تعقيدات منصة "رخص" تستنفر البرلمان وتثير قلق المستثمرين

تشهد منصة "رخص" الخاصة بتدبير الرخص التجارية، والتي أُنشئت في إطار جهود رقمنة الإدارة وتبسيط المساطر الإدارية، موجة من الانتقادات المتزايدة من طرف عدد من المهنيين والمستثمرين، الذين يعبّرون عن استيائهم من تعقيدات متكررة تعرقل الاستفادة السلسة من خدماتها.
وترى أصوات مهنية وفاعلون في مجال الأعمال أن هذا التعطيل الإداري الرقمي يضعف ثقة المقاولين في قدرة الدولة على تنزيل وعود التحول الرقمي وتحسين مناخ الأعمال، لاسيما في ظل تفاقم التحديات المرتبطة بتأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والتي تتطلب وضوحاً في الإجراءات وسرعة في الاستجابة.
وقد دخل البرلمان على الخط من خلال مساءلة الحكومة بشأن أداء هذه المنصة، حيث وجهت النائبة البرلمانية سلوى البردعي، عن المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، سؤالاً كتابياً إلى وزير الصناعة والتجارة رياض مزور، حول التعقيدات الإدارية التي يواجهها المرتفقون عبر منصة "رخص" الإلكترونية، المخصصة لتدبير الرخص التجارية، والتي أُطلقت في إطار جهود الحكومة الرامية إلى تبسيط الإجراءات وتحفيز الاستثمار.
وتساءلت البرلمانية عن جدوى هذه المنصة التي كان يفترض أن تُحدث تحولاً رقمياً يسهم في تسريع معالجة الطلبات، وتسهيل مساطر الترخيص، ورفع الحواجز البيروقراطية التي طالما شكلت عقبة أمام المستثمرين والمقاولين الشباب.
وأشارت البردعي في سؤالها إلى أن عدداً من المرتفقين أصبحوا يعبّرون عن استيائهم من الخدمات التي تقدمها المنصة، معتبرين أن استخدامها بات يكرّس مظاهر البيروقراطية عوض تجاوزها، بفعل ما وصفته بتعدد العراقيل التقنية والإجرائية، من أبرزها غياب التفاعل السريع مع الطلبات، والبطء الكبير في معالجة الملفات، فضلاً عن عدم وضوح المساطر، مما يُفضي، في نهاية المطاف، إلى إحباط المبادرات الفردية، وتعميق الفجوة بين الخطاب الرسمي المتفائل والممارسات اليومية التي يواجهها المواطنون والمستثمرون.
وانتقدت النائبة البرلمانية التأخر الملموس في تحقيق الأهداف المرجوة من رقمنة الإدارة، خاصة في ظل ما اعتبرته غياباً للحكامة الفعالة والسرعة المطلوبة في التفاعل مع طلبات المرتفقين، مطالبة الوزارة المعنية بالكشف عن التدابير المستعجلة التي تعتزم اتخاذها لمعالجة هذا الوضع، وإعادة توجيه هذا الورش الرقمي نحو تحقيق غاياته الأصلية المتمثلة في تبسيط المساطر، وتحسين مناخ الأعمال، وتعزيز ثقة المستثمرين في المرفق العمومي.
ويأتي هذا التحرك البرلماني في سياق تزايد الانتقادات الموجهة إلى مجموعة من المنصات الرقمية التي أطلقتها الحكومة المغربية في السنوات الأخيرة، والتي، رغم ما تحمله من طموحات في تحديث الإدارة وتقريبها من المواطن، إلا أن عدداً منها يُتهم بإعادة إنتاج نفس تعقيدات الإدارة التقليدية بصيغة إلكترونية، بدل أن تكون مدخلاً فعلياً لإصلاح عميق وشامل يقطع مع مظاهر البطء والغموض والإجراءات غير المنسقة.
ورغم أن الحكومة تؤكد أن المعالجة تتم بطريقة رقمية بالكامل، بما في ذلك التوقيع الإلكتروني من قبل رؤساء الجماعات الترابية، إلا أن المعارضة البرلمانية تؤكد أن الواقع لا يرقى إلى مستوى الطموحات، لا من حيث سرعة التجاوب ولا من حيث شفافية الإجراءات.
وتأتي هذه الانتقادات في وقت تقول فيه الحكومة الحالية إنها نجحت في خلق دينامية استثمارية غير مسبوقة، مشيرة إلى أن مشاريع كبرى، كاحتضان المغرب لمونديال 2030، تُعد دليلاً على جاذبية مناخ الاستثمار، وعلى توفر أرضية مناسبة لاستقطاب المشاريع الكبرى، نتيجة الدمج بين تحسين مناخ الأعمال وتوفير بنية تحتية تنظيمية وتشريعية ملائمة.