هكذا لقن محمد السادس حكام الجزائر فن إدارة الدول وأجاب عن انتظارات الرأي العام

بلغة راقية، وجه الملك محمد السادس رسائله إلى حكام الجزائر الجدد، الذين لم يتجاوبوا بشكل لائق مع خطاب اليد الممدودة، وطي صفحة الماضي.
لقن الملك حكام الجزائر فن إدارة الدول، ولم ينزل إلى مستوى الحضيض الذي أبانوا عليه، خلال مهزلة المجلس الأعلى للأمن الجزائري، الذي عوض أن ينكب على معالجة القضايا التي يعاني منها الشعب الجزائري، راح المشاركون فيه يكيلون الاتهامات الباطلة للمغرب بكونه سبب الحرائق التي تعرفها الجزائر.
استهل الملك خطاب 20 غشت، بالحديث عن الاستحقاق الوطني الذي ستعرفه المملكة في شتنبر القادم، وفند كل الإشاعات حول تأجيل الانتخابات، مؤكدا على انها ستجرى في موعدها المحدد.
تتميز هذه الاستحقاقات، بإجراء الانتخابات التشريعية والجهوية والمحلية، في نفس اليوم، مايؤكد عمق الممارسة الديمقراطية، ونضج البناء السياسي المغربي.
وبرقيه المعهود وجه الملك السادس رسائله الواضحة للطبقة السياسية التي ستخوض غمار هذه الاستحقاقات، بكون الانتخابات ليست غاية في حد ذاتها، وإنما هي وسيلة لإقامة مؤسسات ذات مصداقية ، تخدم مصالح المواطنين، وتدافع عن قضايا الوطن.
الخطاب الملكي وضع الهجمة التي تعرض لها المغرب مؤخرا من قبل منظمات دولية في اطارها، بكونها تندرج ضمن العمليات العدوانية المقصودة التي تتعرض لها بعض دول اتحاد المغرب العربي.
كما كشف عن أهداف هذا العدوان المقصود ودوافع أصحابه الذين تحركوا خوفا على مصالحهم، وكون أعداء الوحدة الترابية للمملكة، ينطلقون من مواقف جاهزة ومتجاوزة، ولا يريدون أن يبقى المغرب حرا، قويا ومؤثرا.
ولكي يوقف هذا العدوان، وجه الملك تحذيره لمحركيه بكون "قواعد التعامل تغيرت ، وبأن دولنا قادرة على تدبير أمورها، واستثمار مواردها وطاقاتها، لصالح شعوبنا".
الملك كان واضحا فيما يخص استهداف المؤسسات الأمنية، ورد الصاع صاعين لمستهدفيها، حينما شدد على كون تلك الحملة كان هدفها "تشويه صورة مؤسساتنا الأمنية، ومحاولة التأثير على قوتها وفعاليتها، في الحفاظ على أمن واستقرار المغرب؛ إضافة إلى الدعم والتنسيق، الذي تقوم به في محيطنا الإقليمي والدولي، باعتراف عدد من الدول نفسها".
خيب الملك إذن أمل الطابور لخامس المتربص بوحدة واستقرار الملك وجدد التأكيد على مصداقية المؤسسات الأمنية والوطنية "نؤكد بأننا سنواصل مسارنا، أحب من أحب، وكره من كره، رغم انزعاج الأعداء، وحسد الحاقدين".
بخصوص الأزمة مع اسبانيا أزال الملك كامل اللبس الذي شاب هذه العلاقة مع هذه الأخيرة، وكشف عن عودة الأمور إلى مجاريها "لم يكن هدفنا هو الخروج من هذه الأزمة فقط، وإنما أن نجعل منها فرصة لإعادة النظر في الأسس والمحددات، التي تحكم هذه العلاقات".
أما علاقة المغرب بفرنسا فهي جيدة سمحت "بتدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة، في العلاقات بين البلدين، على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات".
وفي الختام كانت هناك رسالة واضحة لعموم المغاربة، وحتى "للذين في قلوبهم مرض" بكون المرحلة الجديدة، "تتطلب الالتزام بروح الوطنية الحقة، لرفع التحديات الداخلية والخارجية"، وقد أعذر من أنذر.