"الركب"..الحرس الأمني في عهد مغرب ما قبل الاستعمار

الكاتب : الجريدة24

07 مايو 2024 - 10:40
الخط :

أمينة المستاري  

في 20 يونيو 1911، غادر فريديريك المهدية رفقة الجنرال ديت قائد منطقة الرباط المهدية، عثروا على جثة مغربي في طريقهم نحو سلا، وتعرضوا لتبادل الطلقات مع بعض البدو والذين قاموا بإضرام النار في المحاصيل لإحداث جدار بينهم وبين غابة المعمورة.

وصل الجاسوس والقائد المهدية، باعتبارها قاعدة العمليات التي تضم سريات من سلاح المدفعية والخيالة والهندسة العسكرية والخدمات، وفي الوادي انتشرت سفن بخارية صغيرة. وقد اندهش فريديريك أثناء عشاء جمعه بقائد الأركان داكوت سعة إلمامه بالمغرب ووبأهله.

في اليوم الموالي، غادر الجاسوس والجنرال ديت المهدية مرفوقين بحرس وخفر، حتى وصلوا مولاي ادريس، مرورا بسيدي عياش ولالة يطو وسيدي كدار وباب تيوكة والحاج عياد وخنق زكزطة...وقد وصف حالة السفر والطريق التي كانت تؤثثها جثث الدواب والبهائم ...

استقبلهم في ضواحي مولاي ادريس قائدها وأعيانها وقدموا أنفسهم للكولونيل قائد الموكب، وتمكن فريديريك من دخول المدينة أخيرا، واستغل السكان الفرصة لإجراء معاملات تجارية مع الجنود .

انتقل الركب إلى مكناس في اليوم الموالي، ولحق بالجنرال موانيي الذي توجه إلى الحاجب، في منتصف الطريق بين المدينتين "عين بوقبة". التحق بعض قياد بني مطير بالجنرال، الذي منحهم الأمان مقابل تقديم الطاعة للسلطان بفاس، واقترح الجنرال على فريديريك مرافقتهم في الطريق، يرافقهم 12 جنديا تحت إمرة الرقيب ماكين.

عند نزلهم براس الما، علم فريديريك أن بني مطير تراجعوا عن رأيهم وسيعودون إلى حال سبيلهم بسبب خوفهم، فما كان منه إلا محاولة ثنيهم عن قرارهم ، بل واقترح جعله رهينة إلى أن يتوجه بعضهم إلى السلطان برسالة من القنصل الفرنسي، وهو ما جعلهم يفكرون ويقررون استكمال الطريق نحو فاس، وفعلا توسط السيد كايار لدى السلطان ليمنح بني مطير الأمان.

في 10 يوليوز استدعي المراسل "الجاسوس" الفرنسي إلى القصر، وأدلى السلطان بتصريح له يشكر فرنسا على وقوفها إلى جانبه، ودور البعثة الفرنسية والقنصل كايار, وعبر مولاي عبد الحفيظ عن احتجاجه تدخل اسبانيا، وكذا إرسال ألمانيا لسفينة حربية إلى أكادير، والتمس من فرنسا أن تحفظ له حقوقه التي يقررها ميثاق الخزيرات ، علنا عن نيته الشروع في الإصلاحات الإدارية والضريبية.

أعادت القوات الفرنسية نشر الأمن والنظام ودعمت السلطة الشريفة، ودخلت قبائل عديدة تحت طاعة السلطان، ولم يكن ينقص سوى إقامة حمية شريفة في صفرو وفتح طرق الاتصال مع الساحل عبر مكناس وباب تيوكة في وجه التجارة، قبل الانسحاب تدريجيا للتوجه لمعاقبة زعير وزمور.

علم فريديريك أن بعض سكان الجبال يشكلون اضطرابا في الأطلس المتوسط، بعد ظهور مولاي امحمد السغروشني وعلي أمهاوش الذين يدعوان للجهاد في أعالي ملوية وأم الربيع، في وقت يعرف المخزن نقصا في الجيش فكان على فرنسا أن تدعمه ليصل عدد الجنود 20 ألفا.

كان مولاي عبد الحفيظ يود إصلاح الإدارة والضريبة، وكان ذلك يعتمد على مساعدة فرنسا . يحكي الجاسوس الفرنسي عن أحوال القياد الذين استأسدوا فاستغلوا السكان وقهروهم، لكن القنصل الفرنسي كان لهم بالمرصاد، يؤكد فريديريك باعتزاز. فكان على فرنسا أن تقوم باللازم من أجل استتباب الأمن والسلم في المملكة الشريفة.

في 4 نونبر وقع كل من جول كامبون وكيديرلين فايشتر في برلين على الاتفاق الذي يقر لفرنسا إقامة نظامها للحماية في المغرب وجاءت مصادقة السلطان  عليه برسالة بعضها إلى وزير الشؤون الخارجية دو سيلف، وبذلك يكون قد خلا الجو لفرنسا في المغرب.

آخر الأخبار