بين فرحة المغاربة وقلق الكسابة.. تداعيات قرار إلغاء عيد الأضحى تتصدر المشهد

الكاتب : انس شريد

26 فبراير 2025 - 10:30
الخط :

في لحظة غير مسبوقة، جاء قرار جلالة الملك محمد السادس بإلغاء شعيرة النحر في عيد الأضحى لهذا العام كحدث استثنائي قلب موازين المشهد الاجتماعي والاقتصادي في المغرب.

بالنسبة لفئات واسعة من المواطنين الذين أثقلهم الغلاء، كان القرار بمثابة بارقة أمل ترفع عنهم عبئًا ماليًا كبيرًا في ظل موجة غلاء غير مسبوقة.

https://youtu.be/z80PdFaCHZE?si=YJEJFKeUaYIm5Y5o

لكن في الجهة المقابلة، شكّل هذا القرار صدمة كبرى لمربي الماشية الذين يعتمدون على هذه المناسبة كفرصة سنوية لتغطية نفقاتهم وتعويض خسائرهم المتراكمة بسبب الجفاف.

في الأسواق والمراعي، بدت علامات القلق واضحة على وجوه "الكسابة"، الذين استثمروا طيلة شهور طويلة في تسمين الأغنام وتجهيزها للبيع، ليجدوا أنفسهم فجأة أمام واقع مختلف تمامًا.

أحد الجزارين ومربي الماشية في الدار البيضاء عبّر في حديثه للجريدة 24 عن هذا الشعور المتضارب قائلاً إن القرار منصفٌ للمواطن البسيط الذي يعاني من ارتفاع الأسعار، لكنه في المقابل يشكل ضربة موجعة للمربين الذين يعانون من تبعات الجفاف وتكاليف العلف الباهظة.

وأكد أن هذه الفئة تحتاج إلى دعم حكومي عاجل حتى لا تجد نفسها في دوامة الخسائر التي قد تدفع العديد منهم إلى التخلي عن نشاطهم تمامًا.

ورغم أن القرار كان متوقعًا لدى البعض بسبب الأزمة الاقتصادية وشح الموارد المائية، إلا أن طريقة إعلانه وتوقيته أضفيا عليه طابعًا مهيبًا.

فجلالة الملك، بصفته أميرًا للمؤمنين، حرص على تأكيد رمزية الأضحية وأهميتها في الدين الإسلامي، مشيرًا إلى أنه سيتولى شخصيًا ذبح الأضحية نيابة عن شعبه، مقتديًا بسنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عندما قال: "هذا عن نفسي، وهذا عن أمتي". هذا الإعلان حمل رسالة قوية مفادها أن التحديات التي تواجهها البلاد تتطلب قرارات جريئة تراعي المصلحة العامة قبل أي اعتبار آخر.

وأضاف الملك في رسالته التي تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، إن “حرصنا على تمكينكم من الوفاء بهذه الشعيرة الدينية في أحسن الظروف، يواكبه واجب استحضارنا لما يواجه بلادنا من تحديات مناخية واقتصادية، أدت إلى تسجيل تراجع كبير في أعداد الماشية. ولهذه الغاية، وأخذا بعين الاعتبار أن عيد الأضحى هو سنة مؤكدة مع الاستطاعة، فإن القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضررا محققا بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لاسيما ذوي الدخل المحدود”.

تصريحات الكساب في حديثه للجريدة 24، لم تخلُ من الإشادة بالحكمة الملكية، لكنها في الوقت ذاته حملت نداء استغاثة موجهًا للحكومة بضرورة الالتفات إليهم ودعمهم في هذه المرحلة الحرجة.

وطالب ذات المتحدث، بأن يشمل الدعم الفلاحين الصغار بدل أن يتركز على الشركات الكبرى والمستوردين الذين يهيمنون على القطاع، مشيرين إلى أن استمرار تجاهل هذه الفئة قد يؤدي إلى انهيار سلسلة الإنتاج المحلي للحوم الحمراء، وهو ما سيجعل الأسعار ترتفع أكثر في المستقبل.

المشهد العام في المغرب اليوم يعكس حالة من الترقب، فالمواطنون الذين رحبوا بالقرار يتطلعون إلى أن تكون هذه الخطوة مقدمة لمبادرات اقتصادية أوسع تخفف من وطأة الغلاء، فيما يعيش "الكسابة" أيامًا صعبة في انتظار إجراءات حكومية تنقذهم من خسائر محتملة.

وبين هذا وذاك، يبقى قرار إلغاء النحر حدثًا فارقًا في تاريخ المغرب الحديث، حيث امتزجت الحكمة الدينية بالاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية في خطوة استثنائية تعكس رؤية ملكية تستبق الأزمات وتضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار.

TV الجريدة