سكيزوفرينيا حقوقية!!

الكاتب : الجريدة24

06 أغسطس 2020 - 11:38
الخط :

طالب عبر الرزاق بوغنبور، النائب السابق للعصبة المغربية لحقوق الإنسان، خلال مروره الإعلامي في برنامج حواري على قناة "فرانس 24" إلى جانب الزميل المختار لغزيوي، "بضرورة فسح المجال للقضاء المغربي، الذي أصبح سلطة مستقلة بموجب دستور 2011، لكي يبت في قضية عمر الراضي وفق اقتناعه الصميم، بعيدا عن الضغط الإعلامي والتأثيرات الناجمة عن تسريبات المحاضر"

ومطالب بوغنبور، رغم مشروعيتها، ورغم كونها مطمح ومطلب كل المغاربة، إلا أنها تخفي وراءها "سكيزوفرينيا حقوقية" مفضوحة ومكشوفة، بسبب المواقف البرغماتية، حتى لا نقول الانتهازية، للشخص الذي صدرت عنه في هذا الحوار الإعلامي! فالنائب السابق للعصبة المغربية لحقوق الإنسان نسي أو ربما تناسى أنه من الرعيل الأول الذي مارس التأثير الإعلامي والحقوقي على القضاء المغربي المستقل في القضايا الزجرية المسجلة مؤخرا.

فهل الإسهاب/ (ل) في تشكيل لجن للتضامن والبحث عن الحقيقة المفترى عليها في قضايا جنائية لا زال ينظر فيها القضاء، لا يعتبر تدخلا وتأثيرا في عمل السلطة القضائية، التي يجاهر عبد الرزاق بوغنبور اليوم "بضرورة تمكينها من هامش الاستقلالية المطلوب للحكم في القضايا المعروضة عليها بشكل مستقل"؟  وهل الاضطلاع بهمة "منسق" بعض هذه اللجن، مثلما هو الحال في قضية سليمان الريسوني المتابع بهتك العرض بالعنف، لا يتنافى مع مطالب استقلالية القضاء المرفوعة يوم أمس أمام الإعلام الفرنسي؟

وكيف يمكن أن يفسر عبر الرزاق بوغنبور إدراج توقيعه في الخانة (12) في نداء المطالبة بالإفراج عن شخص معتقل في قضية جنائية تتمثل في اعتداء جنسي وهتك عرض، مع أن هذه القضية لازال معروضة على أنظار القضاء الذي يطالب هو نفسه باستقلاليته وعدم التأثير عليه؟ أليس تخوين النيابة العامة، وتذميم الشرطة القضائية، والحديث عن فبركة الملفات في وسائل الإعلام وفي البيانات التضامنية هو تبخيس وازدراء للمساطر القضائية التي هي جوهر استقلال القضاء؟

إن أعراض "السكيزوفرينيا" أصبحت، للأسف الشديد، ماركة مسجلة باسم بعض المحسوبين على الحقل الحقوقي الوطني. فهم أول من ينبري مطالبا بحماية الحقوق الفئوية ومقاربة النوع الاجتماعي بيد أنهم هم أول من يمتهن حقوق النساء وينتصر للمغتصب ضد ضحاياه كما في قضية توفيق بوعشرين. وقد تجدهم أيضا أول من يدافع عن الهوية المثلية وإلغاء تجريم الشذوذ وتعزيز حقوق الأقليات الجندرية، لكنهم أيضا هم أول من استهجن ضحية سليمان الريسوني، بل وسموه ب "النكرة" و"بسليل قوم لوط" مع ما تختزله هذه الأوصاف في المخيال الشعبي من "دونية دنيوية" و"جزاء أخروي".

وإذا كان العديد منا قد تطبع مؤخرا مع "سكيزوفرينيا" المواقف الحقوقية، بعدما أصبحنا نعاين كيف أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أضحت تفشي الضحية لجلادها المغتصب، ونشاهد كيف أن عبد الرزاق بوغنبور بات ينسق لجنة للتضامن مع المتهم بهتك العرض في إنكار صريح لحقوق الأقليات الجنسية، لكن الذي يبقى عصيا على التطبيع هو الذود بالماضي للكذب على الحاضر! فالرئيس السابق للعصبة المغربية لحقوق الإنسان قدم أحمد البخاري كعميل سابق للمخابرات، وهذا كذب وزيف وتحريف للحقائق، لأن جميع شهادات مجايليه والإفادات الرسمية تحدثت عن مجرد موزع للهاتف حاول كسر عزلته بعد التقاعد من خلال "نفخ بالونات هوائية فارغة"، مستعينا في ذلك بخيال كاذب وقلم من ذوي القربى.

أكثر من ذلك، ادعى عبد الرزاق بوغنبور، نقلا عن موزع الهاتف المتقاعد، بأن المخابرات المغربية كانت تدير محلات للدعارة للإيقاع بمنتقديها! وبصرف النظر عن سطحية وسنطيحة من صدر عنه هذا الكلام أو تناقله، إلا أن جواب الزميل المختار لغزيوي كان مدويا، فبهث الذي كفر، وذلك عندما رد على محاوره (لماذا يذهب هؤلاء المسمون تجاوزا ب "المنتقدين" لتلك المحلات بأرجلهم بحثا عن الشهوة؟) هذا إن صح فعلا كلام أحمد البخاري الذي كان يزجي كل وقته في تمرير المكالمات الهاتفية. وجواب الزميل لغزيوي هو تجسيد واقعي لما كان يقوله عمر بنجلون لزملاءه " لي بغا يناضل يسد سلسلة سرواله" في إماءة صريحة لوجوب الإخلاص للنضال بعيدا عن الانحرافات الجنسية والعقد النفسية.

آخر الأخبار