خبير: الترجمة الآلية من اللغة العربية وإليها تواجه تحديات كبيرة

الكاتب : الجريدة24

20 نوفمبر 2024 - 10:00
الخط :

عبد اللطيف أبي القاسم / و.م.ع

أكد الأستاذ بكلية العلوم بجامعة محمد الأول بوجدة، ورئيس فريق المعالجة الآلية للغات الطبيعية بها، عز الدين مزروعي، أن الترجمة الآلية من اللغة العربية وإليها تواجه تحديات كبيرة تتعلق بطبيعة بنية هذه اللغة وكذا بالسياق الثقافي الخاص بها، مشددا على أنه من الضروري اليوم إنتاج قواعد بيانات شاملة تستفيد من الخوارزميات والذكاء الاصطناعي لتحسين جودتها.

وقال مزروعي في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء إن الترجمة الآلية من اللغة العربية وإليها تواجه اليوم تحديات كثيرة، خصوصا على المستويين الصرفي والاشتقاقي، بسبب تميزها بنظام صرفي غني يعتمد على الجذور والأوزان، حيث تشتق الكلمات من جذور ثلاثية أو رباعية بأوزان مختلفة تضيف معاني دقيقة ومتنوعة.

وأشار في هذا الصدد إلى أنه يصعب في كثير من الأحيان تحديد إن كان جزء من الكلمة أصليا فيها أم زائدا كما هو الشأن في كلمة "فرمت" حيث حرف الفاء أصلي في فعل (فرم) وزائد (حرف عطف) مع الفعل رمت.

وحسب الخبير، يمثل غياب حركات التشكيل في النصوص العربية، بدوره، تحديا كبيرا أمام الترجمة الآلية لأنه يؤثر بشكل مباشر على قدرة الأنظمة على فهم النصوص بدقة. فالنطق الصحيح للكلمات ومعانيها ووظائفها تحددها حركات التشكيل، وغيابها يؤدي إلى وجود كلمات متعددة المعاني يمكن تفسيرها بطرق مختلفة بناء على السياق، مثل كلمة "فهم" التي قد تعني "ف ه م " أو "ف ه م " أو "ف ه م " أو "ف ه م ".

ولمواجهة هذه التحديات، يقول الخبير، ينبغي استخدام خوارزميات تعتمد على النماذج اللغوية الحديثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي التي تستند إلى الشبكات العصبية العميقة، معتبرا أنه لتحقيق ذلك بفعالية، يتطلب الأمر توفير كميات ضخمة من البيانات لتدريب هذه الخوارزميات وتعزيز قدرتها على معالجة التعقيدات الصرفية والنحوية للغة العربية.

وفي معرض جوابه عن سؤال حول حدود الترجمة الآلية في ما يتعلق بمراعاة السياق الثقافي العربي، قال مزروعي إن الترجمة الآلية تعتمد بشكل رئيسي على تحليل النصوص المجردة، مما يجعلها غير قادرة على استيعاب السياقات الثقافية والاجتماعية بعمق، وهو ما يحد من قدرتها على فهم التعابير المجازية والرمزية المرتبطة بالثقافة العربية.

وللتغلب على هذه القيود، يضيف، يتطلب الأمر تطوير نماذج أكثر تقدما عبر دمج المعرفة الثقافية في النماذج اللغوية، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال تدريب الأنظمة باستخدام مجموعات بيانات شاملة ومتنوعة، تشمل نصوصا من الأدب العربي والخطاب الثقافي، مع التركيز على الاختلافات الإقليمية لضمان معالجة دقيقة للتنوع الثقافي ضمن العالم العربي.

وعن واقع جهود خدمة اللغة العربية من بوابة الترجمة الآلية، قال مزروعي إن المؤسسات الجامعية والبحثية تعمل على تطوير تقنيات الترجمة، ولكنها تتمكن بعد من إنتاج نماذج قوية على المستوى العالمي، وهو أمر يعود أساسا إلى نقص الموارد المخصصة لتطوير البنية التحتية التقنية اللازمة لتدريب النماذج اللغوية الكبرى.

وأشار أيضا إلى أن التعاون بين المؤسسات الأكاديمية "محدود جدا وشبه منعدم" مع الشركات التكنولوجية الكبرى التي تملك الخبرات والموارد اللازمة لتطوير نماذج ذات أداء عال.

ولتعزيز جهود الجامعات والمؤسسات العربية في مجال الترجمة الآلية، يرى مزروعي أنه ينبغي التركيز على تقوية الشراكات بين المؤسسات الأكاديمية والتقنية، والتعاون مع شركات التكنولوجيا للاستفادة المتبادلة من الخبرات، وكذا تشجيع تأسيس مراكز أبحاث متخصصة وتوفير ميزانيات أكبر بما يسهم في تطوير أدوات ترجمة أكثر دقة وشمولا.

ودعا مزروعي في هذا الصدد إلى تنظيم مسابقات وتوفير منح بحثية بشكل يحفز في تعزيز الابتكار وتسريع تطور هذا القطاع، مبرزا أنه من الضروري أيضا إنشاء قواعد بيانات شاملة ومتنوعة تحتوي على نصوص عربية من مختلف التخصصات، مثل الأدب والتكنولوجيا، لتحسين جودة الترجمة الآلية للنصوص المتخصصة.

وعن احتمال أفول مهنة المترجم في ظل تنامي توظيف الذكاء الاصطناعي في الترجمة، قال مزروعي، إن الترجمة الآلية، وإن تكون فعالة في معالجة النصوص المباشرة والبسيطة، إلا أنها تواجه تحديات كبيرة في ما يتعلق بالنصوص الأدبية أو القانونية التي تتطلب دقة في فهم المعاني والمرامي، علاوة على أن الترجمة التي تأخذ في اعتبارها السياق العاطفي أو الثقافي ما زالت بحاجة إلى تدخل بشري.

وتبعا لذلك، فإن دور المترجمين يظل ضروريا في الترجمة المتخصصة التي تتطلب معرفة عميقة بالموضوعات المعقدة، كما أنه يعد عنصرا حيويا في ضمان دقة الترجمة وملاءمتها للثقافة المستهدفة.

وحسب الخبير، فإن الذكاء الاصطناعي إنما يعمل كمكمل لدور المترجم البشري وليس بديلا له، بحيث من المرجح أن يشهد المستقبل تعاونا بينهما حيث تستخدم التكنولوجيا لتسريع العمليات الروتينية، بينما يتولى الإنسان التعامل مع المهام الأكثر تعقيدا.

آخر الأخبار