في حواره مع "الجريدة 24".. الطيار: المغرب لا يريد أن يقع في فخ الجزائر والصناعة العسكرية ستلعب دورًا مهمًا في التنمية الاقتصادية

شهد المغرب تطورًا ملحوظًا في قدراته العسكرية على مدى العقود الماضية، بحيث شمل تحديث وتوسيع القوات المسلحة الملكية المغربية، وتنويع مصادر التسليح، وتعزيز القدرات الدفاعية.
ويعكس التطور العسكري المغربي التزامًا بتعزيز القدرات الدفاعية والردعية للمملكة، وضمان حماية أمنها القومي في مواجهة التحديات المتزايدة.
وأعلنت المملكة، مؤخرا، عن إنشاء منطقتين صناعيتين في مجال الدفاع للاهتمام بمعدات وآليات الأمن وأنظمة الأسلحة، وذلك خلال مصادقة المجلس الوزاري برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وتأتي هذه الخطوة، في إطار رؤية المغرب لتعزيز استقلاله في قطاع الدفاع، وزيادة قدراته الإنتاجية المحلية.
وارتباطا بالموضوع حاورت الجريدة 24، محمد طيار، الخبير في الدراسات الأمنية والاستراتيجية، الذي تطرق لسياسة توطين المغرب للصناعة العسكرية، مع إبرازه أيضا لدور المملكة في حفظ الاستقرار بـ"منطقة الساحل الإفريقي"، والاستعداد الدائم والتحسب لوقوع مخاطر غير متوقعة يصعب التكهن بحدوثها أو بآثارها.
وإليكم نص الحوار كاملا:
1- كبداية، هل دخول المغرب لمجال التصنيع العسكري يتعلق بالتهديدات والمخاطر المرتبطة بقضية الصحراء المغربية؟
المغرب طيلة عقدين من الزمن، ركز على عدة مجالات اقتصادية وتنموية، من أجل بناء عناصر قوة الدولة.
ودخول المغرب إلى مجال التصنيع العسكري يتماشى مع استراتيجيته لتعزيز أمنه القومي وتحقيق استقلالية أكبر في تلبية احتياجاته الدفاعية.
نظرا أن الأمن القومي المغربي يواجه تنوعًا من التهديدات التي تتطلب استجابة شاملة ومتكاملة، خاصة أن المغرب لصيق بمنطقة الساحل الإفريقي، التي تعرف انتشار الجماعات الإرهابية، مما يزيد من خطر انتقال الإرهاب إلى المغرب.
بالإضافة إلى انتشار الجريمة المنظمة والتهريب، سواء تعلق الأمر بتهريب الأسلحة والمخدرات عبر الحدود الصحراوية الشاسعة وغير المراقبة، والتي تستغلها الجماعات الإجرامية لتوفير التمويل لأنشطتها، وشبكات تهريب البشر التي تنقل المهاجرين غير الشرعيين عبر الصحراء إلى المغرب ومنه إلى أوروبا.
فضلا عن ذلك فإن الجارة الشرقية الجزائر، دائما كانت طيلة العقود الماضية، تبعث إشارات عدوانية وتهديدات مبطنة وسافرة تجاه المملكة المغربية، مع استمرارها بالدعم المالي والعسكري والدبلوماسي للبوليساريو، لخلق الفتنة داخل الصحراء المغربية، و عقدها كذلك لتحالفات عسكرية مع حزب الله اللبناني وإيران.
وقيامها أيضا بمناورات عسكرية بالقرب من الحدود المغربية، بحيث تستخدمها كوسيلة لاستعراض قوتها العسكرية وإرسال رسائل تهديدية للمملكة.
لذلك فالمغرب نتيجة تعدد المخاطر المحيطة به، لا بد أن يواصل تطوير وسائل دفاعه، مع استمرار الحصول على كل الوسائل التي ترفع من قدرته الدفاعية والردعية.
2- ما دلالات قيام المغرب بتدشين مصنعين للأسلحة، وهل هذا التوجه هدفه توطين الصناعة العسكرية والتوقف عل استيراد الأسلحة من الخارج؟
المغرب طيلة السنوات الماضية، حقق مكاسب عديدة، سواء على المستوى الاقتصادي أو الدبلوماسي أو التكنولوجي أو تصنيع السيارات وصناعة قطع غيار الطائرات المدنية وتجميع أجزاء محركاتها.
وحاليا في إطار تنفيذ البرامج الاستراتيجية التي أطلقها صاحب الملك محمد السادس في المجال العسكري في السنوات الاخيرة، قرر المغرب إنشاء منطقتين صناعتين، كخطوة مهمة نحو تقليل الاعتماد على الواردات العسكرية من الخارج، وتعزيز الاستقلالية الاستراتيجية، بكون المغرب سيتحكم في إنتاج وتطوير تقنياته العسكرية.
بالإضافة إلى سعيه لتعزيز القدرات التكنولوجية، وتوطين الصناعة العسكرية يتطلب استثمارات كبيرة في البحث والتطوير والتكنولوجيا المتقدمة، مما يسهم في نقل المعرفة التكنولوجية وتعزيز الابتكار في البلاد.
والمغرب سبق له وعقد عدة شراكات واتفاقيات ثنائية مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى كالبرازيل، من أجل توطين الصناعات العسكرية والأمنية بالبلاد.
ودخول المغرب إلى مجال التصنيع العسكري، جاء أيضا لتفادي الفخ الذي سقط فيه الجزائر، بعدما كانت لسنوات تستورد السلاح من روسيا، غير أنه منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية تبعثرت أوراقهم، بكون أن الذخيرة الروسية أصبحت مخصصة فقط في حربها مع كييف.
والجزائر حاليا أصبحت تتوسل لعديد من الدول، من أجل اقتناء الأسلحة، على رأسها الصين، والمغرب لا يريد أن يقع في هذا الفخ، لذا يقوم بتطوير مجال التصنيع العسكري.
وتهدف إدخال المغرب إلى نادي دول الصناعات العسكرية المتطورة والدقيقة. بالإضافة إلى تقليص فاتورة استيراد الأسلحة من الخارج.
3- لماذا أصبح المغرب مؤخرا يتجه إلى اقتناء عدد كبير من "الدرونات" الحربية؟
تحول المغرب إلى اقتناء عدد كبير من الطائرات بدون طيار "الدرونات" الحربية لعدة أسباب استراتيجية وأمنية.
أهمها أن الدرونات توفر قدرة كبيرة على المراقبة والاستطلاع والهجوم في وقت واحد، بالإضافة فإن الحروب والصراعات الحديثة تعتمد بشكل متزايد على التكنولوجيا المتقدمة، والدرونات تمثل جزءًا مهمًا من هذا التطور.
ويمكن للدرونات أن تلعب دورًا حاسمًا في مراقبة الحدود وكشف الأنشطة غير القانونية مثل التهريب والهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب.
وتمنح هذه الطائرات، المغرب القدرة على تنفيذ عمليات عسكرية مستقلة دون الحاجة إلى دعم مباشر من حلفاء أو شركاء خارجيين، مما يزيد من استقلالية القرارات العسكرية والسياسية.
4- هل الصناعة العسكرية ستلعب دور مهما في التنمية الاقتصادية وتحقيق الاستقلالية؟
نعم، يمكن للصناعة العسكرية أن تلعب دورًا مهمًا في التنمية الاقتصادية في المغرب لعدة أسباب، أهمها خلق فرص عمل، بكون أن إنشاء مصانع عسكرية وصناعات مرتبطة بها يوفر وظائف مباشرة وغير مباشرة، مما يقلل من البطالة.
كما أن تطوير صناعة عسكرية محلية يقلل الاعتماد على الاستيراد ويعزز الاكتفاء الذاتي.
إضافة أن الصناعة العسكرية ستساعد الاقتصاد المغربي في تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية مثل الزراعة والسياحة.
ووجود صناعة عسكرية قوية يمكن أن يجذب استثمارات أجنبية ومحلية، سواء في القطاع العسكري أو في قطاعات مرتبطة به.
بشكل عام، تطوير الصناعة العسكرية يمكن أن يساهم بشكل كبير في التنمية الاقتصادية المستدامة في المغرب، إذا تم تنفيذه بطريقة استراتيجية ومدروسة.