هل ضمِن بوتفليقة الفوز قبل الانتخابات حقاً؟

الكاتب : وكالات

09 فبراير 2019 - 01:30
الخط :

تبدو الانتخابات الجزائرية حدثاً لا يستحق المتابعة؛ فهي استحقاق على النمط العربي التقليدي، يضمن فيه الرئيس الطاعن في السن الفوز أمام منافسين شكليين، ولكن قائمة المرشحين في الانتخابات الرئاسية الجزائرية تستحق إعادة النظر في هذه الفكرة، فقد تحمل بعض المفاجآت.

وأعلنت أحزاب الائتلاف الحاكم بالجزائر رسمياً ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، في انتخابات الرئاسة المقررة 18 أبريل 2019. جاء ذلك في بيان مشترك، السبت 2 فبراير 2019، عقب اجتماع لقادة أحزاب التحالف بمقر حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم. ويبلغ عمر بوتفليقة 81 عاماً، وتعرض في عام 2013، لجلطة دماغية أفقدته القدرة على الحركة، لكنه واصل الحكم، حيث يظهر نادراً في التلفزيون الرسمي خلال استقبال ضيوف أجانب، أو ترؤُّس اجتماعات لكبار المسؤولين، إلى جانب رسائل لمواطنيه في المناسبات الوطنية والدينية.

وصل بوتفليقة للحكم في عام 1999 ولعب دوراً كبيراً في تحقيق الاستقرار والمصالحة الوطنية التي أنهت حرباً أهلية نشبت بعد إنقلاب الجيش إثر فوز الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية في مطلع التسعينيات. وفي حال فوزه بالانتخابات الرئاسية المقبلة، فإنها ستكون ولايته الخامسة.

شروط الترشح صعبة، وبالطبع فإن أفضل من تنطبق عليه هو بوتفليقة

وينص قانون الانتخابات الرئاسية الجزائرية على أنه يتعيّن على المترشح تقديم قائمة تتضمن على الأقل 600 توقيع فردي لأعضاء منتخبين في مجالس بلدية أو محلية أو برلمانية، موزعة على 25 ولاية على الأقل. أما في حالة استحالة جمع توقيعات المنتخبين المحليين أو الوطنيين، فبإمكان المترشحين جمع 60 ألف توقيع فردي للناخبين من 25 ولاية على الأقل. كما ينبغي ألّا يقل العدد الأدنى للتوقيعات المطلوبة في كل ولاية من الولايات المقصودة عن 1500 توقيع.

وفُرضت تعديلات أدخلت على الدستور شروطاً صعبة للترشح. إذ تنص المادة 87 من الدستور على أن الذي «يُنتخب لرئاسة الجمهورية يجب أن يثبت مشاركته في ثورة نوفمبر/تشرين الثاني 1954، إذا كان مولوداً قبل يوليو/تموز 1942″، وأن «يثبت عدم تورط والديه في أعمال ضد الثورة التحريرية إذا كان مولوداً بعد يوليو/تموز 1942». ويجب على المترشح أن يقدم شهادات تثبت هذين الشرطين، مع الملف الذي سيقدمه للمجلس الدستوري، لفحصه والتصديق عليه بالسلب أو الإيجاب. ولم يسبق أن رفض المجلس الدستوري ملف مترشح لأسباب تتعلق بالماضي الثوري، سواء تعلَّق الأمر بالمعنيِّ أو بوالديه.

بوتفليقة مرشحنا الوحيد.. هل هم صادقون؟

هناك العديد من المؤشرات والأحداث توحي بأن بوتفليقة سوف يترشح. منها تدشين مرافق عامة وتوزيع وحدات سكنية وإقالة بعض الولاة كاستجابة للمطالب الشعبية. واللافت أيضاً ظهور الرئيس بوتفليقة بعد غياب كبير عن الساحة الإعلامية. بالإضافة إلى ذلك تصريح العديد من الجهات باستمرارية بقاء النظام الحالي، على غرار خطاب الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني السابق جمال ولد عباس، الذي يؤكد على أن الرئيس هو المرشح الوحيد لجبهة التحرير (الأفلان)، والخطاب الأخير للوزير الأول أحمد أويحيى رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي. ولكن هناك مؤشرات، إضافة إلى تقارير إعلامية فرنسية تفيد بأن ترشح بوتفليقة ليس أمراً مسلماً به كما يبدو.

سيناريوهات مفاجئة أصبحت مطروحة

وترسم هذه المعطيات والتقارير سيناريوهات أخرى، تبدو صادمة للقارئ الجزائري والعربي. إذ تشير مجموعة من المعطيات لسيناريو مختلف، وهو أن بوتفليقة يمكن ألا يترشح، أو لا يتم ترشيحه من قبل الأحزاب الحاكمة. أبرز هذه المعطيات هي تأزم صحة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، وغيابه التام عن الساحة الإعلامية، خصوصاً في جنازة مراد مدلسي، رئيس المجلس الدستوري قبل أيام. اللافت أيضاً تأخر النظام الجزائري في الإعلان عن اسم مرشحه. وحتى بعد إعلان الأحزاب الحاكمة ترشيحها لبوتفليقة، فإن الرئيس لم يعلن عن ترشحه بشكل رسمي.

هل ضمِن بوتفليقة الفوز قبل الانتخابات حقاً؟

يرى تقرير لموقع AFRIC.COM أن هناك العديد من المعطيات والتحاليل التي تشير إلى أن استمرار بوتفليقة في قصر المرادية (قصر الرئاسة) ليس بالسهولة التي تسوَّق للعيان. ويستند الموقع إلى أن هناك تجاذبات وصراعات داخل مؤسسات النظام السياسي، خاصة بين جناح المؤسسة العسكرية الممثلة في شخص القايد الصالح، والرئاسة الممثلة في أخي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ومستشاره. ورغم حالة الجمود التي تهيمن على الأحزاب الجزائرية، وحالة الإحباط التي أصابت الشارع، فإن هناك مرشحين أمام الرئيس بوتفليقة يمكن أن يكونوا أكثر من مجرد ديكور سياسي.

أم يقدم النظام مرشحاً آخر غيره.. إليك أبرز المنافسين المحتملين

بموجب هذا السيناريو، فإن النظام قد يقدم وجهاً جديداً غير معروف على الساحة السياسية، بغية تجديد ثقة الشعب بالنظام، وبالتالي ضمان بقاء واستمرارية النظام الحالي. وفي حال عدم ترشح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، فإن فترة المخاض التي يمر بها النظام السياسي الحالي ستؤدي في نهاية المطاف إلى تقديم مرشح توافقي للنظام. وفي هذا الإطار، يظهر عدد من الأسماء المحتمل ترشحها من داخل النظام. أبرز المرشحين المحتملين من داخل النظام هما الوزير الأول الأسبق (رئيس الحكومة الأسبق) عبدالمجيد تبون، أو الوزير السابق للطاقة شكيب خليل.

تبون.. الرجل الذي قال لا للفساد فأقيل بعد ثلاثة أشهر

مما يزيد من فرص عبد المجيد تبون، في حال صحة هذا السيناريو، أن شخصية مثل عبدالمجيد تبون خلقت حالة مختلفة. تولى تبون رئاسة الحكومة عام 2017، من شهر مايو/أيار إلى أغسطس/آب من نفس العام، أي لمدة ثلاثة أشهر فقط. وخلال هذه الفترة القصيرة، طرح تبون خطاباً شرساً ضد رجال الفساد والمال في الجزائر. ودعا آنذاك إلى إصلاحات تفصل بين عالم المال والسياسة، لأنها في نظره هي مصدر الفساد المستشري في البلد. وهو الأمر الذي أكسبه شرعية أكبر لدى الأوساط الشعبية، لكن منهجه وأدواته في التغيير وإعلان حربه ضد عصابات المال والعقار في الجزائر كانت سبباً في إقالته من منصبه واستبداله بأحمد أويحيى.

آخر الأخبار