الثلاثي منيب بنكيران أخنوش والبحث عن البوز

الكاتب : الجريدة24

23 ديسمبر 2019 - 10:20
الخط :

يونس فنيش

ثلاثة وجوه سياسية تمثل ثلاثة أحزاب طفت من جديد على السطح، بمشقة، في الأيام الأخيرة محاولة تحريك بركة السياسة الراكدة، و مجتهدة لجلب اهتمام الناس أو استرجاع ثقة المواطنين في العملية الإنتخابية.

يتعلق الأمر بكل من حزب الأحرار بزعامة عزيز أخنوش، و حزب اليسار الموحد بزعامة نبيلة منيب، و حزب العدالة و التنمية بصوت عبد الإله بنكيران.

إلا أن تحركات الأحزاب الثلاثة تبقى غير موفقة إلى حد الآن لأنها تتحرك في إطار ما يمكن اعتباره، حسب بعض المتتبعين، حملة انتخابية قبل أوانها، كل حسب إمكانياته المادية، و ليس بموجب استراتيجية عمل حزبي رزين و متواصل.

إذ أن الأمر يتعلق بخرجات إعلامية لا تقدم جديدا و تكتفي بالرد عن هذا أو ذاك بحثا عن "البوز"، و بالخوض في مبارزات كلامية غير مباشرة لا تغني و لا تسمن من جوع سياسي، لأن العمل السياسي ليس ك"فن الراب" الذي يعتمد، ربما، على "الكلاشات" لرفع عدد المشاهدين.

معذرة على الصراحة ولكن لابد من محاولة مساعدة الأحزاب السياسية بالنصيحة البناءة حتى يتأتى لها إقناع المواطنين بالإنخراط في العمل السياسي، أو على الأقل حثهم على المشاركة في عملية التصويت، حتى لا يضل حزب العدالة و التنمية هو الوحيد القادر على الفوز بسهولة بمجرد توزيعه، عبر وسائل التواصل الإجتماعي، لكلام معسول روحاني لا يعكس توجهاته الحقيقية؛ ذلك أنه حزب يصبو فقط، حسب رأي و آراء، إلى الإحتفاظ بموقعه على رأس الحكومة لإعادة توزيع المناصب على النافدين في دهاليز تنظيمه المعقدة خرائطه و التي لا يمكن فك شفراتها الآن، فقط نظرا لضيق الوقت.

الحديث بإنصاف عن الأحزاب الثلاثة موضوع الساعة قد يطيل المقال، كما أنه حديث قد يعيد ما قيل سابقا بدون فائدة.

فلا داعي إذن للتركيز على الجزئيات، و لا لتحليل بعض الخرجات بتفاصيلها حتى لا نتسبب في إحراج غير منتج لبعض القيادات الحزبية التي قد يتضح ضيق صدر بعض مؤيديها، فيلجؤون إلى إعدام هذا المقال أيضا، و الحيلولة بينه وبين القراء الأعزاء الشرفاء النزهاء المخلصين الأوفياء للوطن بشعاره الجميل.

يقول المثل الشعبي الشفاهي:" الحر بالغمزة و العبد بالدبزة"، و بالتالي ستوجه سهام مداد ما تبقى من هذا المقال فقط لحزب العدالة و التنمية، لأنه حزب انتقاده مستباح في جميع الجرائد المستقلة أو الخاصة، الإلكترونية منها و الورقية، و هذا من أسرار قوته في المشهد السياسي عندنا؛ لأنه حزب تكمن قوته النسبية في تلك المظلومية التي يحسن استغلالها لكسب عطف الناخبين المصوتين.

طيب، فلنزد إذن حزب العدالة و التنمية انصارا جديدا بما أن انتقاده على ما يبدو يريح مناوئيه من الأحزاب المنافسة له التي تظن بأنها تنال منه نظرا لحجم و عدد المقالات التي تكتب و تنشر ضده، بما أن انتقاده مباح في الأوساط الصحفية المستقلة الخاصة، و ذلك في انتظار موضوعية شاملة و وعي سياسي-علمي أكثر ذكاء من لدن الأطراف السياسية الأخرى.

قوة حزب العدالة و التنمية النسبية، لحد الآن، تكمن في كونه ينفد توصيات البنك الدولي من مركزه الحكومي و لا يعارضها بل يتبناها في خطاباته الجديدة، ولكن مع المحافظة على صوت معارض من داخله يتلخص في شبيبته و في شعبوية زعيمه السابق عبد الإله بنكيران، الذي اتضح أنه مازال يستطيع جلب انتباه عدد لا يستهان به من المواطنين كلما تحدث علانية تحت غطاء إبداء الرأي تارة، ولو بنبرة مرجعية حزبه، و تارة أخرى بالإستحواد، بطريقة فنية، على الأفكار و التلميحات العميقة التي تصدر عن أكثر الناس صدقا و معرفة و الذين يظلون معزولين و محجوبين على عموم المواطنين نظرا لاستقلاليتهم و عدم انتمائم، ولكن ليس في ذلك عيب ربما من منظور سياسي محض حسب أدبيات حزب العدالة و التنمية...

حزب العدالة و التنمية يتحرك اليوم برأسين. شبيبة طيعة ولكن يقظة تحت قبضة عبد الإله بنكيران، و نخبة تلعب دور الإندماج الكلي. فما إن سقط الواحد إلا و ارتفع شأن الآخر. ولذلك فهو حزب لا يخشى الإنتقاد اللاذع لصفوفه الأمامية، لأنه بكل بساطة نجح في تحصين صفوفه الخلفية.

مازال في الجعبة الكثير في هذا الصدد، ولكن أكتفي بهذا القدر حتى لا أطيل على القراء الأعزاء الشرفاء الأذكياء.

إن أكبر تحدي ينتظر الأحزاب السياسية، بصفة عامة (-باستثناء، ربما، حزب العدالة و التنمية الذي لا مصلحة له بتاتا في مشاركة عارمة في الإنتخابات-) هو أن تكسب رهان المشاركة في الإنتخابات المقبلة، و لا أظن أنها ستكسب هذا الرهان المصيري بالنظر لأدائها السياسي، و نظرا لتعاملها غير الموفق مع المعطيات الواقعية إلى حد الآن.

آخر الأخبار