جريمة مؤنثة... حرضت عائلتها لقتل زوجها  

جريمة مؤنثة... حرضت عائلتها لقتل زوجها

الكاتب : الجريدة24

18 مارس 2023 - 02:00
الخط :

جريمة مؤنثة... حرضت عائلتها لقتل زوجها

رضا حمد الله

جريمة مؤنثة... حرضت عائلتها لقتل زوجها

باكرا غادر منزله في ذاك الصباح الصيفي كما يفعل أهل القرية. إنه موسم الحصاد ولا كسل معه. قطع مسافة في اتجاه حقله البعيد، وهو ينعرج عبر طريق أضيق، رأى شيئا وسط الزرع على مرمى حجر من حيث يوجد. إنه شخص منبطح أرضا. أسرع إليه لمعرفة ما وقع له ولمساعدته. لكنه ما أن اقترب منه وحركه، حتى صاح في الناس طلبا لإسراعهم. إنه جثة هامدة.

لم يكن صعبا تعرفه عليه، فهو من أبناء القرية يعرفه حق المعرفة. كان منبطحا على بطنه فوق منجل حصاد. وقبل أن يتجمع الناس داهمته الحيرة حول سبب وفاته. قد يكون باغثه المرض أثناء الحصاد فسقط فوق المنجل، لكنه لم يكن قيد حياته مريضا فصحته كانت جيدة ولم يزر الطبيب أبدا ولو أنه في الثلاثينات من عمره. كثيرة هي الاحتمالات التي خطرت بباله، ولم يتوقع قتله فليس له أعداء هذا الإنسان البسيط، اللهم من سوء تفاهم أحيانا مع زوجته سرعان ما يذوب.

علا الصياح والنداءات وتجمع الناس واتصلوا بعون السلطة الذي قام بالواجب، فحضر الدرك وأحاطوا الجثة بحاجز لمنع اقتراب الناس من الجثة إلى حين الانتهاء من الإجراء وتمشيط المكان بحثا عن أدلة وقرائن. لم تطل العملية وتصوير الجثة واستفسار الشاهد، ونقلت إلى مستودع الأموات بالمستشفى لتشريحها. إضافة للجرح الغائر في بطنه، كانت الجثة تحمل خدوشا وأثر زرقة في العنق.وهذه العلامات أثارت شكوك الدرك.

احتمال قتل الضحية وافتعال وفاته أثناء الحصاد، مطروح وأكده التشريح الطبي من طرف الطبيب الشرعي. هذا الفلاح مقتول، لكن من قتله؟. سؤال حاول المحققون إيجاد جواب له بأقصى سرعة. استمعوا لعائلته وأصهاره وزوجته والجيران، ولم يهتدوا ولو لخيط رفيع يقودهم لفك لغز الجريمة. الجميع ينكر التورط في قتله أو علمه بما وقع له، بل كثيرهم أكدوا أنهم لم يروه يومين قبل العثور على جثته في ذاك الفدان.

لم يكن للضحية نزاع مع أحد من الدوار، اللهم من تبادله الضرب والجرح مع شقيق زوجته قبل سنة، في نزاع فض وتصالحا وعاد الود لعلاقتهما. أما زوجته فكانت له معها خلافات تجاوزاه آخرها قبل أسبوع لما عاتبها على تأخرها في إعداد وجبة غذائه، ففرت لمنزل عائلته المجاور في نفس القرية، قبل أن يحاول إعادتها لبيت الزوجية وطي الصفحة وبدء أخرى كما يفعل في كل مرة يتخاصمان فيها.

استهل المحققون بحثهم من المحيط العائلي للضحية. استمعوا لكل من يمكن أن يفيد واستعانوا بالكلاب المدربة التي كان لها دور كبير في كشف ما لم تكشف الأبحاث والتحريات الميدانية خاصة أمام إنكار الجميع لعلمه أو علاقته بالجريمة. جميع من استمع إليهم لم يفيدوا البحث في شيء. لكن الكلاب أفادت كثيرا بعدما تعقبت رائحة ملابس الضحية إلى مكان لم يتوقعه أحد. هذا الحيوان توجه مباشرة إلى منزل الأصهار. مفاجئة لم يتوقعها أحد.

بحث المحققون في منزل الأصهار، فلم يجدوا أثرا لقرينة مادية، وعمقوا البحث مع كل أفراد العائلة. الأب وابنه وابنته والزوجة الفارة من بيت الزوجية بعد خلاف بسيط. حوصروا بأسئلة دقيقة فتشبثوا بالإنكار، لكن صمودهم لم يطل. التدقيق في المعلومات والإفادات والتضارب في التصريحات، فضحهم. الزوجة أول من انهارت واعترفت بتفاصيل تحريضها عائلتها ضد زوجها بعدما حضر لجبر خاطرها وإرجاعها لبيت الزوجية، وبعدما أحيى النقاش جرحا لم يندمل في قلب أخيها ضحية اعتداء زوجها قبل سنة.

في ذاك اليوم حل بمنزل أصهاره وهو يمني النفس بالصلح مع زوجته الفارة بسبب نزاع بسيط. استقبلوه وبينما هم على طاولة العشاء، تجدد النقاش وتبادل الاتهامات مع زوجته بشكل زاد منسوب الفضب لدى الجميع. فتلاسن معهم دون أن يدري أنهم سيحكمون قبضتهم عليه ويخنقوه إلى أن لفظ أنفاسه. ولما تيقنوا من وفاته فكروا في طريقة للتخلص من الجثة ومحو أثر الجريمة وإبعاد الشبهة عنهم.

تعاونوا على حمله إلى الحقل حيث وجد، ليلا وقي غفلة من كل سكان الدوار الذين كانوا نياما. وضعوه هناك على نفس الوضعةالذي وجد عليه، وعادوا أدراجهم إلى المنزل وكأنهم لم يفعلوا شيئا. وظلوا كذلك يومين إلى أن عثر على الجثة. ذاك ما اعترفوا به تمهيديا وفي سائر مراحل المحاكمة أمام غرفة الجنايات التي وزعت عليهم عقوبات متفاوتة تراوحت بين 5 و10 سنوات أقصاها للزوجة وشقيقها.

آخر الأخبار