علامة ''صنع في المغرب" تنتقل إلى السرعة القصوى

الكاتب : وكالات

02 ديسمبر 2019 - 05:30
الخط :

عرفت صناعة السيارات المغربية، في أقل من 20 سنة، إقلاعا ملحوظا على مجموعة من الأصعدة: رقم المعاملات، تصدير، استقرار مجموعة من الشركات العالمية الكبرى.

فالقطاع اليوم أصبح يعوم فوق بحر من الذهب، ويرتقي بالمملكة إلى مرتبة أول منتج للسيارات في إفريقيا.

وبرز المغرب في ظرف سنوات قليلة كأحد الفاعلين في صناعة السيارات، القطاع الذي تم اعتباره في المملكة خيارا صناعيا استراتيجيا يتم الرهان عليه لمؤهلاته الكبيرة سواء في تعزيز الصادرات، أوفي ما يتعلق بجلب الاستثمارات.

وبالفعل فقد أتى هذا الخيار أكله كما يؤكد ذلك ارتفاع الصادرات واستقرار شركات تعد مرجعا عالميا في مجال صناعة تجهيزات السيارات وكبريات مجموعات صناعة السيارات بالمغرب، الذي كرس بذلك موقعه ضمن نادي الكبار في هذه الصناعة سواء بإفريقيا أو بالمنطقة المتوسطية.

مخطط التسريع الصناعي: انطلاقة سريعة لقطاع السيارات

وبلغة الأرقام، فقد انتقلت صادرات شعبة صناعة السيارات من 14,7 مليار درهم إلى ما يقارب 65,1 مليار درهم ما بين 2007 و2018، أي بارتفاع نسبته 14.5 بالمئة سنويا. كما تم إحداث 116 ألف و600 منصب شغل منذ إطلاق مخطط التسريع الصناعي سنة 2014، فيما بلغت القدرة الإنتاجية 700 ألف عربة.

ومن الواضح أن الازدهار الذي يعرفه هذا القطاع بالمغرب، هو ثمرة استراتيجية وطنية طموحة وُضعت خطوطها العريضة ضمن مخطط التسريع الصناعي. فقد استقر 28 مستثمرا جديدا بالمنطقة الصناعية الغرب-القنيطرة، و22 آخرون بمنطقة طنجة حسب معطيات رسمية.

وفي هذا الصدد، تضاعفت صادرات هذه الشعبة الصناعية التي تشغل حاليا 189 ألف و600 شخصا، بين 2013 و2018، من 31,7 مليار درهم إلى 65,1 مليار درهم، لتتصدر صناعة السيارات القطاعات التصديرية بالمملكة للسنة الرابعة على التوالي.

ويعكس هذا النجاح الذي تجاوز كل التوقعات، حسب المحللين، الاستقرار والأمن اللذين تنعم بهما المملكة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي ترأس مؤخرا بالقنيطرة حفل تدشين المنظومة الصناعية لمجموعة "بي إس أ".

مجموعة "بي إس أ" بالقنيطرة، دفعة قوية لعلامة ''صنع في المغرب"

إضافة إلى إبراز تميز علامة "صنع في المغرب"، فإن هذا المشروع سيحفز تطوير قطاع السيارات الوطني، المعزز حاليا بتواجد ثلاثة مصنعين رئيسيين وأكثر من 200 شركة متخصصة في صناعة تجهيزات السيارات.

وفي هذا السياق كان صاحب الجلالة الملك محمد السادس، قد أشرف على تدشين المصنع الجديد لمجموعة "بي إس أ" الذي تبلغ طاقته الإنتاجية السنوية 100 ألف عربة ومحرك مرتبط بها. كما أشرف جلالته على إعطاء انطلاقة أشغال توسعة مركب صناعي من الجيل الجديد للمجموعة نفسها، وهو المصنع الذي ستتضاعف طاقته الإنتاجية، حتى قبل 2023 (التاريخ المرتقب لتحقيق هذا الهدف) والذي سيوفر أربعة آلاف منصب شغل عند الأجل المحدد.

وكانت المجموعة الفرنسية « بي إس أ » قد استثمرت ثلاثة ملايير درهم، وتعتزم استثمار مبلغ مماثل في مشاريعها المستقبلية، كما أن إحداث المصنع الجديد « بي إس أ » بالقنيطرة تم بغرض إنتاج سيارات ذات محرك حراري وأخرى بمحرك كهربائي، معززا بذلك الطموح الصناعي للمملكة، ومستجيبا لإرادة جلالة الملك الأكيدة لجعل المغرب نموذجا على مستوى القارة في مجال التنمية المستدامة.

ويرى المراقبون أن المنظومة الصناعية المهيكلة التي تتمحور حول "بي إس أ" تترجم نجاح قطاع السيارات الذي يعد أول مصدر في الاقتصاد الوطني.

"نيكستر"، فاعل عالمي في مجال تجهيزات السيارات يستقر في المغرب

ومن الأحداث المتميزة التي عرفتها سنة 2019 على هذا الصعيد، تدشين أول مصنع بإفريقيا للفاعل الصيني "نيكستر" في مجال تجهيزات السيارات باستثمار فاق 35 مليون دولار.

ويروم المشروع الذي يقع على مساحة 10 آلاف متر مربع، إحداث 500 منصب عمل بالمنطقة الأطلسية الحرة بالقنيطرة، بالإضافة إلى إنتاج نظم توجيه معزز، من خلال تموقعه كأول مصنع إفريقي للمجموعة الصينية وال25 لها على الصعيد العالمي.

ويهدف المصنع إلى صنع نظم توجيه كهربائي معزز، ونظم نواقل لحساب "فيات كيرزلر"، و"رونو نيسان ميتسوبيشي" بالخصوص.

وكان وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، مولاي حفيظ العلمي، قد أكد في تصريح للصحافة بالمناسبة أن تواجد المجموعة بالمغرب هام واستراتيجي، على اعتبار مردودية مجموعة "نيكستر" التي تصدر 80 بالمائة من إنتاجها إلى العالم.

المنظومات الصناعية تتعزز بدخول مستثمرين جدد

وبنفس المنطقة الصناعية، دشنت المجموعة الصينية "سيتيك ديكاستال" الرائدة عالميا في مجال إنتاج قطع غيار السيارات من الألمنيوم، أول مصنع بالمغرب بغلاف استثماري بلغ 350 مليون أورو.

ويأتي افتتاح مصنع "سيتيك ديكاستال" بالمغرب تتويجا للاتفاقية الإطار واتفاقية الاستثمار الموقعة مؤخرا بين المملكة والصين، لإنشاء وحدة لإنتاج هياكل العجلات من الألمنيوم بالمنطقة الصناعية المندمجة "المنطقة الحرة الأطلسية " بالقنيطرة، بطاقة إنتاجية سنوية تبلغ 6 ملايين وحدة.

ويعد هذا المصنع الأول بالمغرب والمعروف باسم "ديكسطال موروكو أفريكا" نموذجا للتعاون المغربي الصيني المثمر في المجال الصناعي، ويندرج في إطار تفعيل مبادرة الحكومة الصينية " الحزام والطريق" ومخطط التسريع الصناعي الذي باشره المغرب لإنعاش صناعته المحلية.

وعلى الصعيد الاجتماعي، تعتزم الشركة تشغيل 420 شخصا في المرحلة الأولى، قبل بلوغ حوالي 1200 فرصة عمل، باستثمار إجمالي يبلغ 45 مليون أورو.

كما افتتحت مجموعة "فاروك لايتينغ سيستمز"، المتخصصة في صناعة أنظمة كهرباء السيارات، وحدة صناعية تمتد على مساحة 17 ألف متر مربع بمدينة صناعة معدات السيارات بطنجة (أوتوموتيف سيتي)، حيث سيتم إنتاج الأضواء الأمامية والمصابيح الخلفية لزبائن المجموعة بالمغرب وإسبانيا وفرنسا. وينتظر أن توفر هذه الوحدة الصناعية، التي ستتطلب استثمارا بقيمة تناهز 45 مليون أورو، حوالي 650 منصب عمل في أفق عام 2024.

وتعززت قدرة التصدير المغربي بتواجد "أساهي غلاس كو" أحد الرواد العالميين في صناعة الزجاج متعدد الاستعمالات، بما فيها في صناعة السيارات. وهي وحدة صناعية جاءت ثمرة تحالف بين المجموعة اليابانية "إي جي سي" والشركة المغربية "إيندوفر"، والذي مكن بفضل استثمار يبلغ 1,5 مليار درهم، من إقامة وحدة صناعية تختص في صنع زجاج السيارات، والزجاج من الجيل الجديد.

قيمة مضمونة في القطاع، "رونو" تحافظ على ريادتها

وفي ظل هذه الطفرة استطاعت مجموعة "رونو" الحفاظ على ريادتها وطنيا، حيث لم تفتأ إنتاجية مصنعيها بكل من طنجة والدار البيضاء ترتفع ، خصوصا بفضل تطور مبيعات علامتيها "رونو" و"داسيا". ففي سنة 2018 تجاوزت "رونو المغرب" عتبة 400 ألف عربة كإنتاج سنوي، وذلك بفضل الطلب الوطني والعالمي.

ويشغل موقع المجموعة بطنجة والذي ترتفع وتيرة أدائه منذ إطلاقه قبل سبع سنوات، 8600 شخصا، وهو يصدر لـ74 بلدا انطلاقا من الميناء المجاور له، فضلا عن استقطابه لمناولين من آفاق مختلفة .

وعلى خطى "رونو" و "بي إس أ"، سارت المجموعة الفرنسية "فوريسيا"، رقم واحد عالميا في صناعة الأجزاء الداخلية للسيارات، والتي أصبحت حاضرة في السوق المغربية ، من خلال مصنع تم تشييده باستثمار بلغ 300 مليون درهم.

وبصرف النظر عن المنجزات الصناعية، لا تخطئ العين التوجه الواضح نحو "صفر انبعاث لغاز ثاني أوكسيد الكربون". ولا أدل على ذلك من مصنع طنجة الذي يعمد إلى توليد كل حاجياته الكهربائية من محطة للطاقة الريحية متواجدة غير بعيد عنه.

آخر الأخبار