هل تطبق لجنة التضامن مع الريسوني "التترس" في حق الضحية محمد آدم؟

الكاتب : الجريدة24

09 يونيو 2020 - 04:24
الخط :

تُمعن لجنة التضامن مع سليمان الريسوني في ازدراء القانون، والتأثير على القضاء، وإقصاء الضحية محمد آدم، مع وصمه بعبارات التحقير والتمييز والإقصاء، المشفوعة بالتحريض غير المباشر على الكراهية والعنف في حق الأقليات الجندرية، وفي مواجهة عموم الضحايا الذين يلوذون بالقانون والقضاء طلبا للإنصاف.

فآخر إعلان أصدرته لجنة التضامن المذكورة، يفيد عزمها تنظيم ندوة افتراضية تحت عنوان "اعتقال سليمان الريسوني واستهداف الصحافة المستقلة"! وظاهريا، يستثني هذا العنوان الضحية محمد آدم من البنية الجنائية لهذه القضية، ويقدّمه وكأنه ضحية وهمية تم تجنيدها وتسخيرها لمهمة سرية هي الإيقاع بالمتهم سليمان الريسوني، أو أنه كومبارس أو ممثل رديف في محاكمة صورية ينهض فيها بدور البطولة إلى جانب المتهم الرئيسي في القضية.

فربط هذه القضية بمزاعم "استهداف الصحافة المستقلة" لا يقبل العديد من التأويلات أو التفسيرات، فهو يعني-حسب منظري لجنة التضامن-أن هذه القضية مفبركة، وأن الضحية مدفوعة ومؤجرة، وأن أجهزة العدالة الجنائية تتحرك من خلف ستار، وأن الرأي العام المتضامن مع الضحية في دار غفلون، وأن منظمة هيومان رايتش ووتش التي طالبت بمحاكمة عادلة هي بدورها متواطئة، وأن منظمة أمنستي التي طلبت إسقاط اسمها من بيان التضامن غير المشروط فقدت حياديتها واصطفت إلى جانب المخزن!!! فهل هناك شخص عاقل يمكنه أن يثير مثل هذه الدفوعات الخيالية؟ وهل يقتنع شخص، ولو في  مستوى متوسط من التمييز والإدراك ، بمثل هذه الأراجيف والترهات؟

لا أحد يمكنه أن يدفع أو يقبل بهذا الكلام غير المستساغ عقلا ومنطقا. ومع ذلك، تصر لجنة التضامن مع سليمان الريسوني على التشبث به وبدفوعاته، رغم أنها تدرك جيدا بأنها تجافي الحقيقة، وبأنها تسيء لحقوق الضحية، وتضطهد حقوق الأقليات الجنسية، لكنها مستعدة للمضي قُدما في هذا النهج  إعمالا، ربما، لمبدأ "التتــرس"  ! فلجنة التضامن ترى بأن "التضحية "بالضحية محمد آدم هو واجب حقوقي في حربها "المقدسة" ضد الدولة. بل إنها تعتبر الضحية " متترس به" يجوز تقديمه كقربان وأُضحية على مذبح سجالها الدائم مع كل ما هو رسمي في الدولة. وهي بذلك تقترب من تفسير القرطبي لأحكام التترس والذي قال فيه " قد يجوز قتل الترس إذا كانت المصلحة ضرورية كلية".

فإعلان التضامن غير المشروط مع المتهم، وصدّ الباب في مواجهة الضحية، وتعليب القضية في صورة "عمل ممنهج ضد الصحافة المستقلة"، هو ضرب من ضروب "التترس"، الذي يبيح في حالة سليمان الريسوني "القتل الرمزي" للضحية محمد آدم لتحقيق "أهداف إستراتيجية" يضمرها المعطي منجب وخديجة الرياضي ومحمد رضى، ومن خلفهم كورال المزمرين والمزمرات الذي تم استدعاؤه من "صحافة وجيش الاحتياط"، بعدما انتهت بهم السبل بعيدا عن الإعلام، مثل بوبكر الجامعي وعلي لمرابط.

وبعيدا عن "التترس والمتترسين"، تُمعن أيضا لجنة التضامن مع سليمان الريسوني في امتهان كرامة الصحافة والصحافيين، وممارسة التمييز بينهم على أساس المحاصصة الإيديولوجية، والموالاة الحزبية والجمعوية، وعلى أساس طبيعة وارتباطات المنبر الإعلامي الذي يعملون به. فحصر الصحافة المستقلة في سليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين المتابعين في قضايا الاغتصاب وهتك العرض بالعنف، قد يستشف منه بأن الصحافي لا يكون مستقلا إلا إذا توبع من أجل جرائم جنسية! وأنه لن يكون صحافيا مستقلا حسب "كورال المزمرين" إلا إذا عمل في جريدة "أخبار اليوم" دون سواها من الوسائط التواصلية والإعلامية.

إن هذه العناوين التي تختارها بعناية لجنة التضامن مع سليمان الريسوني لا علاقة لها نهائيا بمسألة الدفاع عن الصحافة المستقلة، كما تسوق لذلك في بياناتها وندواتها الافتراضية، لسبب بسيط وهو أن لفظة "الصحافة" لم يرد ذكرها نهائيا في محاضر الشرطة القضائية ومحاضر استنطاق النيابة العامة وقاضي التحقيق، وإنما تمت الإشارة بشكل عرضي لمفردة" الصحفي" في مناسبتين فقط، وهي عندما تحدث الضحية عن صفة المتهم التي يستغلها للتنكيل به وتهديده حسب قوله، كما أنها وردت مرة ثانية عند الحديث عن مهنة المتهم في معرض سؤاله عن هويته. أما باقي الإجراءات والتدابير المسطرية فقد انصبت جميعها على مناقشة جرائم الحق العام، وتحديدا هتك العرض والاحتجاز.

وعموما، يمكن القول بأن أعضاء لجنة التضامن مع سليمان الريسوني، اليسارية الهوى والمنهج والعقيدة، أصبحت تنهل من القاموس الإسلامي، مستعينة بحكم "التترس" لشرعنة القتل الرمزي للضحية محمد آدم. فهي تؤمن حد اليقين بأن استهدافها للدولة ومؤسساتها هو أسمى من الدفاع عن حقوق الأقليات والانتصار لمصالح الضحايا.

آخر الأخبار