التراخي والاستهتار حولا فاس إلى مدينة موبوءة بكورونا

فاس: رضا حمد الله
لا يروق الوضع الذي تعيشه فاس جراء الارتفاع المتواصل لرقم الإصابات فيروس كورونا، أهلها ومسؤوليها بعدما سجلت أرقاما مخيفة وظهور بؤر مهنية وعائلية بأحياء مختلفة، وشمول الإصابات الأمن والصحة وقطاعات أخرى في طليعة مواجهي الوباء ممن مفروض توفير شروط سلامتهم أولا قبل غيرهم.
إصابات في صفوف الأمن والأطباء والممرضين وبين مستخدمي مركزين للنداء وشركات، وتراخي ملحوظ في التعامل بالاحتياط والصرامة اللازمة مع الوباء والاستهتار بخطورته، صور مألوفة يوميا وبمختلف الشوارع والأحياء سيما الهامشية منها التي سجلت معدلات مخيفة لانتشار الوباء بين سكانها.
دبابات الجيش
سيارات ودبابات عسكرية وحضور أمني غير مسبوق، شوهد ليلة أمس (الجمعة) بساحة فلورانسا، في إطار تشديد الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا بعد تفشيه بنسب غير مسبوقة بالعاصمة العلمية وظهور بؤر متعددة بما فيها العائلية والمهنية والإدارية، ما يجعل الوضع على كف عفريت بالمدينة.
الحضور الأمني والعسكري وسط المدينة الجديدة، كان قبيل دنو توقيت إغلاق المحلات مع العاشرة ليلا وبعدما لفظت المقاهي ما بها من زبناء تتبعوا لقاء كرويا، وأثار انتباه الجميع خاصة أمام التواجد غير المسبوق لتلك الترسانة الأمنية قريبا من الساحة النقطة المحورية بين شارعي الحسن الثاني وللا مريم.
لم يقتصر الحضور الأمني على السيارات والعربات المتراسة بجانب الطريق على قارعة شارع الحسن الثاني، بل شمل تعزيزات بشرية شوهدت بأعداد مهمة بعضها تسلح بكلاب مدربة، دون أن يمنع ذلك حركة الراجلين ممن لم يرتدي بعضهم الكمامات بمن فيهم فئة كانت جالسة وسط الحديقة غير بعيد عن التعزيز الأمني.
خروج الجيش للشارع اعتبره البعض، خطوة لتشديد القبضة والتعامل بصرامة أكبر مع المخالفين في ظل ارتفا عدد المصابين، بعد ساعات من دخول العربات والدبابات العسكرية للمدينة المغلقة المنافذ إليها ومنها قبل أسبوع، في انتظار خطة ناجعة للحد من انتشار الفيروس الذي لا يمكن أن يحارب بالدبابات.
فوضى المقاهي
قبل دقائق من الإنزال العسكري الذي سبقه استعراض ببعض الشوارع والأحياء، كانت مقاهي المدينة تعج بجمهور الكرة ممن حضروا لمشاهدة مباراة ريال مدريد ومانشستر سيتي، ممن لم يحترم الكثير منهم الشروط الواجبة بما في ذلك التباعد وارتداء الكمامات، حيث بدوا ملتصقين ببعضهم في غياب شروط الوقاية.
لم يكن هذا الإخلال حكرا على المقاهي ولا حتى مناسبة المباراة، بل يكاد يكون شيئا مألوفا في مختلف الفضاءات العمومية التي تحتضن زبناء بأعداد مختلفة، حيث يقل أو تتفاوت درجة احترام شروط السلامة اللازمة، بما في ذلك وسط الحدائق سيما بشارع الحسن الثاني الحاضن لأكبر عدد من الزوار يوميا.
وتبدو العائلات بهذا الشارع بعيدة عن ما يتم تداوله من إرشادات وشعارات يتم تغييبها خاصة فيما يتعلق بالتباعد وارتداد الكمامة، في الوقت الذي تختار عائلات الجلوس جماعة وبمسافة أقرب بين أفرادها، وسط الحدائق على قلتها بالمدينة الجديدة، فبالأحرى بالأحياء الشعبية الغارقة في عشوائيتها وفوضاها.
هذا التراخي ملحوظ منذ التخفيف من حدة الحجر الصحي تدريجيا وعودة الناس للشوارع وارتياد الفضاءات، ما شكل واحدة من عدة أسباب تحامت على المدينة، بشكل رفع عدد الإصابات بشكل قياسي جعلها الأولى وطنيا في رقم المصابين والموتى، في انتظار "عصا سحرية" تخفف من هول وشدة ما نزل على أهلها.
تراخي واستهتار
ما كان للسلطات أو تلجأ للاستعانة بالجيش ولا حتى لتشديد الإجراءات، لولا التراخي الملحوظ بعد شهور الحجر الصحي التي كانت فيها معدلات الإصابة بالفيروس، أقل قبل أن ترتفع بشكل كبير بعد ظهور بؤر مهنية وعائلية وفي إدارات مختلفة، ما جعل الوضع أكثر إقلاقا لأهل فاس قبل السلطات والمسؤولين.
التراخي لم يكن فقط من جانب المواطنين، بل حتى مسؤولي المدينة التي تعيش وضعا لا تحسد عليه وينذر بتطورات أكثر خطورة في حالة أي تقاعس في تنزيل الإجراءات والتدابير الجديدة، والتقليل من حدة امتداد البؤر سيما المهنية والعائلية منها التي فرضت على السلطات إغلاق محلات وأحياء شعبية.
سهب الورد والمصلى ودوار ريافة أحياء بمقاطعة جنان الورد، كانت أول الأحياء التي شملتها قرارات الإغلاق ووضع المتاريس الحديدية على أبوابها، إجراء يروم السيطرة على الوضع بها بعدما سجلت معدلات مرتفعة للإصابة بالفيروس الذي امتد إلى مختلف الأحياء بالمقاطعات الست وبنسب مختلفة ومتفاوتة.
ولا يحتاج الأمر فقط إلى هذا الإغلاق المنتظر ان يمتد لأحياء أخرى، بل يجب التعامل بصرامة أكبر وتكثيف المراقبة بالشوارع والأحياء لرصد مخالفي التدابير المعلن عنها، كما في إدارات ومؤسسات وشركات سجلت بها معدلات مرتفعة، ومفروض إرغام مسؤوليها على احترام شروط الوقاية والسلامة اللازمين.