دون أي خطورة على صحة المتبرع.

وكما سبق الذكر، ليس هذا الفعل، العادي جدا، ما قد يؤثر على الدورة الدموية. فضغط الدم ينخفض قليلا بعد التبرع، لكنه سرعان ما يرتفع ويستقر. ولمساعدة الجسم على استعادة توازنه، من المهم الخلود للراحة قليلا بعد التبرع، وتناول وجبة خفيفة، وشرب السوائل، وتجنب بذل أي جهد بدني كبير.

3- هل نشعر بالألم؟

"هل نشعر بالألم؟" إنها أحد الأسئلة الأكثر شيوعا بين المتطوعين الذين يوشكون على التبرع بالدم، بيد أن الخوف من الألم يقف عائقا أمامهم. يجب على هؤلاء المرهفون والمرهفات، الذين يعانون من خوف غير صحي من الإبرة، أن يعلموا أنه بغض النظر عن الشعور بوخز خفيف عند الحقن، فإن سحب الدم غير مؤلم على الإطلاق. وعلى الأكثر، نادرا ما يظهر، في مكان الحقن، ورم دموي (أزرق) أو ندبة صغيرة حميدة تختفي بعد بضعة أيام.

4- "ليس لدي الوقت"!

"أرغب في ذلك! ولكن للأسف، ليس لدي الوقت". إنها الحجة المثالية، الحجة الجاهزة التي يقدمها معظم أولئك الذين يتجنبون التبرع. لكن اعلموا، أيها السيدات والسادة المشغولون، أن هذه حجة واهية، حتى لو كان اسمكم مارك زوكربيرغ أو تيم كوك! فعملية سحب الدم برمتها تستغرق من 8 إلى 10 دقائق. وإذا أضفنا لها فترة ما قبل التبرع والخلود للراحة وتناول وجبة الخفيفة، فلن تتجاوز مدة 45 دقيقة على الأكثر. وهذا لا يمثل حتى ربع الوقت الذي تقضونه كل يوم على فايسبوك أو إنستغرام!

5- "أخشى الإصابة بعدوى"!

"أخشى الإصابة بعدوى أو فيروس". في هذا الجانب بالذات، ليس هناك أي خطر. فالتبرع بالدم لا يشكل أي خطر بشأن تلويثه. إذ تحتوي السلسلة على روابط وفلاتر كثيرة جدا لمنع اختراق أي فيروس أو عنصر ضار آخر.

من الفحص السري إلى التحليلات (التهاب الكبد +ب+ و+س+، وفيروس نقص المناعة البشرية، والزهري، وغيرها) وفحوصات الفيروسات والجودة، يخضع الدم لمعايير صارمة من السلامة والجودة، تشكل أكبر عدد من الأسوار ضد أي تنقل عدوى أو تلوث. وبالتالي، يتم تعقيم جميع الأدوات المستخدمة (الأغلفة، والإبر...) ويتم استعمالها مرة واحدة فقط. وعلاوة على ذلك، يمتثل مركز تحاقن الدم بالرباط، على سبيل المثال، لنظام شهادة الجودة إيزو 9001. لهذا السبب نادرا ما نسمع عن حالات لأشخاص أصيبوا بالتهاب الكبد أو أي فيروس آخر عن طريق التبرع بالدم.

6- "هل يتم بيع الدم؟"

"هل يتم بيع الدم؟" ليس في المغرب، على أي حال! الدم ثمين للغاية، ولا يقدر بأي ثمن حتى يتم تسويقه. ولأسباب أخلاقية، تتعلق باحترام كرامة الإنسان، لا يمكن شراء السائل الأحمر أو بيعه. وهنا قد يتساءل البعض: "لماذا يقوم المرضى، في المستشفيات العمومية، بأداء مبالغ مالية مقابل الحصول على السائل الثمين؟". في الواقع، لا تعود الفاتورة الممنوحة لأقارب المريض إلى سعر الدم الذي سيتم حقنه في عروق هذا الأخير، بل إلى تكلفة العمليات المختلفة التي تتم لتحويل الدم من الحالة الخام إلى الحالة النهائية، الجاهزة "للاستهلاك"، بالإضافة إلى رواتب الموظفين.

كانت هذه مجموعة من أبرز "المغالطات" المرتبطة بالتبرع بالدم. البعض منها تبدو غير منطقية إلى حد يصعب معه التصديق أن هناك من يصدقها. بيد أنهم، في الواقع، لديهم وقاحة منقطعة النظير، ويستمرون في ثني الكثير من الأشخاص ذوي النوايا الحسنة والمستعدين للتبرع بالدم.

آخر الأخبار