يأكلون مع الذئب ويبكون مع الراعي تحت جناح "آمنستي"

الكاتب : الجريدة24

04 يوليو 2020 - 12:30
الخط :

هشام رماح

سقط عمر الراضي، الصحفي المتدرب في حبائل مصيدة نسجتها أيادي أشباه حقوقيين، يأكلون مع الذئب ويذرفون الدمع الهَتون مع الراعي، وقد انفضح هذا الأمر، بعدما خرج المغرب لمقارعة منظمة "العفو الدولية" بالحجة وأحرجها بطلبه إياها تقديم الأدلة والبراهين التي تثبت ادعاءات تجسس أجهزة الدولة على هاتف عمر الراضي.

قبل التطرق لبعض تفاصيل القضية المشتبكة، لا ضير من لفت انتباه عمر الراضي، إلى أنه مجرد غر ساذج انقاد بلا تردد نحو الهاوية ليدق آخر مسمار في نعش مسار كان يتوسمه خدمة لصاحبة الجلالة، وذلك بسبب تعدد الفروق وشساعتها بين العمل الصحفي والعمل القذر الذي ظل يقوم به منذ سنوات لصالح جهات أجنبية.. وليرد على هذا، فليأت برهانه حول "التحقيقات" التي كان يدعي إنجازها ولم تنشر بعد..، لماذا؟ لأن ما استقصى عنه وترسبت عنه معلومات لم تجد طريقها للنشر البتة، وإنما هي في حوزة الجهات التي تترصد للمغرب وقد استطاعت غواية أبنائه لضربه في الخاصرة.. لكن هيهات.

أما ما في القضية بحد ذاتها فهو أكبر بكثير من أن تستوعبه عقول عمر الراضي ومن يحركونه هنا في المغرب، لأن هؤلاء جميعا ليسوا غير دمى تحركهم أيادي "حاوٍ" بريطاني، بعدما لمس فيهم ما يفوق "طمع أشعب"، وراح يدر عليهم المال لخدمة أجندة المخابرات البريطانية "MI6"، ومن بين ما يتحوز هذا رجل المخابرات هذا، "حقوقيين" أمثال المعطي منجيب والحبيب كمال وغيرهم ممن تضيق عليهم الآن الدوائر وقد فطن المغرب للمؤامرات التي تحاك ضده بأيادي مثل هؤلاء.

إن منطلق بعض الاتهامات التي توجه إلى عمر الراضي ومن يدور في فلكهم، تحت "غطاء" "آمنستي"، لهو تلقي عمولات أجنبية من أجل توفير معلومات على عدة مشاريع كبرى ترسي المملكة أسسها في القارة السمراء بمنطق "رابح- رابح" الذي لا يفقهه عسكر الجزائر ولا البريطانيون الذين يبحثون لأنفسهم عن موطيء قدم في القارة الفتية بعد الخروج من الاتحاد الأوربي المعروف اختصارا بـ"بريكيت".

والجمع بين عسكر الجزائر والبريطانيين له ما يبرره هنا، لأن المشروع الأكبر الذي ضرب الجزائر عرض الحائط وأسال لعاب البريطانيين وحتى الصين، يتعلق بأنبوب الغاز الطبيعي "Gazoduc" الذي يرتقب مده من نيجيريا نحو المغرب ومن ثمة يوجه للتصدير نحو أوربا، بما يسحب البساط من تحت الجزائر المصدر لهذه المدة الطاقية، عبر هكذا مشروع واعد أصبح مبلغ هم الجارة الشرقية المملكة تقويضه وعرقلته، ولهذا الغرض فهي مستعدة للتحالف مع "الشيطان" لعدم تنزيل الرؤية التي عبر عنها الملك محمد السادس في مشروعه هذا مع الرئيس النيجيري محمد بوخاري.

ولأن مشروع أنبوب الغاز الذي سيمتد من نيجيريا نحو المغرب، سيؤثر سلبا على المشاريع الجديدة للتنقيب على الغاز في الجزائر، فإنها سخرت شركات كبرى للعمل على عرقلة هذا المشروع، وهو ما قامت به "سينو بيك بتروليوم" التي راودت الجزائريين وخطبت ودهم، من أجل مصالح اقتصادية تتعلق بالمادة الطاقية، عبر تحويل مجموعة من الأموال إلى مستشارين قانونيين وقضائيين في نيجيريا مقابل وضع عصا في عجلة المشروع وإيجاد كل الثغرات القانونية التي قد تستغلها الجزائر لمنع إخراجه إلى الوجود.. وهذا غيض من فيض المؤامرات التي يؤتيها حكام البلد الجار تجاه المغرب لا لشيء سوى لغصة لا تزال تحتل حلوق العسكر هناك تجاه المملكة.. وهي غصة لن تمررها الدسائس طبعا..

أما فيما يتعلق ببريطانيا، ووعيا منها بما للمغرب من حظوة لدى أشقائه الأفارقة وبمكانته كبوابة رئيسية تفضي إلى باقي بلدانها، زاغت بأعين أجهزتها عن أوربا التي طلقتها، وصوبتها نحو المملكة لبحث كل السبل الكفيلة بالنزول بقوة في المعترك الإفريقي الذي يستهوي الصينيين والروس أيضا، ولا ضير لدى البريطانيين في استخدام "بيادق" مثل عمر الراضي، والمعطي منجيب والحبيب كمال وووو.... من أجل بلوغ المرامي المرجوة.. لضمان تواجد لبريطانيا في "ماما آفريكا" التي خلعت عنها رداء الغبن وقررت نسج مصيرها بأيديها وحدها.

وارتمى ضابط مخابرات بريطاني، على عمر الراضي بعدما قدمه إليه المعطي منجيب مستغلا فيه صفة الصحفي المتدرب ليسخره نحو ما يصبو إليه.. جمع المعلومات كأن الأمر يتعلق بتحقيق صحفي وتمكين ضابط المخابرات البريطاني منها الذي يحولها بالطبع نحو رؤسائه لتظل حبيسة الأدراج.. أما ما استقصى حوله الراضي مرارا فلم يدون قط على أي منشور ولم يخرج يوما إلى العلن.. أما حصته من المال فتصله على شكل عمولات أجنبية.. وهي ما تحتاج لتبرير بعدما سقط الراضي في يد القانون وهو يجري بين الأوتاد.

إنها شذرات فقط مما خفي وهو أعظم، لكن القادم من الأيام من شأن أن يزيل اللبس لدى من قد يشكك فيما سبق.. ولأن العودة إلى كلمة حق سواء تظل لازمة.. فإن السلطات العمومية المغربية وبكياستها المعهودة طالبت "آمنستي" بأن تأتي أيضا ببرهانها وتقارع الحجة بالحجة في ما جاء في تقريرها لـ2019 وتقريرها الأخير في يونيو 2020، حول تجسس المغرب على هاتف عمر الراضي ببرنامج "Pegasus".. وإذ راسلت السلطات العمومية المغربية الأمين العام للمنظمة حول مبررات التقرير والأدلة التي استندت عليها المنظمة لتحريره ونشره في العالم.. فإنها لم تحر جوابا.. والحقيقة الساطعة هي "آش عند الميت ما يدير قدام غسالو" كما أصاب المغاربة في لسانهم الدارج.

آخر الأخبار