المرشد السياحي المغربي.. الورقة المنسية

الكاتب : الجريدة24

14 أغسطس 2020 - 12:00
الخط :

محمد تويمي بنجلون

بغل الطاحونة المسكين الذي كان يدور رحاة إقتصاد هذا الوطن ليتنكر له الكل ... حتى صار المرشد اليوم مهددا بالشارع هو و عائلته ، جراء تراكم أشهر كراء سكنه و كذا متطلبات قوت يومه و أقساط سلفاته الإستهلاكية البنكية و أشهر مدارس أبنائه و فواتير الهاتف و الماء و الكهرباء ، بعد تعطيله عن العمل من طرف الدولة بغلق الحدود و إيقاف عجلة السياحة الخارجية الوطنية ...

فالسياحة تساهم بحوالي 7% من المنتوج الوطني الخام للإقتصاد الوطني ... و تشغل حوالي مليون شخص ... كما أدخلت لخزينة الدولة حوالي 78 مليار درهم السنة الفارطة

كل هاته الأرقام لم تشفع للمرشد السياحي في نيل حقوقه من دولته ... فقد أتت هاته الجائحة لتعري ورقة التوت عن واقع هش يعيشه المرشد الوطني على جميع المستويات الإجتماعية و الإقتصادية و الحقوقية و القانونية التنظيمية في هذا الوطن ...

فقبل الجائحة بأشهر قليلة  طالعتنا الوزارة الوصية بقانون تنظيمي يحدد تجديد إعتماد المرشد السياحي في ثلاث سنوات بعد أن كان إعتمادا دائما ... ثم بعدها أتت الجائحة و عطل المرشد السياحي عن عمله بإغلاق الحدود ليكتشف نفسه ينتمي لقطاع لا هوية له في تنظيم الدولة ... قطاع لا هو بالخاص و لا هو بالعام ...

لا هو من أصحاب الضمان الإجتماعي المصرح بهم و لا هو من أصحاب بطاقة الرميد و لا هو من الفئة الثالثة ... إستفادت مختلف شرائح الوطن من مساعدات صندوق كوفيد 19 على شحها إلا هو ... تعالت حناجر المرشدين بالنضال في شخص فدراليتهم خصوصا و أنهم صاروا على باب التسول و لا إعانة أو إلتفاتة من الدولة تنقذ أصحاب هاته المهنة الذين يعتبرون سفراء لبلدهم أمام السواح و العنصر الأساسي و المحوري في العملية السياحية الخارجية الدولية للمغرب ، حيث أنه هو من يرافق السائح الأجنبي منذ وصوله إلى الوطن و حتى مغادرته له ...

فبدأت الدولة و البرلمان و رئاسة الحكومة و الوزارة الوصية و كونفدرالية السياحة بعقد إجتماعات ماراطونية دامت خمس أشهر لإحداث دعم للمرشدين السياحيين ... و في الأخير تمخض الجبل ليلد فأرا ... فقد قامت الدولة بوضع عقد برنامج عمل لإنقاذ القطاع السياحي و المشتغلين به من السكتة القلبية ... عقد برنامج العمل هذا الذي لم يأت لإنقاذ المرشد السياحي و لكن ليلوي حبل مشنقة إعدام آخر حول رقبته ...

فقد خصصت الدولة لأرباب الفنادق و أصحاب وكالات الأسفار كل المساعدات الممكنة لكن بالنسبة للمرشد وضعت له السم في قطعة الخبز التي أرادت أن تقدمها له ... مساعدة المرشد حددتها الدولة في مبلغ 2000 درهم من شهر 7 إلى غاية شهر 12 من هاته السنة لكن بشروط قاتلة ... و ليته كان حتى بهاته الشروط المسمومة سينال مبلغ 2000 درهم بل فقط نصفه إذ وضعت الدولة شروطا تعجيزية لنيل مبلغ 1300 درهم شهريا ...

فقد إشترطت الدولة على المرشدين إن أرادوا أن يستفيدوا من هذا المبلغ أن ينخرطوا في صندوق الضمان الإجتماعي حيث سيقتطع لهم مبلغ المساهمة الشهري في هذا الصندوق و الذي هو حوالي 700 درهم أي أن المرشد لن يستفيد إلا بمبلغ 1300 درهم من هاته المساعدة على إعتبار هذا الإقتطاع ... و حين تنتهي مدة المساعدة يجب أن يبحث كل شهر و هو عاطل عن العمل عن مبلغ 700 درهم ليؤديه لصندوق الضمان الإجتماعي ليزيد الطين بلة ...

بل الأكثر من ذلك إشترطت الدولة على المرشد أن يسحب بطاقته المهنية من المندوبيات للإنخراط في صندوق الضمان الإجتماعي إن أراد أن يستفيد من مبلغ 1300 درهم هذا ... و سحب بطاقته و هو الشيء الذي يرفضه المرشدون يعني أنه يعترف و يقر أن بطاقة إعتماده لا تتعدى 3 سنوات بعدما كانت دائمة ... بل الأكثر من ذلك للإنخراط في صندوق الضمان الإجتماعي إشترطت عليه الإنخراط و الحصول على بطاقة المقاول الذاتي بكل ما تحمله من سموم هاته البطاقة بالنسبة لمهنة الإرشاد السياحي ...

مبلغ مساعدة إجمالي من الدولة يبلغ 7800 درهم في 6 أشهر ( أي بمعدل 1300 درهم كل شهر ) مقابل التنازل عن حقه الدائم في مزاولة مهنته إلى حق مرتبط بتجديد كل 3 سنوات ممكن أن يقبل أو يرفض من طرف الوزارة الوصية و كأننا صرنا نشتغل مع وزارة السياحة بعقد عمل مدته ثلاثة سنوات ...

أريد أن أقول للدولة و بلا مزايدات عليها ، و الله إن حالتنا المزرية كمرشدين سياحيين صارت تضاهي حالة إخواننا اللبنانيين و الأفارقة الذين ساعدتوهم ، أزاح الله عنهم و عنا هاته الغمة ، حيث أننا صرنا معرضين نحن و أطفالنا للشارع ، فهلا رأفتم من حالنا نحن أيضا ... نحن لا نتسول ، بل مثلما نؤدي واجباتنا من ضرائب للدولة ، نطالب بحق من حقوقنا في وطننا و هو التعويض عن التعطيل عن العمل حيث أن قرار غلق الحدود هو قرار حكومي ...

فنرجو من ملكنا الحبيب ، نصره الله و أيده و أدام ملكه و حفظه بما حفظ به الذكر الحكيم ، أن يتدخل شخصيا في هذا الملف لينصفنا و يرد لنا حقنا المسلوب ، لأنه هو ملاذنا الأول و الأخير في هذا الوطن حين تضيع حقوقنا ...

أحببت إخواني أن أكتب هذا المقال المطول حتى أشرح للرأي العام الوطني الحيف الكبير الذي يمر منه المرشد السياحي المغربي و كذا إيضاح بعض الأكاذيب التي تقول بأن المرشد قد حصل على دعم من الدولة قيمته 2000 درهم إلى متم السنة و لا تعرف تفاصيل ذلك ...

عذرا على الإطالة و لكني ألتمس عذري في إطالتي من المثل الشعبي المغربي القائل : " القلب عامر غادي يتفركع " ... تحياتي لكم جميعا

آخر الأخبار