تسليم المفاتيح للأسر يتسارع.. هل تودع الدار البيضاء السكن العشوائي قبل 2027؟

الكاتب : انس شريد

12 مايو 2025 - 11:50
الخط :

تتواصل بمدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة، عمليات إعادة إسكان قاطني دور الصفيح بوتيرة متسارعة، في إطار ورش اجتماعي غير مسبوق يستهدف إنهاء السكن العشوائي قبل موعد احتضان المغرب لمباريات كأس العالم 2030.

ودخل المشروع، الذي انطلق منذ سنوات، مرحلته الحاسمة مؤخرًا، بدفعة قوية من السلطات الجهوية والمحلية، تحت إشراف مباشر من والي جهة الدار البيضاء-سطات، محمد امهيدية، الذي يقود عمليات الترحيل وتتبع مراحل التنفيذ ميدانيًا.

خلال الأيام الماضية، شهدت عمالة الحي الحسني تسليم مفاتيح شقق جديدة لعدد من الأسر المستفيدة، في لحظة اعتبرها العديد من المعنيين نهاية فصل مؤلم وبداية حياة كريمة.

وتأتي المبادرة ضمن تنفيذ برنامج القضاء على دور الصفيح، الذي يشمل أزيد من 62 ألف أسرة عبر الجهة، ويطمح إلى إعلان مدينة الدار البيضاء خالية من السكن العشوائي في أفق سنة 2027.

وعبر المستفيدون عن ارتياحهم لسرعة معالجة الملفات، وثمنوا الجهود المبذولة من طرف السلطات، خصوصًا في ما يتعلق بضمان الشفافية والنزاهة خلال مراحل الانتقاء والترحيل.

البرنامج يشمل إعادة إسكان آلاف الأسر، موزعة على عشرات الدواوير، من بينها 2600 أسرة بعمالة الحي الحسني وحدها، سيتم نقلها إلى مشروع "أناسي رياض السلام"، الذي قطع أشواطًا مهمة بعد الانتهاء من بناء الشطر الأول بـ991 شقة، في انتظار استكمال الشطر الثاني في أفق 2026.

ويعد المشروع واحدًا من أبرز النماذج التي تعكس إرادة الدولة في مواجهة السكن غير اللائق، من خلال مقاربة تجمع بين البعد الاجتماعي والتخطيط الحضري المتوازن.

ومع احتدام السباق نحو إنجاح رهان كأس العالم 2030، كثفت السلطات من عمليات الهدم والإفراغ في عدد من المناطق التي كانت تُعدّ معاقل للسكن الصفيحي.

ودخلت الجرافات في الأسابيع الماضية، إلى دوارات عريقة كـ"أولاد ملوك" و"الحلحال" بسيدي البرنوصي، و"ضاي ضاي" بالهراويين، و"دوار المخازنية" بحي العنق، بالإضافة إلى "كاريان الواسطي" وأخرى عديدة، حيث تم تنفيذ عمليات ترحيل شاملة تحت مراقبة ميدانية صارمة.

بعض سكان هذه المناطق استقبلوا العملية بمشاعر مختلطة، بين الألم على فراق مساكن ارتبطوا بها لعقود، والتطلع إلى حياة أكثر كرامة في شقق لائقة.

ورغم هذا التقدم، لا يخلو المشروع من تحديات، خاصة فيما يتعلق بمخاوف بعض الأسر من عدم استفادتها أو حدوث اختلالات في توزيع الشقق.

هذه التخوفات دفعت الجهات المنتخبة إلى عقد لقاءات مستمرة مع ممثلي الساكنة، بهدف طمأنتهم وتقديم ضمانات كافية حول شروط الاستفادة، بما يحفظ كرامتهم ويضمن العدالة الاجتماعية في تنفيذ هذا التحول الحضري.

وتُقدّر الميزانية الإجمالية التي تم رصدها لتنفيذ هذا البرنامج الضخم بحوالي 18.6 مليار درهم، بتمويل مشترك من وزارة إعداد التراب الوطني، ووزارة الاقتصاد والمالية، ومجلس جهة الدار البيضاء-سطات، فضلًا عن مساهمات رمزية من الأسر المستفيدة.

ويُنتظر أن يشكل هذا الاستثمار الكبير نقطة تحول في مسار التنمية الحضرية للدار البيضاء، التي تضم وحدها حوالي 63% من إجمالي سكان دور الصفيح بالمغرب، حسب معطيات رسمية أدلت بها وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير، فاطمة الزهراء المنصوري.

وفيما تتواصل عمليات الترحيل والهدم في مختلف أطراف المدينة، تظل الأنظار معلقة على ما تبقى من أحياء صفيحية كدوار "بيه" في عين السبع، حيث تُرابط الجرافات في انتظار الضوء الأخضر للبدء في إزالة ما تبقى من معالم السكن العشوائي بالعاصمة الاقتصادية.

ومع اقتراب الموعد الحاسم لتنظيم المونديال، يرتفع منسوب الترقب حول ما إذا كانت الدار البيضاء ستنجح فعلًا في طي صفحة الكاريانات بشكل نهائي، وتقديم نموذج حضري يُحتذى به يعكس طموحات المغرب التنموية والتحديثية.

آخر الأخبار