جريمة مؤنثة... قتلت زوجها الرافض لعلاجها

جريمة مؤنثة... قتلت زوجها الرافض لعلاجها

الكاتب : الجريدة24

13 أبريل 2024 - 10:40
الخط :

جريمة مؤنثة...قتلت زوجها الرافض لعلاجها

رضا حمد الله

في قاعة الأفراح مظاهر الفرح مختلفة. كل النساء والرجال تزينوا وارتدوا أجمل ما اشتروا أو اكتروا. الموسيقى شعبية والأجساد ترقص وتتراقص فرحا بزفاف شاب وفتاة من نفس العائلة. آخرون انزووا خلف طاولات يحصون أنفاس من بالحفل، أو في انتظار ما سيجود عليهم الممون من حلويات وما تشتهيه البطون. وفئة من الشباب، منشغلة بالبحث عن مشروع علاقة مستقبلية تقبر عزوبيتهم.

شاب عشريني واقف على مرمى حجر من حيث تصبب عرق الراقصات والراقصين على إيقاعات شعبية. عينه كانت تتجول بين الوجوه المؤنثة وتتفحص الأرداف والقوام وتقيس درجة جمالها وحسنها. كان يمني النفس بواحدة تشعل عواطفه وتجعل قلبه يخفق لها. كانت عيناه تتحركان في كل الاتجاهات كما لو كانت كاميرا راصدة. مكث طويلا كذلك دون أن يمل أو يكل.

لا واحدة راقته وانجذب لها. كان أشبه بمن يمتحن من بحفل الزفاف من نساء. لم ييأس من انتظار انبلاجها من بينهن، كما لو كانت قمرا في طلعته المسائية البهية. وهو شبه شارد، لاح طيفها قادمة من باب القاعة. تحرك كما لو صعقه تيار كهربائي. عيناه لم تفارقاها وهي تتقدم للداخل. كان يصور بهنا تقاسيم جسدها، ولوحة زينتها. رشيقة ببشرة بيضاء وشعر أشقر وقد ممشوق. جمالها فاتن لا يضاهى.

انزوت مع أمها في طاولة قبالته. وركز عينيه عليها، كي لا تنفلت منهما. عيناه عليها ودماغه يرسم خارطة طريق مستقبلهما. انتظر طويلا قبل أن تنتبه لاهتمامه. نظرت إليه، فتبسم وبادلته ببسمة محتشمة حاولت عبثا إجهاض انطلاقتها بانفراج شفتيها. نظرة فبسمة فإشارة تلقفتها واستوعبتها سريعا. لغة العيون لا يفهمها إلا العشاق من يسري الحب دما في شرايينهم.

انزوى بعيدا عنها وتناول ورقة كتب فيها اسمه الشخصي ورقم هاتفه. وانتظر فرصة مواتية لرميها قريبا منها. تظاهر بالتجول بين الطاولات، ورماها تحت رجليها دون أن تنتبه أمها ومن في الطاولة. كان يمنى النفس في اتصالها بعدما تفرق من بالقاعة كل في حاله. مرت 3 أيام ولا اتصال. وفي الرابع رن هاتفه، فكان المتصل صوتا لم يسمعه من قبل. إنها هي. فرح كثيرا وطال حديثهما وتكررت اتصالاتهما فلقاءاتهما.

ترسخت العلاقة وتوطدت وتحولت لزواج بعد 3 أشهر من التعارف والتفاهم والانسجام. أخيرا جمعهما سقف واحد. احتفلا بزفافهما وكانت علاقتهما مضرب المثل في التفاهم والحب والوفاء. ومرت الأسابيع سريعة استمتعا فيها بحياتهما. سافرا وتذوقا حلاوة حميمية جسديهما. كانت تمني النفس في أن يثمر حبهما من يؤنس حياتهما، طفل أو طفلة تزيد البيت سعادة. لكن أملها تأخر ما زاد من قلقها. شكت في أن تكون عاقر أو أن يكون الخلل منه.

فاتحته في الموضوع فلم يرفض وعرضها على طبيب للتثبت من اسباب تأخر الإنجاب. كشف عليها وعليه ومكنهما الطبيب من أدوية تناولاها دون نتيجة. وتكررت زياراتهما للطبيب دون جدوى. لا شيء تغير رغم ما أنفقه من مال. لم تكن إمكانياته بالاستمرار في زيارة عيادة الطبيب. هو مجرد جباص ومدخوله قل ونفقاته زادت. لم يكن مستعدا لمزيد الإنفاق طمعا في إنجابها. جهر لزوجته برفضه، وأصرت على ذلك فالحياة الزوجية في نظرها، بلا قيمة في غياب أبناء يزيدونها دفئا.

تشبثت بموقفها ورفضت حتى تبني طفل في انتظار الإنجاب إن كتب الله لها ذلك. كانت نقاشاتهما هادئة في بدايتها، لكنها عمقت خلافهما لدرجة تحول حياتهما إلى جحيم. خلافات ونزاعات وصراعات يومية لا تنتهي حتى أنهما طالما تقاطعا الكلام. وكثيرا ما فرت لمنزل والديها غاضبة. تقلبات علاقتهما زادت، وتحول الحب والتفاهم، كوابيس نزاعات عكرت صفو زواجهما لحد التهديد بالانفصال والطلاق في مرات.

كانت للزوجة صديقة تعيش الوضع نفسه وبعد عدة وصفات طبية أنحبت طفلة. حقيقة زرعت الأمل في نفسها وأعادت فتح النقاش معه. ورغم ثقل المصاريف وعجزه على تحملها، قبل بذهابها لطبيب آخر. وعدها بذلك لكن تنفيذ وعده طال. كل يوم يؤجل فيه التنفيذ، وهي تذكره بوعده. وأمام إلحاحها أوفى بالعهد وانطلق البحث عن طبيب يفك عقدة الزوجة. كل العائلة شاركت في البحث عنه، قبل الاهتداء إليه.

نحو العاشرة ذات صباح صيفي، زاراه على أمل إيجاد حل لعقمها. لكن أملها سيتحول إلى خيبة بعدما كرر الزوج رفضه الاستمرارية في رحلة البحث عن علاج، أمام ما أنفقه في ذلك في إجراء التحاليل وما وصفه الطبيب من أدوية وما ينتظره من زيارات وفحوص أخرى. كانا عاىدين للمنزل لما أقسم لها أنه لن يعود إلى الطبيب، وأن عليها أن تقبل بالأمر الواقع محاولا إقناعها بمراجعة قرارها والكف عن إصرارها.

طوال الطريق لم يتحدثا إلا في هذا الموضوع. طال نقاشهما واحتدم وفارت أعصابهما. وفي لحظة لم يتمالك أعصابه وانقض عليها وأشبعها ضربا أمام المارة وفي الشارع العام دون أن تسلم من الشتائم وبكلمات نابية. تعنيفها تكرر بمجرد وصولهما للمنزل الذي كان يكتريه بحي شعبي. لم يرحمها وهي تصرخ وتتوسل إليه. فعل ذلك وتركها في غرفة نومها وكان يهم بمغادرة المنزل بعدما مسح الدم من جرح بيده.

تعنيفه أجج غضبها وفكرت في إيذائه. وبينما هو بصدد فتح الباب، فطن لحركتها خلفه. التفت للتثبت. كانت تمسك بيدها سكينا كبيرا، غرزته بسرعة في صدره جهة القلب. كانت الضربة قوية هوى بعدها على الأرض. كان يبكي معاتبا إياها. لكنها لم ترحمه غرزت السكين مرتين في جسده إحداها في عنقه. نزف دما كثيرا ولم تمر إلا مدة قصيرة حتى وافته المنية. تركته هناك وتوجهت لأقرب دائرة أمنية. سلمت نفسها ورافقتها عناصر الأمن للتثبت من حقيقة قتلها زوجها. أنجزت كل المساطر وأحيلت على النيابة وحوكمت أمام غرفة الجنايات وحكم عليها ب20 سنة سجنا نافذة بتهمة القتل العمد.

آخر الأخبار