ما هي المطابخ السحابية التي تغزو العالم ؟

أعلنت منصة المطابخ السحابية كيتوبي Kitopi حصولها على تمويل بقيمة 415 مليون دولار أمريكي، وذلك ضمن جولة استثمارية من فئة (Series C) ، وجاءت هذه الجولة بقيادة صندوق رؤية سوفت بنك 2، وبمشاركة مجموعة من صناديق الاستثمار القوية مثل Chimera، و DisruptAD، B. Riley، Dogus Group، Next Play Capital، و Nordstar.
الخبر الذي طرح تساؤلات عديدة لدى رواد الأعمال والمستثمرين وحتى العملاء العاديين؛ ما هي المطاعم السحابية التي تمثلها منصة كيتوبي ؟ وما سبب اقبال صناديق الاستثمار والمستثمرين الأفراد على هذا النوع من الشركات الناشئة ؟ وما السبب وراء صعود هذه الشركات بقوة في عالم الشركات الناشئة المتخصصة في توصيل الطعام ؟
فيما يلي كل ما تود معرفته عن المطاعم السحابية.
تعرف أيضًا باسم المطابخ المعتمة Dark Kitchens، ويقصد بها المطاعم التي تقدم خدمة الطعام للعملاء ولكن عبر التوصيل فقط، بمعنى أنه لا يوجد بهذه المطاعم أماكن لجلوس العملاء بها وتناول الطعام، فهي عبارة عن مطبخ يقوم بتحضير الطعام الذي تم طلبه من قبل العملاء بواسطة تطبيقات طلب الطعام، ومن ثم توصيله عبر شركات توصيل الطعام، أي لا وجود للعملاء بهذا النوع من المطاعم، فقط الطباخين والعاملين والمسؤولين عن توصيل الطعام.
كما يمكن لمجموعة من المطاعم المختلفة أن تقدم وجباتها من خلال نفس المطبخ، بمعنى أن المطابخ السحابية تضم مطبخ مشترك وطاقم طبخ وطاقم توصيل، لتتشارك به العديد من العلامات التجارية في هذا، وأحيانًا تختار بعض العلامات التجارية أن تتعاون مع الطباخين والعمال الخاصين بها فقط.
الهدف من إنشاء المطابخ السحابية هو التركيز على إعداد الطعام فقط، وتوفير العمالة، ومساعدة أصحاب المشاريع المبتدئين الذين يرغبون في افتتاح مطاعمهم في توفير رأس المال، والبدء في مشروعهم من خلال العمل على بنية تحتية موجودة بالفعل.
كيف تعمل المطابخ السحابية ؟
كما وضحنا سابقًا تعمل المطابخ السحابية على فكرة مشاركة البنية التحتية التي تحتاجها أي علامة تجارية متخصصة في الطعام لتقديم خدماتها للعملاء، مع التعاون مع شركات طلب الطعام أونلاين، وشركات توصيل الطعام للمنازل، أي أنها لا تتعامل مع العميل بشكل مباشر مطلقًا، فهي لا تفتح أبوابها للعملاء وإنما تتستقبل منهم الطلبات أونلاين وترسل إليهم الوجبات للمنزل.
وتعمل المطابخ السحابية على غرار كيتوبي بـ 3 نماذج تجارية مختلفة هي :
النموذج الأول:
يقوم بتقديم المطبخ مجهز بكافة المعدات والأدوات اللازمة، والخدمات التقنية والتكنولوجية لاستقبال الطلبات وارسال الطعام، للمطاعم والعلامات التجارية الموجود بالفعل، مقابل إيجار شهري على هذه الخدمات المقدمة، وهذا النموذج تقدمه شركة OneKitchen الناشئة، وشركة Kitchen Nation.
هناك شركات ناشئة أخرى تضيف مجموعة من الخدمات الإضافية على جميع ما سبق؛ مثل توفير الطهاة والعمال وغيرهم من الموظفين لتلك المطاعم، ومساعدة المطاعم على التسويق لنفسها، ومساعدتها في شؤون الإدارة أيضًا، ومن هذه الشركات شركة كيتوبي Kitopi الناشئة التي تمتلك 30 مطعمًا في دول مختلفة حول العالم.
أما النموذج الثاني :
يتمثل النموذج الثاني للمطابخ السحابية في المطابخ الإفتراضية، فالنموذج السابق يقدم خدماته لمطاعم وعلامات تجارية موجودة بالفعل، أما النموذج الثاني يتعاون مع مطابخ افتراضية بمعنى أن يضم المطبخ السحابي الواحد عشرات العلامات التجارية التي تخرج جميعها من المطبخ نفسه.
على سبيل المثال شركة Sweetheart Kitchen الناشئة التي تملك أكثر من 30 اسم تجاري خاص بها، وأيضًا شركة Jeetek Group والتي تقدم منتجاتها تحت 20 اسم مختلف، وكلا الشركتين تقدم أطباقهما تحت عشرات العلامات التجاربة المختلفة رغم أن المطبخ واحد والطهاة هم أنفسهم.
ويعتمد هذا النموذج امتلاك علامات تجارية متنوعة يديرها مطبخ سحابي واحد، وذلك بهدف التحكم في تكلفة الطعام والمشتريات والمرونة في البيع.
وأخيرًا النموذج الثالث:
أما النموذج الثالث فيمكننا القول أنه يضم جميع ما سبق، أي أنه يقدم للمطاعم بنية تحتية جاهزة لمباشرة أعمالهم، مجهزة بكافة الأدوات والخدمات المادية والتقنية اللازمة، بالإضافة إلى مساعدة هذه المطاعم على خلق علامة تجارية لهم، وتحضير قوائم الطعام لهم، وأيضًا مساعدتهم في التسويق لمنتجاتهم، وأخيرًا منحهم الأنظمة التكنولوجية المطلوبة لاستلام طلبات العملاء أونلاين، وإرسال الطعام لهم حتى باب البيت.
وهذا النموذج هو الأقل انتشارًا بين النماذج التجارية الثلاثة للمطاعم السحابية، وتعتبر شركة Krush Brands الناشئة من أوائل الشركات التي اعتمدت هذا النموذج في العمل.
مزايا المطابخ السحابية
– تمكن المطابخ السحابية مثل شركة كيتوبي رواد الأعمال المبتدئين البدء في مشروعهم برأس مال بسيط، فانشاء مطعم عادي يكلف نحو 150 ألف دولار محد أدنى، لكن الحصول على مساحة خاصة في مطبخ سحابي لا تتجاوز تكلفته الـ 10 آلاف دولار.
– لا تشترط المطابخ السحابية وجودها في أماكن حيوية وجذابة للعملاء، وذلك بحكم أنها لا تفتح أبوابها للعملاء، بل إن بعض المطابخ السحابية تعمل في جراج سيارات أو المجمعات الصناعية أو الأزقة الجانبية، وهو ما تقوم به شركة ديلفيرو التي بدأت انشاء المطابخ السحابية في أماكن غير تقليدية، حيث تقوم بتحويل الحاويات القديمة لمطابخ بهدف توفير المال الذي يتم دفعه في الإيجار.
– يحتاج المطعم العادي لثلاثة أشهر على الأقل لتجهيزه، بينما يمكن لرواد الأعمال البدء في العمل مباشرة في المطابخ السحابية.
– في الفترة الحالية اضطرت العديد من المطاعم إلى غلق أبوابها لشهور بسبب تفشي فيروس كورونا، وللحد من التجمعات بقدر الإمكان، لكن في المطابخ السحابية لا جمهور لا عملاء، الطهاة فقط والموظفين ويتم إرسال الطعام للعملاء حتى باب المنزل، لذلك فرصة الاستمرار في المطابخ السحابية أكبر بكثير من المطاعم العادية المهددة بالغلق في أي وقت بسبب فيروس كورونا.
– تحقق المطابخ السحابية نسبة أكبر في الإيردات والأرباح من المطاعم العادية، والأسباب كثيرة أولها؛ أن المطبخ السحابي يمكنه العمل مع أكثر من علامة تجارية في وقت واحد، بينما المطاعم العادية لا تخدم سوى علامتها التجارية هي.
السبب الثاني هو أن المطابخ السحابية توفر في الإيجار والديكور وكل هذه الأمور التي لابد منها في المطاعم العادية، والسبب الثالث أن انتاجية المطابخ السحابية أكبر بكثير حيث يمكن للمطبخ السحابي انتاج 150 طلب في ساعة وإنهاء طلب كل دقيقة.
السبب الرابع والأخير هو المطاعم السحابية تنفق تكلفة أقل بكثير من المطاعم العادية فيما يخص خدمة التوصيل، والسبب أنها تتعاون مع شركة توصيل واحدة تخدم عشرات العلامات التجارية التي يعمل عليها المطبخ السحابي.
توقعات بازدهار سوق المطاعم السحابية في المنطقة العربية
ليست فقط الجولة التمويلية لمنصة كيتوبي هي ما تنذر بانتشار ثقافة المطابخ السحابية في المنطقة في الفترة المقبلة، بل هناك العديد من العوامل والإشارات التي تدل على غزو قريب في عالم الشركات الناشئة من قبل الشركات المتخصصة بالمطاعم السحابية.
حيث وصل حجم سوق طلب الطعام أونلاين في الشرق الأوسط إلى 6 مليار دولار أمريكي في عام 2019، ومن المتوقع أن ترتفع قيمة السوق إلى 11.9 مليار دولار بحلول 2026.
وجدير بالذكر أن 60% من أرباح المطاعم في المنطقة تأتي من الطلبات الإلكترونية، حيث تحتل السعودية المركز الأول في قائمة الدول العربية التي تعتمد خدمة طلبات الطعام أونلاين، ويليها في المركز الثاني الإمارات العربية المتحدة، فضلًا عن أن الإمارات حاليًا تعتبر مركزًا للشركات الناشئة التي تعمل في المطابخ السحابية.
كل هذه العوامل تشير إلى أن صناعة المطابخ السحابية؛ ستزداد انتشارًا في الفترة المقبلة، وسيتوجه الكثير من رواد الأعمال والمستثمرين على حد سواء إلى هذه الصناعة، وهو ما لمسناه بالفعل حاليًا في شركات المطابخ السحابية الناشئة في المنطقة، فعلى سبيل المثال تمكنت شركة Sweetheart Kitchen من الحصول على تمويل بقيمة 24 مليون دولار، وتمكنت أيضًا شركة Kitopi من إغلاق جولة تمويلية بقيمة 415 مليون دولار، وغيرهم من شركات المطاعم السحابية الأخرى.