رحمك الله ابننا عبد العالي مشوار.. ولا نامت أعين الجبناء في جارة السوء

هشام رماح
رحمك الله ابننا عبد لعالي مشوار.. ولترقد روحك بسلام، بعدما طول انتظار وقد طوَّح أزلام النظام العسكري الجزائري، بجثمانك لمدة أربعة أشهر، ولم ترأف أذنابهم بك وأنت حيا ولا بعائلتك وأهلك وأنت ميت.
فلترقد روحك في سلام، أخونا عبد العالي مشوار، وأنت الذي غدرك "الجيران" واقتنصوك وصديقك بلال قيسي، بينما اعتقلوا رفيقكما إسماعيل الصنابي، الذي ندعو له وهو يعاني الويلات في سجن بالجزائر.
فلترقد روحك بسلام، عبد العالي مشوار.. نستطيع أن نقولها الآن، وقد تسلمت عائلتك جثمانك ليوارى الثرى ولتحفظ حرمته التي انتهكت سافرا من لدن أجلاف يعتقدون بالشر ويتأبطونه، ويصرِّفون لواعجهم إزاء المغرب في قضايا إنسانية صرفة.
لقد توصلت عائلتك بجثمانك بعد أربعة أشهر من اعتقاله في برَّاد جزائري، أحس فيه بالوحشة أكثر من وحشة القبور، وأنت الذي تهادت بك دراجتك المائية لتدخل المياه الجزائرية دون أن تدري أنك بذلك ترمي بنفسك إلى التهلكة وإلى قناصة أنذال لا يرحمون العزَّل.
نعم غادرت قبل أربعة أشهر شاطيء السعيدية، دون أن معرفة مسبقة منك، بأنها ستكون جولتك الترفيهية ستكون الأخيرة، وقد استسهلت مدى خسة "الجيران" وفداحة تربصهم الدوائر بكل ما هو مغربي، ليرشقوك ومن كانوا معك بالرصاص ويعتقلون "جثمانك" فوق كل هذا.
لقد عاد جثمانك يا أيها الراحل عنا، والذي عبر يوما في هذه الحياة، وكان يظن أنه في مأمن وبأن الدماء لا تصبح ماء بين الأشقاء، ففوجيء بالرصاص يخترق جسده وفجع معه الأهل وباقي المغاربة، ليكتشفوا دناءة هؤلاء "الأشقاء".
عدت بين ظهرانينا يا عبد العالي مشواري، لكنك بلا حياة، بعدما نكَّل بك هؤلاء القابعون ما وراء الحدود الشرقية للمملكة الشريفة، والذين لا يراعون حقا للأحياء ولا حرمة للأموات، وسعوا لاستخلاص أحقادهم من وطنك بك وأنت ميت بلا حراك.
لقد عدت إلى حضن العائلة ليعانقوا جثمانك البارد ولتحس بدفئهم ودفء الوطن الذي بذل رجالاته كل الجهود ليردوك إليه، وحتى يلقي عليك الأحباء نظرتهم الأخيرة، ويودعوك بعدما اغتربت وأنت بلا حول في بلاد "الأشقاء" الذين اكتشفت متأخرا أنهم أعداء ألدَّاء.
عدت بيننا وكنا نتمناك حيا، لكن الأقدار الإلهية هي التي تسري على الجميع، وما يعزينا فيك أن أوبتك إلى الوطن، كانت مناسبة لتقدر عائلتك جهود أبناء هذا الوطن الأبرار الذين تركوا كل شيء واهتموا فقط ليستخلصوا جثمانك من بين أيادي الأنذال.
لقد شكرت عائلتك المحامين وموظفي القنصلية العامة للمغرب بسيدي بلعباس، وعلى رأسهم السيد القنصل عبد الرحيم شاكر، وقد قالت في بلاغها إنه أبدى نشاطا متواصلا وتفانيا في كل لحظة، والذي لولاه ربما لما عاد جثمان عبد العالي إلى المغرب.
لقد عاد جثمانك بعدما غادرت روحك بسلام إلى بارئها، وعرفنا بأن في هذا الوطن من يذود عنا ونحن أحياء كما ونحن أموات، أما الجبناء فلا نامت أعينهم، بعدما تجاسروا على عزل وأطلقوا كلابهم على شباب ظنوا يوما أن "الأشقاء" لن يكونوا يوما بمثل هكذا جبن.
رحمكما الله عبد العالي وبلال.. وأطلق سراح إسماعيل.