هكذا انشغل العالم بـ"كورونا" وانشغلت الجزائر بالمغرب

هشام رماح
انشغلت كل البلاد والعباد في المعمورة بـ"كورونا" وانشغل النظام الجزائر بالمغرب لتعليق الفشل الذي يلاحقه في تطويق الجائحة، فقد استبد السعار بخصوم المملكة في لجُّةَّ الطاريء الصحي، لأن في الأمر غاية قصوى.. تحويل دفة اهتمام الشعب المحاصر بالفيروس نحو الجار العدو.. وبذلك تتلاشى التساؤلات حول الحصيلة الحقيقية التي خلفها ولا زال يخلفها COVID-19.
وإن كان الجميع يحث السعي لإيجاد لقاح فعال ضد "كورونا" فإن الأعز على الجميع يظل إيجاد لقاح ضد فيروس "الضغينة" التي يحتفظ بها حكام الجزائر تجاه المملكة، فكل من تعاقبوا على الجارة الشرقية اختلفوا في كل شيء إلا في خذلان الشعب الجزائري مع عدائهم الشديد للجيران في الغرب..
وكخلف لسلف خرج مغضوبا عليه من قصر المرادية، لم يحد عبد المجيد تبون، الرئيس الجزائري الذي نزل بمظلة عسكرية فوق كرسي الرئاسة عن عقيدة العداء للمغرب الراسخة في نفوس جنرالات لم يخوضوا حربا حقيقية بالمرة وينتصبون كمسامير أمام وحدة المصير التي ترهن الشعبين الشقيقين.. ومن يبالي بالشعب و"بزولة" العسكر تدر العطايا على كل من ينافح عن هكذا عقيدة.
وأصبح "تبون" شاغل الناس في الجزائر والمغرب تحت جنح "كورونا".. فالرجل آثر خلال الفترة التي تستوجب الاهتمام بالخطط والسياسات الكفيلة بتطويق الفيروس القاتل، السير عكس التيار.. وتسويق صورة مغايرة لأرض الواقع عبر اللمز والغمز والتلميح "الصريح" للمغرب وراح يهذي باستعراض مقارنات أمال فيها الكفة للجزائر.. ولا عزاء له غير الكلام أما الحقيقة فهي ساطعة أمام العيان.
وإذ يعتقد النظام العسكري قويا في إثارة النعرات مع المغرب، وربط سبب وجوده بوجود عدو في الغرب يتربص بالبلاد، انكفأ عبد المجيد تبون عن هذا الأمر الحقيقي وألصق بالجيش الجزائري عنوة صفة "الجيش المسالم الذي لم يسبق له أن شارك في عدوان ولن يشارك مستقبلا"، وكعادته لم ينس اللمز إلى المغرب وهو يضيف في حوار له أن هناك "جهة توسعية تتدخل في العديد من النزاعات، وتتهم الجزائر اليوم "بتوفرها على جيش تدخل".
إنه هذيان معتاد من النظام العسكري الجزائري والمتمسحين به، لكن الهذيان يتلاشى على صخرة الواقع التي تفيد أن الجزائر لم تدخر جهدا يوما لتقويض مساعي المملكة في رأب الصدع المستشري بين البلدين الجارين، وقد أصبغت أطماعها التوسعية في الحصول على نافذة نحو المحيط الأطلسي باحتضانها جبهة "بوليساريو" الانفصالية وتوطينها في أراضيها، مع الحرص الشديد على تسميم أجواء المفاوضات التي انطلقت قبل سنوات عدة تحت إشراف الأمم المتحدة وووو.. إنه غيض من فيض كراهية ومناورات خسيسة لا تنقطع ورغم ذلك يعلو الادعاء بأن النظام العسكري الجزائري مسالم.. أليس هذا هو الهذيان؟