"تماغربيت" التي أبهرت العالم في فاجعة الطفل ريان أفضل مجسد لمعنى الإنسانية

الكاتب : الجريدة24

07 فبراير 2022 - 01:45
الخط :

وقف بابا الفاتيكان منبهرا أمام حشود الآلاف من الشعب المغربي أمام حفرة البئر التي سقط فيها الطفل ريان، ووصف الجهود التي بدلت لمحاولة إنقاذه من حفرة جب لعدة أيام  بقرية في المغرب بالأمر "الجميل''.

من حق بابا الفاتيكان أن يستغرب للموقف الذي عبر عنه المغاربة ملكا وشعبا وإدارة، في التعامل مع الحادث المأسوي للطفل ريان، فهو لا يعرف السر المكنون لدى المغاربة في تعاملهم مع الفواجع.

ما شد انتباه بابا الفاتيكان، هو روح تماغربيت التي تجمعت جسدا وروحا حول الحفرة التي سقط فيها ريان، وبقيت صامدة لمدة خمسة أيام بلياليها، في قرية نائية تصل فيها درجة الحرة بالليل إلى تحت الصفر.

ما شاهده بابا الفاتيكان ومعه عموم دول العالم، هو روح تماغربيت، التي تتجلى بشكل تلقائي لدى المغاربة خلال الفواجع التي تصيب احدهم.

تلك الأخلاق المتوارثة أبا عن جد، في كل زقاق وحي ومدينة وقرية.

عند الفاجعة ومصيبة الموت، توارث المغاربة منذ قرون أن أهل الميت لا يحملون أي هم طيلة فترة الفاجعة.

ما بثته قنوات الإعلام الدولي عن نسوة دوار ريان، وهن منشغلات بإحضار وجبات الكسكس للضيوف والمواسين سواء من أهل عائلة ريان أو الغرباء عن الدوار، هي عادة راسخة عند المغاربة في مثل هذه المناسبات.

لا احد يعرف كيف تنصب خيام العزاء أو متى  تعد أطباق الكسكس التي يجدها المعزون عندما يفرغون من مراسيم الدفن.

هذه العادة الجميلة موجودة فقط عند المغاربة، نجدها في كل حي وزقاق ودوار، ولا يمكن محوها من ذاكرة الأجيال، مهما فعلت المدنية والحداثة فينا، إنها جزء من جيناتنا المتوارثة.

إنها روح تماغربيت الأصيلة التي تتجلى في الفواجع، وبذلك يجسد المغاربة روح الأثر النبوي  الشريف" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

لا يحتاج المغاربة إلى من يلقنهم الدروس في تنظيم صفوفهم عندما يحتشدون للتآزر فيما بينهم خلال الفواجع.

المغاربة خير شعوب الأرض في التآزر والتضامن خلال الفواجع ومصيبة الموت.

كل شي يرخص أمامهم عندما يرون قريب لهم في ضائقة او فاجعة.

منذ أن خرجنا إلى هذه  الدنيا ونحن لا نعرف سر الدافع الذي كان يدفع أمهاتنا إلى الهرولة عند الجيران أو الأقارب المفجوعين في مصاب لهم في حادث، او مريض او شخص على سرير الاحتضار.

إنها روح تماغربيت، أكبر مجسد لمعنى الإنسانية ذلك الشعار الذي حار عقلاء وحكماء العالم في البحث عمن يجسده.

آخر الأخبار