هل دقت ساعة الحسم عسكريا في الكركرات؟

الكاتب : عبد اللطيف حيدة

12 نوفمبر 2020 - 03:00
الخط :

بعد مدة طويلة من ضبط النفس الذي أبان عنه المغرب إزاء الوضع بالكركرات، وبعدما أقام المغرب الحجة على المنتظم الدولي المعني بالوضع بالمنطقة العازلة، يبدو أن المغرب يتجه للتدخل من أجل إزالة البلطجية الذين يعرقلون الحركة التجارية والمدنية بمعبر الكركرات الحدودي بينه وبين موريتانيا، عقب اكتفاء المينورسو والأمم المتحدة بوضع المتفرج وعدم اتخاذها لإجراءات حازمة لإنهاء الوضع البلطجي بالمنطقة.
المعطيات التي استقاها "الجريدة24"، تشير إلى أن الوضع يتجه إلى المزيد من التصعيد بالمنطقة العازلة، بعدما أقام المغرب غرفة عمليات عسكرية بمدينة الداخلة، يديرها مسؤولن كبار بالجيش والأمن، من اجل بحث تفاصيل عملية التدخل المحتملة بالمنطقة.
المعطيات التي استقاها الموقع تشير إلى أن القرار السياسي من أجل التدخل بالمنطقة اتخذ، ولم يعد المغرب ينتظر سوى نتائج الوساطة الديبلوماسية التي تقوم بها فرنسا، من أجل إنهاء الوضع القائم بالمنطقة العازلة دون استعمال القوة من الجانب المغربي.
ومن بين المؤشرات على التدخل المحتمل من قبل الجيش المغربي بالمنطقة، مراسلة الأمم المتحدة لدولة اسبانيا من أجل أن تلجأ إليها عناصر بعثتها المينورسو، في حال حصول أي تطور عسكري بالمنطقة العازلة، ما يعني أن الأمم المتحدة التقطت اشارة المغرب والتهديد المشفر الذي ورد في خطاب ملك البلاد محمد السادس، في خطابه الأخير الذي ألقاه بمناسبة المسيرة الخضراء، الذي كان بمثابة إعذار لكل المعنيين بالوضع بالمنطقة.

وفي هذا السياق، اعتبر الخبير في ملف الصحراء والمحلل السياسي، أحمد نور الدين، أنه من خلال الفيديوهات التي تنتشر على صفحات التواصل الاجتماعي، ومن خلال المعطيات التي يقدمها بعض المغاربة من عين المكان بالكركرات، يتبين أن المغرب جدي في إنهاء الفوضى التي احدثتها عصابة "البوليساريو" وصعاليكها بمعبر الكركرات.

وأضاف الخبير ذاته، في تصريح "للجريدة24"، أن الذي يتابع سياسة تحديث القوات المسلحة الملكية التي نهجها المغرب بالخصوص في العشر سنوات الأخيرة، لمواجهة سباق التسلح الجنوبي الذي تفرضه الجزائر على المنطقة، يفهم أن الخيار العسكري وارد جدا بالنسبة للمغرب في المنطقة إذا استمرت الاستفزازات والانتهاكات لسيادة اراضيه في المنطقة العازلة، وإذا عجزت الأمم المتحدة عن وقف الانتهاكات التي ترتكبها جبهة تندوف والتي احصاها تقرير الامين العام الصادر في 23 شتنبر 2020 بازيد من 53 خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار، معتبرا أن دور الامم المتحدة ليس هو احصاء الخروقات وتضمينها في التقارير كما تقوم بذلك جمعيات المجتمع المدني، لافتا إلى أنه إذا عجزت فعلى المغرب ان يفرض القانون فوق المنطقة العائلة التي هي جزء لا يتجزأ من التراب المغربي.

وأوضح أحمد نور الدين أن الخطاب الملكي الأخير كان واضحا جدا، إذ نبه إلى أنه إذا كان المغرب قد التزم بالحكمة وبضبط النفس، فإن ذلك لا يعني أنه سيتنازل عن حقه، ولذلك أرسل رسائل إلى كل من يعنيه الأمر أنه سيتعامل بحزم وقوة ضد كل من يريد تغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم شرق الجدار الأمني بالصحراء، وكل من يعرقل السير ويعتدون على السيادة المغربية.

خطاب الملك الأخير، يضيف أحمد نور الدين، ذكر المنتظم الدولي بأن المغرب التزم بكل تعهداته، ولم يخرق الاتفاق بالرغم من أن المنطقة العازلة بالصحراء كلها أراض مغربية، بخلاف صعاليك تندوف الذين عاثوا فسادا بالمنطقة من تفاريتي وبير لحلو وصولا إلى الكركرات تحت أعين بعثة الأمم المتحدة المينورسو، قبل أن يشير جلالة الملك إلى أنه يثق في الأمم المتحدة ومجلس الأمن للقيام بأدوارهم بالمنطقة، وهي صيغة دبلوماسية لمطالبتهم بالقيام بواجبهم وتحمل مسؤولياتهم.

لكن الاشارة الملكية، لم تخل من تهديدات مبطنة، يقول أحمد نور الدين، مفادها إنه إذا لم تقم الأمم المتحدة بدورها بالمنطقة، وإذا لم تنه وضع المتفرج والملاحظ وتدوين الخروقات وكأنها مجتمع مدني، فإن المغرب لن يبق مكتوف الأيدي، امام المخططات السوداء للنظام العسكري الجزائر، الذي يسعى إلى قطع الطريق أمام المشروع المستقبلي الذي يهيئه المغرب، ويتعلق بأنبوب الغاز الذي سيربط 11 دولة افريقية وصولا إلى أوربا، فضلا عن محاولة الجزائر ضرب العلاقات الاقتصادية القوية وقطع الطريق على المبادلات التجارية التي تربط المغرب بموريتانيا والمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا.

واعتبر المتحدث أن المسكوت عنه في هذا الكلام كله، هو أن الصعاليك الذين يقطعون الطريق، والذين يدخلون عبر موريتانيا لقرب وسهولة الممرات، تتحمل مسؤوليته موريتانيا، مشددا على أن هذه الأخيرة "تلعب بالنار".

وأشار إلى أن المسؤولين الموريتانيين الذين يتعاملون مع الجبهة الانفصالية، هم خائنون لشعبهم ووطنهم قبل أن يخونوا المغرب ، لأنهم نسوا أن الجبهة الانفصالية "البوليساريو"، سبق لها أن قتلت حوالي ألفي موريتاني ما بين 1975 و 1978 كما ان ميلشيات الجبهة حاصرت العاصمة نواكشوط وقصفتها بالمدفعية بمساعدة الجيش الجزائري، وقامت باختطاف المئات في صفوف القبائل المورتانية، وتعرضوا للتعذيب والاغتيال في سجون تندوف والجزائر.
واضاف المتحدث أن المغرب بقي وفيا لتقاليده الملكية في الحكمة وضبط النفس لتجنيب المنطقة المغاربية حربا ستاتي على الاخضر واليابس، ولكن هناك خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها، يتابع احمد نور الدين، والمغرب كدولة لها 12 قرنا من الوجود لا تتعامل بردود الفعل، ولكن المملكة لها منطقها في اختيار توقيت ومكان وكيفية الرد.
وشدد الخبير ذاته على ان المملكة المغربية "ليست جمهورية مراهقة وعسكرتارية ليس لها تاريخ، وليست جمهورية رسم الاستعمار الفرنسي حدودها الجغرافية، بل المملكة لها عمق وهي من يحدد خياراتها الاستراتيجية وعملياتها التكتيكية، ولن تسمح بان يختار جنرالات الجزائر توقيت ومكان ونوع المعركة التي سنخوضها دفاعا عن وحدتنا الوطنية والترابية، سواء في الكركرات والمنطقة العازلة او في غيرها، يقول أحمد نور الدين.

آخر الأخبار