البرلمان يفتح ملف تعليق الدعم الأمريكي ويدعو لإيجاد حلول سريعة

في ظل التطورات الدولية المتسارعة وتأثيراتها على الشراكات التنموية، أعلنت الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب قرارًا يقضي بتعليق أنشطة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) لمدة تسعين يومًا، مما أثار موجة من القلق في العديد من الدول المستفيدة من تمويل هذه الوكالة، ومن بينها المغرب.
القرار المفاجئ يهدد مشاريع وبرامج تنموية حيوية تعتمد على الدعم الأمريكي، ما قد يؤدي إلى اضطرابات كبيرة في مجالات مختلفة.
ودخل البرلمان على الخط حيث وجه النائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، محمد شوكي، سؤالًا شفهيًا إلى الحكومة حول الإجراءات التي تعتزم اتخاذها لمواجهة تداعيات هذا القرار.
وأكد النائب أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تلعب دورًا محوريًا في دعم الجمعيات وتعزيز قدراتها، من خلال تمويل مشاريع تهدف إلى تحسين الحكامة المحلية، دعم المقاولات الصغرى، وتعزيز حقوق المرأة والشباب، إلى جانب برامج التكوين والتأهيل المهني.
هذا القرار أثار قلق الجمعيات والمنظمات غير الحكومية التي تعتمد بشكل أساسي على هذا التمويل لتنفيذ برامجها التنموية والاجتماعية والصحية، حيث تعتمد العديد من المشاريع في المغرب على دعم الوكالة، لا سيما تلك المرتبطة بإعادة إعمار المناطق المتضررة من زلزال الحوز.
كما تموّل الوكالة الأمريكية برامج تنموية موجهة للفئات الهشة، مثل دعم التعاونيات القروية، وتعزيز الديمقراطية التشاركية، وتحسين جودة الخدمات التعليمية والصحية.
غير أن القرار الأمريكي الأخير دفع العديد من الجمعيات إلى تعليق أنشطتها بشكل مفاجئ، مما أدى إلى اضطراب واضح في سير المشاريع التي كانت تسير بشكل مستقر على مدى سنوات.
ولم تقتصر التأثيرات على الجمعيات فقط، بل امتدت إلى قطاع الصحة، حيث تعتمد بعض المؤسسات الصحية والجمعيات المهتمة بمحاربة الأمراض المزمنة على هذه المساعدات لضمان استمرارية خدماتها.
ومع توقف التمويل، قد تواجه الفئات الأكثر هشاشة، مثل المرضى الذين يتلقون علاجات مجانية أو منخفضة التكلفة، تحديات صعبة قد تهدد سلامتهم الصحية.
وفي هذا السياق، حذر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في تقرير له من أن مستقبل المساعدات الخارجية الأمريكية يواجه تحديات غير مسبوقة بسبب السياسات الجديدة للإدارة الأمريكية.
ورغم أن المغرب ليس من بين أكبر المستفيدين من هذه المساعدات مقارنة بدول أخرى في المنطقة، فإن تعليق التمويل قد يترك أثرًا سلبيًا واضحًا على عدد من برامجه التنموية التي تسهم بشكل مباشر في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
على المستوى الحكومي، بدأت تحركات مكثفة لإيجاد بدائل لتعويض النقص في التمويل، حيث أشار خبراء اقتصاديون إلى أن العديد من الاتفاقيات المبرمة مع مؤسسات حكومية وعمومية كانت تعتمد بشكل كبير على المساعدات الأمريكية، مما يضعها الآن أمام تحدي البحث عن شراكات جديدة تضمن استمرارية المشاريع.
ويرى الخبراء أن التأثيرات لن تقتصر فقط على الجانب التنموي، بل ستمتد إلى سوق الشغل، حيث توفر هذه المشاريع فرص عمل لعدد كبير من الشباب المغاربة سواء داخل الجمعيات المحلية أو في الإدارات المعنية.
وسبق أن وجه النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، عبد الله بوانو، سؤالًا كتابيًا إلى وزارة الاقتصاد والمالية حول التداعيات المحتملة لتعليق المساعدات الأمريكية، متسائلًا عن الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لضمان استمرار تمويل المشاريع المتضررة.
هذا التحرك البرلماني يعكس حجم القلق الذي يحيط بهذه الأزمة، خاصة أن بعض المشاريع كان من المفترض أن تتلقى دفعات مالية في المستقبل القريب، وهو ما يضع الحكومة أمام تحديات كبيرة لضمان استمرارية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في ظل غياب التمويل الأمريكي.