أعلام فاس وعلماؤها: العربي غزال... وهب حياته للدعوة والنصح بتقوى الله

فاس: رضا حمد الله
لم يمل الشيخ والداعية العربي الغزال، وهو أحد وجوه الدعوة بفاس في تقديم النصح بتقوى الله جل في علاه حتى وهو على فراش الموت.
وترك وصية موثقة صوتا وصورة وما زالت متداولة حتى بعد وفاته قبل 8 سنوات بعد رحلة عمر بصم فيها اسمه بمداد الفخر والاعتزاز بين علماء المغرب.
ترك الشيخ الذي نشأ وسط أسرة علم وفقه، بعد وفاته عن عمر يناهز 83 سنة، أثرا ملحوظا في مجال الدعوة والوعظ والإرشاد سواء في المغرب أو في ديار الغربة وحيثما وجدت الجالية المسلمة.
ووثق الكثير من محاضراته ومقالاته حول أسلوب الدعوة في منشورات منها جريدة "المحجة".
وورث العلم والفقه والنضال عن والده وجده لأمه الفقيهين المجاهدين، وبفضلهما حفظ القرآن في الكتاب الذي دخله وعمره لا يتجاوز الرابعة ربيعا.
وكانت 5 سنوات كافية لحفظه على يد والده وفقهاء آخرين تعاقبوا على الإمامة بمسجد قرية أولاد أحمد حيث ولد في عام 1933.
كثيرون من الفقهاء كان لهم فضل عليه إن في هذا المسجد أو بجامع قرية أومار التي استقرت بها عائلته لاحقا، ومنهم الحسن الدرميكي الورياكلي وأحمد بن المعلم علي، قبل أن يصول ويجول بين الدواوير طلبا للعلم ولحفظ المتون الفقهية وترسيخ القرآن حفظا ورسما وأداء.
في عام 1944 كانت انطلاقته في رحلة لامتناهية جال فيها دواويرا ودرس العلوم على أيدي العلماء والفقهاء، وهي عادة دأب عليها زملاؤه وأقرانه ممن دأبوا التجوال بين القبائل والمساجد بالدواوير والقبائل طلبا للعلم على أيدي فقهاء ذاع صيتهم لعلمهم وورعهم المشهود.
ومكنه الاحتكاك مع كثير منهم، من التعمق في مختلف العلوم واكتساب مهارة في الإلقاء وأسلوب التدريس
بعدما قضى 5 سنوات في التجوال بين الدواوير، إلى أن عين لأول مرة إماما مشارطا في مسجد قرية آيت بقي بأحواز إيموزار كندر بصفرو، التي قضى بها سنتين.
حينها لم يمكن بإمكان الطامحين لحفظ القرآن وتعلم علوه الفقه، غير السفر إلى فاس للدراسة بالقرويين أو الدخول في الإمامة بنظام الشرط على غرار أسلافهم من الشيوخ، في عادة ما زالت قائمة إلى الآن، حيث اختار الإمامة بنظام الشرط في قبائل بني زروال والجاية وبني مسارة.
وتشهد مساجد قرى الصنوبر والقليعة بالجاية وغفساي وبني زروال، على مرورها منها في فترات مختلفة على غرار مجموعة من الطلبة الذين كانوا يقصدون شيوخا فيها عرفوا بورعهم وتقواهم واجتهادهم وإتقانهم التفسير والحديث والقراءات والفقه وأصول الدين والفرائض والتصوف.
طموح الرجل لم يقف عند حد الإمامة، فقد قرر السفر والاستقرار بفاس حيث عمل في مجال الخياطة التقليدية إلى حين استقلال المغرب
وهي فرصة تضلع فيها في مجال العلوم الفقهية وتمرس سياسيا بعد انخراطه في حزب الشوى والاستقلال الذي كان على رأسه حينئذ محمد بن الحسن الوزاني.
ومكن العمل السياسي العربي غزال من الاحتكاك بأبرز الوجوه الوطنية وعلماء القرويين، بل تمرس في مجال مقاومة المستعمر ومحاربته في اجتماعات مع رؤساء الحزب ومرشديه
وكان من أكثر المحرضين على مقاومة الاستعمار، ما تسبب له في مشاكل قاسى بعدها الشيء الكثير.
وتعرض الرجل إلى كل أنواع المضايقات والتعذيب في تلك الفترة، خاصة حين توجه لزيارة والديه وعائلته في بني ورياكل، لما مارس عيه القائد العربي الورياكلي وابنه أحمد كل أنواع التعذيب والأعمال الشاقة على غرار كل أبناء تلك القبيلة والقبائل المجاورة التي ذاقت من العذاب الكثير.